إبراهيم عثمان يكتب : أسئلة برسم الإجابات

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

أسئلة برسم الإجابات

▪️ إذا أخذنا بالقاعدة ( الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا )، فماذا إن توافق طرفا الصراع الرئيسيان على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بحيث تُلغى حرفياً كل التغييرات التي استحقت من قحت تسمية الانقلاب، فهل سيعتبر من اعتمدوا هذه التسمية ممن هم خارج قحت أن “الانقلاب” قد زال، وأن الأمور قد عادت إلى نصابها ؟

▪️ وإذا عملنا بالقاعدتين ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) و ( ما لا يقبل التبعيض فاختيار بعضه كاختيار كله وإسقاط بعضه كإسقاط كله ) هل سيحدث الاعتراف بزوال “الانقلاب” إذا عاد رئيس الوزراء – بشخصه أو ببديله الشبيه – الذي استحق من مجلة بلومبيرغ تسمية أتاتورك السودان، وعاد الأوروبيون إلى دفع رواتب مكتبه، وعادت البعثة الأممية للشعور بالانسجام معه وهي تعلم أنه كان، ولا زال، يريد لها صلاحيات أكثر مما حصلت عليه ، وعاد وزير عدله ووزير دينه، وعاد الطاقم الجمهوري والشيوعي للإشراف على التعليم والمناهج، وعادت ثقافة وإعلام الرشيد سعيد وبلول ؟

▪️ هل سيحدث الإقرار بزوال “الانقلاب” إذا عادت سياسة سفارة سفارة لتصبح عنوان الحكم بعد أن أصبحت عنوان المعارضة، وعاد تسييس القضاء،، وعاد التعسف مع المعارضين ليأخذ طابعاً “مدنياً”، وعاد الإقصاء وأخذ شكلاً انتقامياً أكثر حدة بسبب زهو العودة بعد مرارة الإبعاد … إلى آخر تفاصيل وضع ما قبل ٢٥ أكتوبر ؟

▪️ حتى إن تلت هذه العودة معاملة خاصة لمن وقفوا مع قحت في لحظة محنة مشروعها، وأنفقوا على ذلك كرائم بضاعتهم، وتجنبوا أي ذكر لتحفظاتهم أو اعتراضاتهم عليه، وانعكست هذه المعاملة الخاصة في شكل استثناء من الإقصاء وإعادة تصميم لقانون الدوس، وبعض أشكال المشاركة، بحيث لا تختلف كثيراً عن مشاركة حزب الأمة من حيث نيل حصة من المواقع مع الاكتفاء بالتحفظات – غير المؤثرة – على المشروع، فهل هذا الثمن يكافئ هذا الدعم الكبير ؟

▪️ قد يُعذَر من لهم موقف ضد ما قبل أكتوبر، وضد ما بعده ( فالجمع ليس مستحيلاً )، وحرصوا على إعلانهما بذات القوة والوضوح، وكان هناك، على الأقل، الحد الأدنى مما يثبت أن الموقفين ذوا نسب بالمبادئ، وقطعوا الشك بأن الأخير ليس مجاملةً أو رشوةً لحكام ما قبل أكتوبر ذات دوافع مصلحية انتهازية بحتة ..

▪️ وقد يُعذَر من تقربوا إلى قحت قبل تجربتها في السلطة بالجهل: الجهل بحقيقة نواياها وخططها وغاياتها ووسائلها المتوقعة في الوصول إليها، وبمستوى كفاءتها في الحكم، وحرصها على السيادة، وبمدى إخلاصها لشعار “حرية سلام وعدالة”، ومدى التزامها بوعود رفع المعاناة، ووعد تأجيل العلمانية، ووعد الانتخابات الحرة النزيهة بعيداً عن مخاوفها الخاصة .. إلخ ..

▪️ وقد يُعذر بعضهم بعدم دقة تقديرهم للانحرافات المتوقعة لقحت، وتوقعهم إنها ستكون في الحد المقبول بالنسبة لهم الذي يجعلهم يغفرون لأنفسهم تجاهلها، وهذا سيفسر تراجعهم عن دعمها بعد تجربتها النافية للجهل والمانعة للإعذار، وسيفسر ما حدث من تراجع في التأييد الشعبي لقحت على ضعفه أصلاً ..

▪️ أما من بلغ تقربهم إلى قحت قمته بعد تجربتها في الحكم، خاصةً من كان الجزء الأساسي من مشروع قحت ضد مشروعهم، فهؤلاء لا يمكن أن يُعدروا بالجهل ولا بسوء التقدير، بل يحتاج تفسير موقفهم إلى بحث عن علته بعيداً عن قواعد السياسة وأسس المنطق .. هل يحتاج الأمر إلى عون من علم النفس ؟

إبراهيم عثمان

اترك رد