توكل كرمان تكتب : السلمية واللاعنف في الاسلام

السودان

رصد : الراية نيوز

توكل كرمان تكتب :

 السلمية واللاعنف في الاسلام

أود ان اركز في بداية كلمتي على ان العنف ليس اشكالية حصرية مرتبطة بالاسلام والمجتمعات الاسلامية. العنف ظاهرة تاريخية ، وكل المجتمعات على اختلاف اديانها ايديولوجياتها الدنيوية شهدت جماعات واتجاهات تدعو للعنف وتستخدمه.

ان محاولة لصق العنف بالاسلام يمثل دعاية مضادة راجت بعد احداث 11 سبتمبر الارهابية ، وبالاصح ازدادت نسبتها عما قبل.
وهذه نظرة عنصرية تروج لارهاب مضاد في مواجهة ارهاب جماعات متطرفة كان للدول الغربية يد في دعمها وانشاءها لمواجهة الشيوعية في سنوات الحرب الباردة.

ليس من مصلحة البشرية وصم الأديان بالعنف بسبب التجارب التاريخية لاتباع هذه الاديان لسببين اولا كون هذا الأمر مجافي للحقيقة وثانيا لما لهذه الفكرة من أثر قد يلحق أبلغ الأضرار بالمسيرة الإنسانية نظرا لتاثير الأديان ولكثرة عدد اتباعها..

(العنف لا علاقة له بدين بعينه. وان الصاق العنف بالاسلام هو افضل دعاية يمكن ان تتلقاها الجماعات العنفية المتطرفة ، لأنه يقدم لها سببا لتعبئة انصارها باسم ارهاب مضاد يرى في الغرب مصدرا لكل الشرور.

ان الصراع الصفري وتقسيم العالم الى فسطاطين للخير والشر ، هو من طبائع الجماعات المتطرفة ، وهي موجودة في مجتمعاتنا الاسلامية وفي دول ومجتمعات الغرب. ألم نسمع هذه الخطابات من أسامة بن لادن وجورج بوش الإبن ، وتوابعهما هنا وهناك ؟)

لو اننا انسقنا وراء هذا التسويد لصفحة الاخر ودينه لوجدنا الكثير من الوقائع القابلة للاستخدام ، ولكننا نود ان نفهم جذور العنف التاريخية لا ان نذهب لفرز ديني وحضاري وصراع وحشي لابادة الاخر عبر التمهيد الذي يشيطن دينه وثقافته.)

في تاريخ الحروب الصليبية والحملات التبشيرية المسيحية في الامريكيتين والحروب الاستعمارية في افريقيا واسيا الاف الصفحات من تاريخ اسود يفيض بالدماء والمجازر .. وهو تاريخ يفهم من خلال سياقه التاريخي واسبابه وصراعاته الزمنية. فهل نذهب لتوظيفه بالقول ان المسيحية ثقافة تدعو الى العنف ؟

في اسرائيل وجه قناص رصاصاته الى رقبة الصحفية شيرين ابو عاقلة وارداها قتيلة ، وهو مثل الاف من الجنود يتم شحن ادمغتهم بثقافة تجعلهم يعتقدون ان فلسطين الخاضعة لاحتلال استيطاني اسرائيلي يرى في اسرائيل مركز الأمة اليهودية وانهم يصلون ويقاتلون من اجل مهمة جليلة هي التخلص من العرب الفلسطينيين واستعادة القدس والاراضي التي تضمنتها اساطيرهم ومعتقداتهم …. فهل نذهب لشيطنة الدين اليهودي والقول انه دين يدعو الى العنف ، ام ان الرؤية الصحيحة هي فهم هذا الاحتلال في سياقه التاريخي واسبابه الزمنية ؟

هل بامكاننا ان نقول ان الارثوذوكسية لها علاقة بالعنف ورفض السلمية ، لأن روسيا تشن حربا في اوكرانيا ؟

هل بامكاننا ان نقول ان المسيحية دين يرفض السلمية ويؤيد العنف لأن امريكا وبريطانيا خاضتا حربا لغزو العراق دمرته وخلفت ملايين القتلى ؟

هل بامكاننا ان نقول ان المسيحية دين ضد السلام لأن النازية والفاشية خرجتا من مجتمعات مسيحية وخلفت خمسين مليون قتيل في اوروبا ؟’

فلماذا توضع اشكالية العلاقة بين الاسلام والسلام والسلمية ، كأن القاعدة وداعش هما الاسلام ؟!
داعش والقاعدة والجماعات الارهابية والمتطرفة بنات عصرها ، وربما ان نسبها للانظمة المستبدة وللنظام العالمي الذي رعى الاستبداد وثقافة التطرف سيكون اكثر دقة من نسبها لمجتمعاتنا ولديننا.
***

إن فلسفة اللاعنف في الاسلام هي الفلسفة التي ظلم فيها الإسلام ظلما شديدا، نتيجة سوء التسويق من أبنائه أحيانا، وجهلا من أبنائه وأعدائه أحيانا أخرى، وفي كثير من الأحيان بفعل المكر والدسائس والكذب والتحريف والتزييف .

