الخرطوم : الرآية نيوز
حليم عباس يكتب :
افق جديد
إذا نظرنا إلى الواقع بمدى زمني اوسع، خمسة سنوات على سبيل المثال، فإن حدثاً مثل ثورة ديسمبر و اسقاط نظام الإنقاذ سيكتسب دلالة أكثر وضوحاً.
على الرغم من كل شيء، و حتى الآن هناك فرصة كبيرة أمام الشعب السوداني لإدارة حوار حقيقي بدون وصاية من حزب أو قوى مسيطرة متسلطة. ثورة ديسمبر في الحقيقة، و مهما كانت ملابساتها الظرفية، قد حررت حزب المؤتمر الوطني و حررت معه الإسلاميين و بقية القوى السياسية من السلطة. الحزب الحاكم نفسه اول المتحررين. الآن بإمكان السودانيين، إن شاءوا، أن يجلسوا في حوار بأوزان صفرية و يناقشوا القضايا الوطنية و يصلوا إلى توافق و إلى ترجمة عملية لهذا التوافق على الارض، بشكل لم يكن متاحاً في السابق في ظل هيمنة حزب واحد حاكم يقوده شخص واحد مسيطر على كل شيء.
لقد فشلت ثورة ديسمبر في خلق هذا التوافق بسبب ضيق أُفق القوى التي أسمت نفسها قوى الثورة، و انهت وثيقة كورنيثا إلى ما انتهت إليه. الآن توجد فرصة جديدة لحوار و لتسوية حقيقية، و في شروط أفضل من تجربة الحوار الوطني الذي جرى تحت هيمنة حزب المؤتمر الوطني بقيادة الرئيس البشير، و ايضاً شروط أفضل من تلك التي وجدت مع إطار كورنثيا للشراكة و اقتسام السلطة بين العسكر و قحت. حالياً لا توجد سلطة يمكنها ادعاء امتلاك الشرعية؛ لا الشرعية الانتخابية كما كان يزعم المؤتمر الوطني، و لا الشرعية الثورية التي ادعتها قحت. العسكر صحيح يملكون القوة، و لكنهم مجرد اجهزة نظامية بدون اي شرعية سياسية، و يمكن محاصرتهم سياسياً و فرض حل سياسي عليهم إذا توافقت القوى السياسية.