د. أمين حسن عمر يكتب: الجميع…. إلا المؤتمر الوطني!

#مجرد_رأي

الجميع…. إلا المؤتمر الوطني

اللازمة اللفظية السياسية ( ألا المؤتمر الوطني) في خطاب العسكريين وبعض السياسيين تكررت ولا تزال تتكرر فيا ليت شعري لأي عنوان بريدي هي مرسلة ؟؟… هل هو عنوان بريدي في الداخل أم الخارج؟؟ وما هي دوافعها؟؟ هل هي تخوف من منافسة قوية من حزب المؤتمر الوطني لطموحات سياسية لدي طامحين عسكريين وسياسيين يظنون أن الولاء للمؤتمر الوطني تمكن وراثته أو على الأقل ضمان تحييده في معركة إنتخابية قادمة؟؟ أم أن العبارة التي صارت لازمة دائمة في كل خطاب لزوم التنصل من المؤتمر الوطني لخوف إتهام بإنبعاث ولاء قديم ؟؟أم ربما العبارة مرسلة لبريد خارج السودان لطمأنة وجل الوجلين وتأمين خوف الخائف من عودة للمؤتمر الوطني مثل (الزومبي) محمولا على أكتاف أو أصوات الجماهير في أول إستحقاق انتخابي؟؟ وما يجوز على الطامحين من العسكريين قد يجوز أيضا على قوى سياسية دخلت الملعب مؤخرا وتظن أن غياب اللاعبين المحترفين ستكون عائدته زيادة وافرة في فرصها السياسية . و الرأي عندي كان دائما إن الأحزاب الكبرى مثل المؤتمر الوطني و الاتحادي الديموقراطي وحزب الأمة لابد لها أن تتجدد بحيث تكتسب هوية جديدة أكثر التزاما وإلتصاقا بالقواعد الشعبية وأكثر قدرة على تحريك الفاعليات القاعدية فأن فشلت أن تفعل ذلك فلن يكون بديل التجدد د إلا التبدد الذي قد يأخذ شكل إنقسامات أو خسارة واسعة لقواعد كانت موالية لها، وكان الرأي عندي دائما إن السودان في حاجة لأحزاب وقوى سياسية جديدة لا تحمل فيروسات الأحزاب القديمة من قلة قدرة على التجدد الفكري و التنظيمي والقيادي. ولست ممن يعول على الأسماء والعنوانين السياسية فالفكرة و التنظيم هما ما يصنعان الهوية السياسية.

بيد أن الباحث الموضوعي سوف يشهد أن المؤتمر الوطني كان حظه دائما أفضل ممن سواه في ممارسة الشورى و الديمواطية الداخلية، وإن كان حظا منقوصا، وكانت قدرته على الحوار وقبول الآخر أفضل من قدرة منافسيه ولو كانوا من معارضه ومناؤيه، وحظه في الطرح السياسي الفكري أفضل من غيره وإن عازه التنزيل و التجديد .و كل باحث موضوعي أن أراد أن يضع المؤتمر الوطني في كفتي ميزان مع أية قوة سياسية أخرى سيجد أن كفة المؤتمر الوطني هي الكفة الأقل و الأرجح لذلك يهابه منافسوه الماثلون والمحتملون . وهم يزعمون أن الناس انفضت من حوله وثارت ضده ورفضته، ثم ينسبون هم ينسبون كل فعل رفض أو مقاومة (لفلوله). فإذا كانت الفلول تفعل كل هذا فكيف لو أنكفأ الجيش راجعا إلى ساحة العراك ؟؟؟. كل من لا يماري ويكابر نفسه سوف يقر أنه رغم كل ما كان من أحداث وما جرى من مجريات تحت الجسر وفي أعلى الجسر فإنها لم تتجاوز حقيقة أن المؤتمر الوطني أو على الأقل محازبيه وأهل الولاء له من نواته الصلبة لا يزالون هم القوة السياسية الأكبر عددا و الأوفر تنظيما، وهم القادرون بعنوان المؤتمر الوطني أو حتى بلا عنوان (كما فاز عبد الخالق محجوب بدائرة أم درمان الجنوبية بلا عنوان أو تحت عنوان مستقل) عن إقتلاع الشرعية عبر الصندوق أي صندوق على أي مستوى. ومن ظن أن محاولة إستثناء المؤتمر الوطني عن ما يسمى وفاق وطني شامل سوف تنجح، فليعلم أن محاولة الإستثناء سوف تخفق أو أن الوفاق الوطني لن يتحقق أو لن تتحقق نتائج المرجوة كما يظن .

وعندما حل البرلمان الحزب الشيوعي بتشريع منه وكنا يومذاك في الضفة التي يقف عليها الحزب الأحمر وكنا أيفاعا ذوي حماسة وطلاقة علمنا يومذاك أنه من المستحيل حل الحزب بقرار سياسي حتى وإن صدر من برلمان منتخب فالبرلمان مهما يكن هو جهة تشريعية، فهو مكون أيضا من قوى سياسية منافسة ومناوئة للحزب، وقد أدى حظر الحزب إلى صعود وتنامي إتجاه مؤيد لخروج الحزب على شرعية الأحزاب التي لم تمنحه الشرعية حتى يمنحها أياها. إن الجهة الوحيدة التي تعطي الشرعية أو تمنعها هي الجماهير الشعبية وعبر وسيلة واحدة هي الإنتخابات، ومن ظن أنه سيسحب الشرعية من قوة سياسية مثل المؤتمر الوطني بتظاهرة مرتبة وممولة أو بلجنة (يا كان أسمها) أو حتى بتشريع من برلمان معين فهو يحدث نفسه بما يحب أن يكون لا بما يمكن أن يكون، إن شرعية المؤتمر الوطني لن تمنحها ولن تمنعها خطابات سياسية للمدنيين أو العسكر.
وربما المحكمة الدستورية وحدها وفاقا للدستور هي من يمكن أن يصدر حكما ببقاء عنوان المؤتمر الوطني أو محو هذا العنوان ،لكن حتى المحكمة الدستورية لن تملك في أن تقضي في أكثر من العنوان فجماهير الحزب وحدها تحت أي عنوان هي القادرة على تحديد أن حزبها سوف يبقى أم أنها سوف تنفض من حوله لتنشيء كيانا جديدا، أو تتوزع بين الكيانات و الأحزاب كما تهوي تلكم الأحزاب أو تشتهي.
ولقد أنشأ نجم الدين أربكان في تركيا العالمانية حزبا إسلاميا أسماه أولا حزب النظام فلما سحبوا منه الرخصة اسماه حزب الرفاهة ثم لما سحبوا منه الرخصة أسماه حزب الفصيلة ثم لما سحبوا منه الرخصة أسماه حزب السعادة فما كانت الأسماء لتنفد طالما ظل الولاء راكزا، ومجموعة منشقة من هذا الحزب أسمت نفسها حزب العدالة والتنمية هي من تحكم تركيا منذ العام 2003 فمن ظن الأحزاب تموت باستخراج شهادة وفاة لها فهو لا يعرف شيئا أو ربما لا يريد أن يعرف شيئا.
أمين حسن عمر
13 أكتوبر 2021

اترك رد