كثير من الناس لا يعلمون ان الاسلام يرفض العنف بشكل نهائي ما عدا عنف الدولة المشروع الذي يعطيها وحدها حق استخدام القوة وفقا للقانون ولهذا لم يثبت في تاريخ وسيرة النبي محمد انه تم استخدام العنف الا بعد قيام الدولة في المدينة اي بعد عمل الدستور ( صحيفة المدينة) وكان العنف حق في الدفاع عن وجود سياسي تم تحقيقه بالاقناع وبالسلم دون إراقة قطرة دم واحدة، وكان قبل اقامة الدولة يحرم استخدام القوة حتى في الدفاع عن النفس وكان النبي محمد يمنع اتباعه من الرد على الاعتداءات ويقول لهم ” صبرا ال ياسر ” ؛ ” اننا لم نؤمر بقتال ” ؛ وهذه طريقة مهمه جدا في صناعة ثقافة السلم وخلق مجتمع الرشد الذي يحتكم الى القانون ولا يسمح لاحد بأن ياخذ حقه بيده ؛

قد يستغرب البعض ان هذا الأمر المثالي موجود في الإسلام لهذا على المهتمين ان يبحثوا هذا الأمر بتجرد وموضوعية ولا يكتفوا بما يقال عن الإسلام هنا وهناك فالقرآن زاخر بالايات التي تتحدث عن منهج الانبياء السلمي وهم يتعرضون للتهديد بالنفي او العودة الى الملة السياسية والدينية للسلطة القائمة فيرفضون التخلي عن فكرتهم ويرفضون مغادرة الارض ويعارضون السلطة السياسية سلما حتى إسقاطها،

….

نبي الاسلام محمد رسول الله صلى الله عليه كان لا يردُّ الإيذاء بالإيذاء في مكة إن التاريخ يشهد بأنه كان يتجرع لمختلف انواع الاعتداءات اليدوية واللفظية من قومه وبكل رحابةكان يقول: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون). وهكذا كان نوح ولوط وإبراهيم وإسماعيل (عليهم السلام)…

المنهج القرآني يرسخ اللا عنف في قصة ابني آدم حيث يقول الله تعالى على لسان هابيل: (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني فما أنا بباسط يدي لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) حيث تبرز الآية المسلك الذي زكاه الله تعالى في حل النزاع من خلال أول نزاع عرفته البشرية في مطلع وجودها

وقد اسس الاسلام منطق اللاعنف ايضا في اقراره لحرية الاختيار للناس قال الله تعالى :
(فمن شاءفليؤمن ومن شاءفليكفر)ويخاطب محمدا
رسول الله :(ولوشاءربك لا أمن من في الارضي كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)
(انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر )…….

إنّ الإسلام هو دين السلم وشعاره السلام.. وقد دعى إلى السلم والوئام ونبذ الحروب والمشاحنات التي لا ينجم عنها سوى الدمار والفساد.. فقال سبحانه: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ()وقال تعالى داعياً عباده المؤمنين إلى اعتزال القتال إثر جنوح المشركين إلى السلم: (فَإِنْ اعْتَزَ لُو كُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً)

كما ان الاسلام يُقرِّر أنّ الناس، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:(كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلّا بالتقوى)

كما اكد الدين الاسلامي ان الخالق سبحانه وتعالى لم يخلق البشر ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنّما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

……
الاصدقاء الاعزاء :

ان الكلام المجرد عن ثقافة العنف دون الدخول في وقائع تاريخ البلدان والمجتمعات لن يجدي نفعا في انتاج رؤى متبصرة تعزز ثقافة السلام والتغيير السلمي.

