الخرطوم : الرآية نيوز
دكتور ياسر أبّشر يكتب :
عالجوهم في بَعْشَر واربطوهم ولا تحاكموهم
بين القحاتة شخصيات غريبة الأطوار شاذة في أفعالها، يعيشون عالمهم الخاص وينغلقون عليه، بعضهم ليس لديه القدرة على معايشة الآخر أو تقبُّل رأيه، بل يعتبرونه عدواً ينبغي القضاء عليه.
واصطناع العدو فكرة محورية لديهم. فمثلاً حتى بعد سقوط الإنقاذ ظلوا يرددون وجودها مرة في شكل “الدولة العميقة” ومرة في “لجنة البشير الأمنية”!!! ذلك لأن الصراع في أدبياتهم أساس كل شيء، فإن لم يجدوه أوجدوه.
بعضهم عانى في طفولته، بعضهم نشأ في أسر للمجتمع رأي كبير حولها وهم يعرفون ذلك!!! بعضهم يحقد على المجتمع لأن المجتمع شكّك في نسبه. بعضهم يعاني من خلل تربوي ولم يتم تشريبه قيم الحق والفضيلة والعدل والاستقامة.
نجم عن هذا كله اعتلالات نفسية أصابت بعضهم باضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع، وجراء هذا اعتنقوا أفكاراً مناهضة لكل البناء الاجتماعي: قيمه وعاداته وتقاليده. وتملكتهم دوافع حالمة visionary motives كتحقيق دكتاتورية البروليتاريا لدى الشيوعيين والقضاء على رأس المال والملكية الفردية، أو إيجاد أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة لدى البعثيين، في بلد كثير من جذور إثنياته زنجية، أو استعادة الحق الإلهي في حكم أسلافها، كونها أميرةً وسليلة حاكمين. ويتخيلون أنهم في بعثة ومهمة سامية الأهداف. هذا الضرب من البشر تنقطع صلتهم بالواقع تماماً، ولأن عالمهم الخيالي الذي صنعوه لأنفسهم يسيطر عليهم تماماً لا يكترثون كثيراً بما تجرُّه أفعالهم على المجتمع. لذلك تجدهم يتحدثون عن “إنجازات”، رغم أن أفعالهم وسياساتهم فاقمت الجوع وحرمت مرضى من علاج وانهيار خدمات الصحة والمياه والطرق وجمع النفايات وانتشرت الجريمة.
لديهم قدر كبير من الكراهية والحِنق خاصة تجاه من لا يخضعون لهم أو لا يشاركونهم الرأي، لذلك يمكن أن يعتقلوهم ويعذبوهم ويفصلوهم من وظائفهم ويشردوهم من أعمالهم ويستولوا على أملاكهم ليتملكوها هم. يقومون بكل هذا دون أدنى إحساس بالندم Remorse أو تعاطف مع الضحية. وهذه من أبرز سمات مرض اضطرابات الشخصية وكراهية المجتمع.
تتسم هذه المجموعة بحب وجوع مرضي للسيطرة والتحكم Power and Control Hungry، لذلك تفرض رؤاها وقناعاتها وأفكارها على المجتمع دون اعتبار لرأي المجتمع، ولأنهم متغطرسون متعالون يرون أنهم “الطليعة” المستنيرة التي نيط بها إخراج المجتمع من الجهل والتخلف. فيعمدون إلى تغيير القوانين وإلغاء مؤسسات الدولة الراسخة. بل إلى إلغاء وإبطال الدولة نفسها Nullification of State علماً بأن مؤهلاتهم الشخصية وقدراتهم وتجاربهم لا تؤهلهم لشيء من ذلك.
وجراء الخلل النفسي الذي يعانونه يتلذذون بتعذيب الضحية ( الشعب ) للحصول على الخبز والماء والدواء والطاقة وما إليها. لا تجد في أحاديثهم وتصريحاتهم ما يشي أن معاناة الضحية تعنيهم. ونتيجة تبلد إحساسهم بعذابات الضحية (الشعب) في معاشها، تقتنع أنت تماماً أن لديهم دوافع تلذذية Hedonistic Motives. انظر لأحدهم يحب المنابر ليصرخ عبرها بنشوة “سيصرخوووون”!!!
ولمزيد تحكم وسيطرة تجدهم في سعي حثيث لتجريم خصومهم والإيقاع بهم وتصيدهم Trolling وشيطنتهم. وفي الحالات التي يُبَرّأ الخصوم يختلقون لهم جُرماً آخر حتى لا يفلتوا من قبضتهم، تماماً كما يتلذذ القط بفأر اصطاده. ويضيقون جداً بأي رأي مخالف وهكذا يخترعون ملصقاً Lable وسُبّة لذوي الآراء المناهضة لتوجهاتهم (دولة عميقة، كوز، حرامي، فلول، شيخ سلطان مثلاً)، بغرض السيطرة وإضعاف أي رؤية مخالفة لما يرون.
الواحد من هؤلاء يسعى جاهداً أن يبدو طبيعياً في المجتمع، ورغم أن الكراهية تأكله من الداخل لكنه يبدو متصالحاً مبتسماً، لكنه غالباً ما يحيل خيباته على آخرين وأحياناً على المجتمع كله. علاقاته الظاهرية بالمجتمع فيها تضليل وكذب ومغازلة مفتعله، وادعاء أنه هو الذي “حيجيب له حقه”، رغم أنه مستعد أن يتحالف مع حلفاء ضد ثقافة مجتمعه وضد تقاليده ويهدفون لاستلابه ثقافياً.
حالات حب الهيمنة والسيطرة والتحكم التي يتلذذ بها أمثال هؤلاء لا علاقة لها بمستوى تعليم، فقد قتل الطبيب البريطاني هارولد شيبمان Harold Shipman مائتين وخمسين من مرضاه.
كما لا علاقة لها بطبيعة منصب فقد كان الامبراطور الروماني كاليجولا Caligula يتلذذ بتعذيب شعبه.
وكمثل ما عاش كاليجولا في نعيم، عاش القحاتة في نعيم أموال لجنة التمكين وأموال المنظمات وأموال السفارات، انقضوا عليها انقضاض الضباع الجائعة. لكننا كشعب كاليجولا خضعنا تحت نيرهم للتعذيب في الخبز وكل ضروب المعاش والحياة.
بداخل أغلب القحاتة شخص مضطرب عقلياً ومعتل نفسياً (Psychopathic) فعالجوه واربطوه ولا تحاكموه.
دكتور ياسر أبّشر
———————————
30 مارس 2022