يحيى محمد عثمان هاشم يكتب : نوفاك دجوكوفيتش .. أيقونة اللعبة وأمزجة العلاقة بين الدول

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

يحيى محمد عثمان هاشم يكتب :

نوفاك دجوكوفيتش .. أيقونة اللعبة وأمزجة العلاقة بين الدول

تظل العلاقات بين الامم قائمة على الود والاحتراب وعلى التنافس والتشاكس في أحيان وتظل الدولة المعبرة عن الامة قائمة على هذا التداول في العلائق بين الشعوب وتمارس مهامها باعتبارها المعبرة عن التطلعات والرغائب عين تبصر ولسان يتقول بحاله وتتمثل في مؤسساته ، حقل العلاقات الدولية مثله مثل حقول المعرفة والعلوم قائم على التجديد والتطوير في المفاهيم والتحديث في الوسائل حيث نجد أن القوة التقليدية كانت منشئة للعلاقات بين الدول والامم قائمة على الترغيب أوالترهيب بين قوي متمكن واخر مستضعف أو قل أقل قوة وأعتمد في ذلك على توظيف الموارد والثروات في بناء وتقوية القوة المسلحة وزيادة إتساع رقعتها الجغرافية وبناء ما يمكن توصيفه بعلامة تجارية للدولة ورمزية معبرة عنها حتى مع إستطالة الازمنة أضحت صناعة قائمة بذاتها ، معالم التحديث خطت لنا من قاموس جوزيف ناي وهو جنرال أمريكي متقاعد عنونها بمسمى القوة الناعمة للدولة كوسائل مستحدثة لاقامة العلاقة بين الشعوب وتمتين أواصرها وأوسع الرجل المفهوم شرحا وامثلة في الفن وضروبه والثقافة ومشاربها المتعددة ومقاليد اللغة المؤثرة في الاخر ومشاهد السينما والمسرح والرياضة بجماهيريتها وشعبيتها كلها جعلها معلما مؤسسا لمفهومه المستحدث ،أوصل ذلك بمسار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة والهزات الثقيلة التي أصابتها جراء الحرب الباردة وكيف أن لرياضة مثل البينج بونج على صغر حجمها عملت على تحريك حجر كبير في بركة راكدة لازمت العلاقة بين البلدين ومهدت لزيارة كيسنجر مستشار الامن القومي وقتها للصين في عهد ماوتسي تونغ سطرت لفصل جديد في صحائف العلاقة بين الدولتين واصبح تاريخ اقامتها تقليدا يحتفى به كل عام فيما عرف بعد ذك بدبلوماسية البينج بونج .
يقودني هذا الى مقاربة ماثلة لحادثة إضطربت بها سوح العلاقة بين صربيا وأستراليا بشأن مشاركة نجم التنس العالمي نوفاك جيكوفيتش في بطولة ملبورن المفتوحة للتنس بعد إحتجازه من سلطات المطار ومنعه من الدخول بادئ الامر وكيف تبدت نبرات الغضب ونوباته من أعلى سدة السلطة في العاصمة بلغراد احتجاجا مغلظا ينذر بأن الدولة تنظر للرجل باعتباره معلما من معالم حضورها الناعم وأداة سلسلة للتوغل في مخيلة الراي العام العالمي وترتقي بدلالاتها حد جعل الرياضي الابرز فيها محددا تقوم عليه العلاقة بين الدول وهذا ما جعل البيانات تحمل نبرة التهديد بأن هنالك امكانية لمراجعة العلاقة بين الدولتين إن تطاولت مدة الاحتجاز بصورة تمنعه من المشاركة في البطولة الدولية .
الموقف المتشدد من صربيا إتجاه الازمة لم يكن ناتج ضرب على طبول فارغة بل هي محاولات موصولة تسعى فيها لاعادة إنتاج وتسويق نفسها للعالم بما يتوافر لديها من مكامن قوة ناعمة تعمل على توظيفها لاعادة إنتاج صورة ذهنية للدولة تزيل ما علق في الاذهان من صراع وحشي موسوم بها مورس ضد شعب البوسنة في تسعينات القرن الماضي لم يهدأ هياج القتل فيها إلا بعد تدخل دولي فرض ضرورة التوصل لحل لانهاء الازمة .
ما برز من موقف معلن من صربيا إتجاه نجمها البارز في الرياضة العالمية ينبئنا بان العلاقات بين الدول متشابكة ومعقدة وأن ما كان راسخا بأذهان رجالات الدولة ومخيلتهم في سنوات مضت من ثانويات وهوامش في بناءات التخطيط للدولة وصياغة سياستها اتجاه الدول أصبح سمة بارزة وعلامة قائمة تعرف بها الدولة وتقاس درجة حرارة العلاقة بينها وبين دول اخرى بمدى التعاون او التباعد في هذه المجالات ونموذج جوكوفيتش أحدث التعابير عن ذلك فرموز الرياضة والفن لايمثلون ذواتهم فقط بل أضحوا أكثر إلتصاقا بمفاهيم السيادة والقوة للدولة المعرفة في النظام الدولي القائم .

اترك رد