دعونا ننظر في واقع مجتمعاتنا الاسلامية في الخمسين عاما الماضية. نظرة سريعة ستكون كافية لأن يدرك دارس مبتديء ان جذور ثقافة العنف المناهضة السلمية والتغيير السلمي تكمن في الأسباب التالية :

-انظمة مستبدة مارست العنف لاحتكار السلطة واذلال مجتمعاتها وإغلاق أفق التغيير وفرص الحياة امام أجيالها الشابة

-ثقافة التطرف الديني التي برزت مع صعود جماعات متطرفة إسلامية تستند الى موروث التخلف ، وهو احد جوانب تاريخنا الاسلامي وليس تعبيرا عن الاسلام الذي شهدت مجتمعاته صراعات وتيارات عديدة كلها يحاول تبرير نفسه بانه الممثل الحصري للإسلام

-الوجه الثالث لنمو ثقافة العنف هو توجهات الدول الغربية الاستعمارية في العالم الاسلامي وهذا يشمل اصرارها على ابقاء مستعمراتها القديمة خاضعة لها وتحكمها أنظمة تابعة واستبدادية تهدر تحصرها ومستقبلها. والوجه الاخر هو توجه الدول الغربية الكبرى لدعم تيار التطرف الاسلامي وجماعاته لاستخدامها في المواجهة مع المعسكر الاشتراكي والدول الشيوعية التي كانت تمثل القطب الاخر في النظام العالمي
كان العنف نتيجة لصعود الجماعات المتطرفة من جبهتين مختلفتين هما ؛ الجبهة الافغانية التي كانت بؤرة لتحسين الجماعات الوهابية السلفية ، والجبهة الاخرى كانت ايران التي تحولت الى بؤرة داعمة للجماعات الشيعية المتطرفة بعد ثورة الخميني وصعود الملالي واستيلائهم عبى السلطة في ايران
ولو استرسلنا في استعراض الأسباب التاريخية لانتشار ثقافة العنف وجماعاته سنحتاج الى مجلدات وندوات ومؤتمرات. وأي روية نزيهة لثقافة العنف واسبابه ستجد ان جدوره تقع في الوقائع التاريخية وفي صراعات زمننا وعوامل الصراعات الاجتماعية والجيوسياسية. وما يتصل بالدِّين والتأويلات الدينية المتناسلة منه لم تكن مطلقا السبب الحصري للعنف ، وان لم تكن بعيدة حيث استندت اليها بعض الجماعات وتم استثمارها من فاعلين سياسيين ودوليين لانها تخدم مخططاتهم ومصالحهم السياسية
ان الاسترسال في التركيز على العوامل التاريخية للعنف هدفه دحض الطرف الاخر الذي يحاول ادانة الدين الاسلامي والمجتمعات الاسلامية وكان العنف مرتبط بالنص الديني ونتاج للجينات والطبيعة والانتماء للإسلام

مع ذلك فنحن لا ننكر ان ثقافتنا الاسلامية تحتاج الى إصلاح ديني يحررها من الاستخدامات السلطوية التي اضرت بالإسلام وألحقت به تشوهات ليست من طبيعته ولا من نصوصه التي حضت على السلام والتعايش والسلام.

كما ان ان الاستبداد والمظالم والاستئثار بالسلطة والثروة واستخدام العنف لحماية هذا الانظمة الاحتكارية كان تاريخيا سبب أساسي لانتشار العنف. عندما يكون العنف هو اللغة الوحيدة فإن من البحث عن مصادر ايديولوجية لثقافة العنف في الدين والمعتقدات يمثل هروبا من مواجهة الحقيقة.

لقد استخدمت الانظمة الاستبدادية والجماعات المتطرفة الاسلام في صراعات المصالح التي حركتها وسعت من اجلها. كما سعت لوصف دعاة الحرية العدالة والحقوق والتغيير بانهم دعاة عنف وحرب او سببا في العنف والحرب حتى وات كانوا يتبعون النضال السلمي ووسائله ولا يحمل السلاح ولا يدعو الى العنف.

***
اللاعنف والنضال السلمي لا يعني الخضوع
وفي تاريخ الشعوب في الماضي والحاضر كان للكفاح السلمي من اجل التغيير سجل واسع تمكنت فيه قوى السلام والحرية من ان تضع اقدامها في تاريخ الامم وان يكون اللاعنف والكفاح السلمي منهجا لحركات تغيير تخوض في صراعات الواقع وتاريخ الشعوب وهو ما يقول ان الدعوة الى نبذ العنف لم تقتصر على أدوات الثقافة والفكر والرؤى والدعوات لنشر هذه الثقافة بل كانت فكرة اللاعنف والكفاح السلمي من اجل التحرر من الاستعمار كما في تجربة رائد حركة اللاعنف المهاتما غاندي وكذلك حركات التغيير والدعوات للمساواة ولنيل الحقوق المدنية.
وفي تاريخ الشعوب تجارب وتيارات سياسية كافحت من اجل التغيير ونبذت العنف وأدواته ، وعموما فان تجارب الدول الديمقراطية التي تسود فيها دولة القانون والحقوق قد جسدت تجارب ملهمة في ارساء أساس سلمي للتنافس وعقلنة الصراعات وإدارتها بعيدا عن استخدام أدوات العنف الذي خصت به دولة القانون التي يقر بها الجميع

***
في ساحات وميادين الربيع العربي القريبة العهد قبل عشر سنوات كان الكفاح السلمي هو ميزة الثورات الشعبية وأداتها للمطالبة بالتغيير. الهتافات والتظاهرات والاعتصامات السلمية لفتت أنظار العالم حتى ان نشاطات مماثلة انتشرت كمحاكاة لها في مطالب اخرى في مدريد ومقر بورصة وول ستريت وتنفس العالم نسمة هواء ممزوجة بالأمل هبت من قوة دفع هذه الثورات السلمية ،.

