دكتور ياسر أبّشر يكتب : قيادة السودان و (مُتلازِمة الحِدَيّة) Kite Syndrome

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب :
قيادة السودان و (مُتلازِمة الحِدَيّة) Kite Syndrome

أعرفُ أن قوى الحرية والتغيير (قحت) وأحزاب أربعة طويلة تبذل جهوداً خارقة للرجوع للسلطة. ورغم أنها ترفع الشعار اليساري الفارغ الكذوب “الردة مستحيلة”، لكنها في الحقيقة وسّطت ود زايد وڤولكر وسفراء الدول الغربية ليقول لها العسكر (مرجوعة في مَسَمّاك).
قيادة العسكر بدورها مصابة بما أسميتُه (متلازمة الحدأة) أو (الحِدَيّة)kite Syndrome منذ أيام اعتصام القيادة!!!
فقد عُرِفَ عن الدّيك هَلَعَهُ من الحدأة (الحِدَيّة)، وأغاظ خوفه هذا الدجاج الذي اجتمع حوله مستنكراً صراخه ورُعبه وجَرْيه محاولاً الاختباء كلما رأى الحدية. وقال له الدجاج إنه أكبر حجماُ وأشد قوة من الحِدَيّة فكيف له أن يبرر فَرَقَهُ وخوفه وخُلعته من الحِدَيّة؟؟ وإذا كان هو راجل الحِلّة فماذا تفعل الدجاجات؟؟ قال لهم الديك – بشفافية – إن المبرر هو أن الخُلْعَة التي دخلته من الحِدَيّة وهو سوسيو لم تخرج منه حتى الآن. تلك هي متلازمة الحِدَيّة!!!
أفهمُ السعي الحثيث الذي تقوم به قحت وأربعة طويلة لاسترجاع سلطة أضاعوها بفسادهم وجهلهم وظلمهم، فاسترجاعها ينقذهم من محاكم الفساد وتكريس سوء سمعتهم، والعودة مجدداً للكراسي الحلوة.
لكن يصعبُ عليّ فهم مطاردة سراب (التوافق الوطني) الذي تمارسه القيادة العسكرية. ويستحيل عليَّ أن أتفهّم أنها لم تعِ حتى الآن أن من تسعى إليهم ما هم إلّا مجموعات ضخّمت نفسها بوسائل التواصل الاجتماعي ولا وجود لها حقيقي على الأرض. وتعسَّر عليّ أن أدرك أن القيادة العسكرية تريدُ أن تُجَرّب المُجرّب، بعد ثلاث سنوات عجاف دمّرت فيها تلك المجموعات اقتصاد البلاد وانهارت خلال حكمها المستشفيات والمدارس والجامعات، وفقد المواطن أمنه، ونجحت في شيء واحد وهو انحطاط الاخلاق والتلاعب بالشباب الأغرار. بعد ثلاث سنوات ثبت أن تلك المجموعات بِلا رؤية أو تجارب أو معرفة بفنون الحكم. لكنها – والحمد لله – الذي لا يحمد على مكروه سواه – رفعت المستوى الاقتصادي لكل المنحطين من عضوية أحزابها فملَّكتهم سيارات الآخرين وبذلت لهم من مال المصادَرين ما أغناهم. ونجحت كل النجاح في العمالة للأجنبي حتى وَظّفَ لها شركة كامبردج أنيليتكا فضاعفت لها تقنياً رسائل شيطنة الخصوم والتخويف والابتزاز بالملايين.
أحزاب جعلت لها وجوداً بعشرات المنظمات الوهمية كونت منها تجمعاً وهمياً اسمه قحت، والقيادة تخاف من هذه الأشباح.
أحزاب أشدها عِتِيّا هو الحزب الشيوعي الذي كان أقصى نجاحه منذ تكوينه في 1922 إحراز ثلاثة مقاعد في البرلمان. وكوّن حزبين وهميين هما المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي، وقيادة الجيش مخلوعة من العَبُوب (خيال المآتة). وتظن أن وراء السنهوري غولاً مُرْعِبَاً:

ويُعجِبك الطرير إذا تراهُ فيُخْلف ظنك الرجل الطريرُ
فما عظم الرجال لهم بزينٍ ولكن زينهم كرمٌ وخيرُ

وما وجد السودان فيه خيراً قطُّ منذ أن كان في العراق الغني وقتها، اللهم إلّا سيف البعث وانقلاباته. وبُغاثُ الطيرِ أطولها رِقاباً. كابن نوحٍ، حَادَ عن سبيلِ آباءٍ كرام ليسلُكَ دروب ميشيل عفلق العنصرية الكُفرية: آمنت بالبعث ربّا لا شريكَ له وبالعُروبةِ ديناً ما له ثانِ. وتتوهم القيادة أن حزب الأمة كائن حي حقيقي لأنه تناسل وانقسم انقساماً أميبياً لخمسة أقسام، وهو الذي كان مُجرد لافتة كبيرة لم تنتج للسودان رؤية عظيمة حتى قبل انقسامه:

(وقد عظم البَعِيرُ بغير لُبٍّ فلم يستغنِ بالعظم البعيرُ)

الاستماع لوساطة ابن زايد وفولكر وود لبات وسفراء الغرب لا تَعْدُو أن تكون إلَا إضاعة لوقت أمة عانت كثيراً، واستجابة لأجندات ليس للسودان فيها ناقة ولا جمل. أجندات لُحمتها وسُداها فقط استبعاد الإسلاميين، الذين ثبت حِذْقهم ودُرْبتهُم في فنون إدارة شأن السودان، رُغم كل الصِّعاب against all odds

ما يُدمي الفؤاد حقيقةً أن عسكرنا خلقوا قيمة لمن لا قيمة له، ولم يستشيروا، وفي الحِمى عدد الكواكبِ من مُشير.

حقيقةً ليس ثمة سبب منطقي حتى للنظر من قبل القيادة لهذا “الهباء المنثور” كما سماه المبدع الأستاذ حسن إسماعيل، دع عنك مهابته إلّا بسبب “متلازمة الحِدَيّة” التي لازمتها منذ أن “فقعت” من بيضتها سوسيواً بالانقلاب أيام الاعتصام، وما كان فيه من عنتريات ما قتلت ذُبابة، وما فيه من بُغاث الطيرِ وخشاشها!!!
سيدي قائد الجيش والله إني لأرى – بعينِ البصيرةِ – “شجراً يسير”، وأرى الجوعى من كل حدب ينسلون لينقضّوا عليك، فقد تَمَلّكَتْكَ متلازمة الحِدَيّة، وما مَلّكْتَهُم ما يسد المسغبة، والله يكضّب الشينة.

دكتور ياسر أبّشر
———————————
23 مارس 2022

اترك رد