بابكر إسماعيل يكتب : رجال خلف الأسوار
السودان
رصد : الرآية نيوز
ألسنة وأقلام
بابكر إسماعيل يكتب :
رجال خلف الأسوار
والرجولة هنا صفة تتسم بمكارم الأخلاق والترفع عن الصغائر والتضحية والكرم وتحمّل المسؤولية والأذي والبذل بلا منّ والقيادة بالقدوة والمثال ..
ولا تعني الرجولة محضَ الذكورة أو فرط هورمونها المسمّي بالتيستيرون وتغييراته الجسدية كالشارب واللحية مما يتعلق بالوظيفة الطبيعية للذكر ..
وليست الرجولة هي صبغ الواي كروموزوم النووي القصير الأذرع الذي يختم علي أي خلية ولجها بخاتم الذكورة مهما تكاثرت فيها صبغات إكس الأنثوية وإن بلغن عشراً .. فالواي كروموسوم له قوامة عليهنّ كلهن تحقيقاً لكتابنا المنزل وفيه “الرجال قوامون علي النساء” .. ولو كره الكافرون والسيداويّون ..
فالرجولة والذكورة قد يجتمعان في الرجل فيكتمل .. وكذلك الرجولة – وليست الذكورة – تكمّل النساء .. وفي السودان يُقال للمرأة الكاملة خُلقاً ومروءة “مرا ضكرانة” أي اكتملت فيها رجولة الصفات .. ولم يكمل من نساء العالمين إلا قليل منهنّ آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون موسي ..
فالرجولة الحقّة لا علاقة لها بصبغيّات الدي إن إيه ولا بالتيستيرون ولا بالتبول في قارعة الطريق .. !
ولقد وصف لنا القرآن بعض صفات الرجال حيث قال:
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ
سورة النور – الآية ٣٧
وهؤلاء هم أهل الله وأهل الذكر وبعض من أهل كوبر والله حسيبهم ..
ويقول المفسّرون إنّ لفظ الرجال هنا يشمل النساء أيضاً فذِكْرُ الله وارتباط المؤمن والمؤمنة بالله يقع للذكر والأنثى وكلاهما رجال ذِكْرٍ ذاكرون ..
وكدا قوله تعالي:
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
سورة الأحزاب – الآية ٢٣
وأمّا قول الكافرين يوم القيامة:
وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ
سورة ص – الآية ٦٢
فينطبق كذلك علي المؤمنين والمؤمنات … وقد يُستضعف الرجال في الدّار الدنية .. والنساء والأطفال فيسردبون ..
ولكن جباههم عالية ..
جباهم عالية ..
فمواكب الحق والنور ما بتتراجع تاني
نقيف جميعاً قدامها ونقول للدنيا
نحن السودانيين أهل عقيدة ووطن ودين
ولن يستطيع ابن قحاطية وإن طالت سلامته أن يدوسنا ..
وأما رجالنا الذين هم خلف الأسوار فتنطبق عليهم آيات الرحمن:
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
كانوا سادة ورؤوساً لأهل السودان حكموا فيه وسعهم بسوية – والله حسيبهم – واجتهاد يحتمل الخطأ والصواب ..
ودخلوا السجون بعد ثورة الديسمبريين ..
كما دخله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلوات والسلام .. وهو نبيّ ابن نبيّ ابن نبيّ ابن نبيّ .. وذو نسب كريم لم يتح لغيره .. ورغم ذلك لبث في السجن بضع سنين .. كما البشير عمر وإخوته بكريٌ وعليٌّ وعليٌّ وعبد الرحيم محمّد حسين وإبراهيم السنوسي والطيب محمد خير ويوسف الآخر ابن عبد الفتّاح والشريف البدر الذي غاب عن سمائنا … وبقية الرجال الذين قادوا بلادنا منذ فجر الثلاثين من يونيو ولثلاثين عاماً ..
ما توانوا ..
إما نصرٌ فوق أعناق الرجال ..
أو شهادة ..
مثل شهادة الزبير محمد صالح ..
وإبراهيم شمس الدين الساطعة شمسه في سمائنا والذي تعلقت روحه بقناديل العرش ..
فرقي إليها لا يلوي علي شيء سوي التدرج في مراقي الكمال ..
مترنّماً مع إخوته عوض عمر ..
“أماه لا تجزعي فالحافط الله” ..
ومع سكران الجنة يطرق أبوابها ..
عبر طريق قد خبره..
ومع قائد الرجال الأسود في ميوم –
-فالحافط الله في يوم الثلاثين-
عمر الذي رفعناه مكاناً علياً ..
وأخاه عليّاً .. ذا العفة والعفاف واللسان المحفوظ والعقل الراجح الرجيح والرزانة والرويّة ..
وعبد الرحيم السابق بالخيرات كالريح المرسلة نديّ وعبيراًً.. وكالغيث أنّي حلّ نفع ..
