يوسف أحمد عبد الجبار يكتب : الثورة وتحديات المشهد

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

يوسف أحمد عبد الجبار يكتب :

الثورة وتحديات المشهد

تمنى الكثيرون أن تتفتح أزهار الحرية والديمقراطية في السودان الذي شهد ثورات وانتفاضات. حلم كثيرون بنهاية الاستبداد الذي جثم على صدورهم سنوات طويلة، وبمشاركة حقيقية في السلطة، وتوزيع عادل للثروة والسلطة يخرجهم من دائرة الحروب والفقر والبطالة.وشارك الملايين، خاصة الشباب، سعيا لتغيير نظم الحكم التي تتحمل مسؤولية الأوضاع التي وصلت إليها البلاد دئماً تواجه الثورات صراعا بين قوى تسعى للإصلاح والتقدم، وقوى تريد الارتداد للأوضاع السابقة ولدينا قناعة بأن الشعب السوداني قادر على تصحيح المسار، ومواصلة هذا التوجه من أجل الكرامة، والحرية، والعدالة الاجتماعية، وغيرها من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، والتي كانت من بين الشعارات التي رفعها ملايين الأشخاص في شتى البلدان لكن يجب علينا أن نشير إلي وجود عامل آخر كان له تأثير كبير في عملية التحول، دفع المجتمع السوداني إلى دخول في دوامة الانتفاضات والثورات من دون استعدادات كافية ومن دون أجندة جماعية أو وطنية للتعامل مع التحديات والمخاطر الجديدة.ولهذا جاءت الثورات على شكل ضغوط متزايدة ومتعددة الاشكال والأهداف.وبالمثل، قادت الضغوط السياسية إلى ولادة نظم تسلطية وأنماط حكم وإدارة تعمل خارج قواعد السياسة والقانون ومعايير العقلانية الحديثة، وتتعامل مع الموارد الوطنية كأنها ملكا خاصا بها. مما عمم الفساد وأشاع الفوضى الاقتصادية والسياسية والإدارية وزاد من انتشار ظواهر الفقر والبطالة والتفكك الاجتماعي.وبموازاة ذلك حصل تراجع كبير في نظام العلاقات الاجتماعية؛ ويقود الثورات من دون أن يكون مرتبطا بمشروع مجتمعي واضح وواع للتحديات، إلى ضياع الأمة. وتزداد بالقدر نفسه هجرة الكفاءات والكوادر العلمية والثقافية وينجم تفكك المجتمعات. إن الشعب السوداني حقق ثورتين في تاريخهم الحديث وقد أطاحت بحكومتين عسكريتين وهو الأمر الذي قد يفسر تأخر نتائجها كما يفسر أيضاً لماذا يُصر الشباب على البقاء في الشوارع إلى يومنا هذا ولا يزال الإصرار والحماس مشتعلا والاحتجاجات لا تتوقف، ولا تنحسر بل تتضاعف أعداد المشاركين على نحو لافت. يمكن القول إن المشهد الثوري بات طبيعياً وفي كل مكان. لكن السؤال المطروح لماذا لم يحقق هذا الحراك نتائجه المبتغاة حتى الآن، وتبعاً لذات السؤال يتولد سؤال جوهري آخر، لماذا الاحتجاجات مستمرة بينما لم تتحقق النتائج؟ ثم ماذا بعد؟ إن طبيعة هذا الحراك منذ تفجرها بالغة التعقيد ويصعب التنبؤ بمألاته. نسأل الله تعالى أن يجنب بلادنا خطر الانزلاق نحو الكارثة ونسأل الله تعالى ان يرحم شهداء الثورة و يغفر لهم وأن يجعل الجنة مسكنهم وان يمن بالشفاء على المصابين والجرحى من الثوار وحمى الله الشعب.

 

اترك رد