الخرطوم : الرآية نيوز
د.أمين حسن عمر يكتب :
الكيزان من نحن (17)
سؤال التجديد ؟
والإسلاميون كانوا دائما من دعاة التجديد فلا يمكن تصور تجديد الحياة على نهج الإسلام دون تجديد الأحكام الفقهية التي يُراد أن تتصل بها حركة الحياة وتهتدي بهديها. ذلك ان الاحكام الفقهية هى الاحكام التى تهدى تصرفات المسلم للتناغم بين هدايات دينه ووقائع زمانه و التكيف مع تقلباته ولكن لا يمكن تجديد الأحكام الفقهية دون تجديد الفهم لأصول الفقه. وكلمة أصول كلمة جامعة تدل على المصادر الأصلية في الكتاب والسنة . كما تدل على القواعد الاستنباطية والقواعد اللغوية والتفسيرية . ولعلم الأصول صلة وثيقة بالعقيدة التوحيدية. ذلك أن مقصود الفقه هو الاستقامة على المراد الإلهى . فالفقه أصله ومقصده هو توحيد الله. والقرآن هو أصل الأصول . وهو كلمة الله الذي يجب أن يُعليها الانسان إعلاءً للحق وحكم الله الذي يجب أن نمضيه طلباً للخير وللجمال. والإنابة إلى مراد الله سبحانه وتعالى تكون بإطاعة القطعي (المحكم) من أحكام القرآن . كما تكون بالاجتهاد في طلب معرفة المراد الإلهي للالتزام به فيما يقبل التفسير من آي القرآن الظاهر المؤول . وعلوم القرآن وأصول التفسير وقواعد اللغة ومقتضيات المنطق ومعرفة الأحوال وإدراك الظواهر هي عدة الفقيه للتوصل لمراد الشارع الحكيم الرحيم.
وأما السنة فهي القرآن مفسرا ومطبقاً ومنزلاً على الأحوال والأحداث والنوازل. وهي الالتزام بالخطة السوية والصراط المستقيم ( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) سورة النساء الآية (80) . وأما الإجماع فهو تطابق آراء الجميع في تأويل نص أو تبيان حكم. وبذلك هو ردٌ للأمر للشارع العليم الرحيم . وكذلك القياس والاستحسان فإنما هو حملُ مسألة ليس فيها حكم منصوص على مسألة فيها حكم موضح مبين . والاستصلاح هو نشدان المصالح وتبيان المنافع من المفاسد على هدى أصول الكتاب ومقاصده . والأعراف باب من أبواب الاستصلاح الجماعي والذرائع باب من أبواب الاستصلاح . وأما الاستصحاب فهو الأخذ بكل ما لم يحُرمه الكتاب والسنة . وما لم يستبن ضرره أو مفسدته . والأخذ بذلك هو الأخذ من رحمة الله الواسعة والتي شاءت أن تُسخر الأرض وما عليها للإنسان الذي كرمه الله ورحمه وأعلى مقامه بين الخلائق. وهكذا يتضح أن أصول الفقه هى هادية المرء الى السبل التي ترد المسلم إلى الصراط المستقيم وإلى هدي ومراد العليم الحكيم. وهى المنهج التوحيدى لأنها هي وحدها طريقة توحيد الله فلا يثرى علم ولا حكم ولا نفع إلا بالاهتداء بالهدي الربانى . وإلا بالأوبة إلى المصدر القرآنى الذي هو طريق التقرب من مثالات الحق والخير والجمال . تلكم التي لا تكتمل إلا في إرادة الرفيق الأعلى الذى ليس كمثله شيء في الأرض ولا فى السماء.
والتجديد الذي تنشده الحركة الإسلامية على هدى القرآن وسنة نبيه هو تجديد شامل للفهم والشعور والوجدان . وللعمل وللتصرف والسلوك. وهو يشمل تجديد اللسان وتجديد الوجدان وتجديد الإفهام علماً وعملاً. لترتقي إنسانية الإنسان وقدرته على التعبير والبيان . وقدرته على الارتقاء بحياته النفسية والاجتماعية والمادية . ومآل ذلك إلى ارتقاء جماعة المؤمنين والمسلمين ومن سالمهم وسأكنهم وعاشرهم .ليكون المؤمنون خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الخير لا يضرها من خذلها إلى يوم القيامة .
د.أمين حسن عمر
كتاب الحركة الاسلامية السودانية.. سؤالات وإجابات