ولقد صدّقت الرؤيا يا إبراهيم السنوسي يا مشروع الشهيد الذي لم يكتمل منذ يوليو ٧٦ ويا أبا الشهيد ..
وأما عليّ الآخر ..
فقد جاء من بون يسعي ..
فألقوه في غيابت الجبّ ..
لم تشفع له سابق طبابة ..
ولا واقع إصابة ..
ولا إجارة بني الأصفر ..
فصبر واحتسب بلا أنين ولا عويل كعويل القحاطة حين أُلقوا فيها وهم يختصمون .. وصبر كما صبر يوسف النبي في غيابت الجبّ وصبر ابن عبد الفتّاح .. بلا زليخة تَهِمَتْه بغير “برهان” سوي أنّه من بني كوز ..
أما طيب القوم مرفعين الليل وهجّام الدهاليك فقد كان كالهزبر بعد فجر التغيير ..
في وزارة مجلس الوزراء ..
وفي ولاية دارفور الكبري ..
حيث أخمد نار العصبية النتنة
.. التي تحرق الثياب وتحيل الأرض يباباً ..
فلله درّه أب فلجة..
وأما الزبير .. !!
يا ويح قلبي علي الزبير التقي النقي ..
الوضيء البسّام ..
الحيي الذاكر المقدام ..
يتراءي لي هنالك عند السقيفة بالعليفون وكنّا شهوداً حينما أمّره إخوته وهو فيهم مرجوّ .. فخطبهم آمراً بالزهد والعودة لعري الدين وهو يترنم:
في حماك ربّنا ..
في سبيل ديننا ..
لا يروعنا الفناء ..
فتولّ نصرنا ..
واهدنا إلي السنن ..
وقد صدق الله فصدقه ..
فمات فديً لديننا ..
ولم يَرُعْه الفناء في سجون قحت الجائرة .. وأرجو له أن يكون قد لقي الأحبة محمداً وصحبه ..
والزبير الصالح ..
والزبير العوّام ..
عمّ نبيّنا الذي فداه بأمه وأبيه ..
ما جريرة هؤلاء الرجال .. ؟
أهي التصَدّي لحمل الأمانة التي أبت الجبال أن تحملها ..؟
أم لأنهم تصدّوا لمؤمرات الأعداء الأقربين والأبعدين من الأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً..؟
هل لأنهم استنقذوا الديمقراطية من فم الكلب وقالوا له “جرّْ” .. وغسلوها سبع مرات أُخراها بتراب العزة ؟
أم لأنهم عمروا أرض السودان حيثما قطنوا ..؟
أيكونون سُجِنوا لأنهم شادوا الجامعات الانبنت ضانقيل وفتحوها لكل موقوذة ونطيحة وأصمّ وما أكل السانات ..؟
أم لأنهم شيّدوا الطرق والجسور والمستشفيات.. ؟
وسال الزيت الأسود في عهدهم بترولاً أنار سماواتنا ..
فامتلأت ضروع بواخرنا تجوب البحار ..
تحمل زيتنا الطالع فينزل خيره علينا وعداً وقمحاً وتمنّياً ودواءاً وكساءاًً ..
وفي عهدهم لله درّهم أخرجت أرضنا أثقالها الخبيئة ذهباً تبراً ذا رنين ..
هل سُجن رجال الإنقاذ لأنّ السودان صار في عهدهم نبراس علم لإفريقيا تأتم الهداة به عامراً بمنارات العلم ..
وجامعة إفريقيا العالمية وعلياء ..
وعبد الحيّ يوسف ..
المؤسس لفضائية طيبة الداعية إلي الله بكلّ ألسنة إفريقيا ..
دبايوا ..
وسنّو لاهيا ..
وچباك..
ومرحباً ..
أهلاً وسهلاً بالكرام أهل الحُميّة والمدام ..
هل أغضبوا السادة لأنّ ابن الطّباخ بني لنا جيشاً تخرّ له الجبابر ساجدينا .. ؟
طيوره أبابيل بلا طيّار ..
صافّات أجنحتهنّ ما يمسكهنّ إلا الله ..
يحلقن في سماء “اليرموك” قاذفات بحمم حامياتٍ ينشرن الرعب مسيرة شهر ..
أم لأنّ الشيف عبد الرحيم الهميم أطلق
منظومة دفاع عن عزّتنا وكرامتنا وديننا ..
وقمراً ضوّي ضواحينا السوبرانية ..
ألا يستحي قضاة السودان أن يحاكموا بُناتِه الذين شادوا له مجداً مؤثلاً ..
الرجال …
الكانوا داكاتٍ ..
كذاك البادرابي ..
فُلّاحاً بكوريّين ..؟
إنّ ربّك لبالمرصاد ..
بابكر إسماعيل