كانت ثورات الربيع العربي السلمية منعطفا مهما في خلق مناخات التغيير السلمي واجتذاب التيارات السياسية ذات المرجعية الدينية التي نبذت العنف وأقرت بالعمل السياسي السلمي نحو المشاركة في التحول الديمقراطي الذي نتج عن الثورات. كانت الامال كبيرة والعالم كله يشاهد تلك التجربة المتقدمة في اكبر بلد عربي مصر ويتابع انتخابات نزيهة وتبادلا سلميا للسلطة هو الاول من نوعه في تاريخ مصر والمنطقة كلها. وكانت الامال كبيرة ومماثلة من تونس الى اليمن. وكانت هذه التحولات تسابق الزمن بالتوازي مع تمكن قوى الحرب وحلفاءها الإقليميين والدوليين من تحويل ليبيا وسوريا الى نموذجان ملطخان بالدم لبث الصدمة والرعب في وجدان الشعوب العربية كلها وطي صفحة النموذج الجذاب للتغيير السلمي الذي أبدعته الثورات السلمية الشعبية.
والآن نشاهد كيف كُسرت الموجة السلمية بحرب نستطيع ان نصفها وبدون مبالغة بانها حرب عالمية. لقد فتحوا الباب لقوى العنف والارهاب لانها الوجه الاخر لقوى الانظمة العنفية القائمة على الحرب وأسست حكمها على الحرب وحكمت مجتمعاتها بالحرب
وفي ذات الوقت يتم الان تصنيف الحركات السياسية الاسلامية التي نبذت العنف ودخلت ميدان السياسة ، يتم تصنيفها في قوائم الارهاب ، بينما الجماعات المتطرفة يتم اجتذابها ورعايتها وتسليحها وتشكيل ميليشياتها لها برعاية إقليمية ودولية. هذا ليس كلاما مرسلا بل حقائق وسياسة السعودية والامارات وإيران في اليمن واكثر من دولة عربية نموذج فاقع وصادم على هذا التوجه المدمر.

لم تواجه ثورات التغيير السلمية قوى العنف والحرب الداخلية وحدها بل واجهت معها نظام عالمي تحكمه شركات الأسلحة ، التجارة الاولى في العالم ، وشركات النفط والغاز ، وهو داعم للانظمة المستبدة التابعة له ويقوم بتسليحها وشارك في صعودها وانقلاباتها وعملياتها العنفية القذرة ضد معارضيها خلال النصف الاول من القرن الماضي وحتى الان.
تحويل الانظمة المستبدة مسار الثورات السلمية باتجاه الحرب استجلب قوى من نفس الميدان في الداخل والخارج. داخليا حصلت التنظيمات الارهابية على الفراغات التي تبحث عنها لكي تنمو وتوسع نشاطاتها الارهابية ، وخارجيا تدخلت القوى الإقليمية والدولية لتنقل الحرب المحلية الى حرب إقليمية دولية ساحاتها بلدان الربيع العربي ، وكأن قدر الثورات السلمية ان تقف امام العالم الذي اعلن الحرب عليها.
——
أخيرا ايها الاعزاء:

ان التسلط والاستبداد هو المحرك الاساسي للعنف وليس الاسلام كدين وثقافة.

ستبقى قضية التجارب التاريخية للحضارة الإسلامية تشكل حاجز امام فهم الإسلام كما ينبغي وهناك للأسف من يحاول المطابقة بين الإسلام وتجارب المسلمين وهذه مغالطة يدركها اولي الالباب؛ لأن هناك مسافة دائما بين الفكرة وتطبيقاتها حتى في الأفكار والايدلوجيات الحديثة ولا يمكن لنا طمس كل الجوانب المشرقة والإيجابية في الإسلام او غيره من الأديان او النظريات بسبب التطبيقات التاريخية التي تتلبس بها اهواء البشر ونزعاتهم التسلطية وطغيانهم البشري.

ان خيار اللاعنف والكفاح السلمي من اجل الحرية والكرامة والتغيير والسلام سينتصر في نهاية المطاف لأن شعوبنا ومجتمعاتنا قد عاشت تجارب مريرة في تاريخها الحديث وأدركت ان التغيير بالقوة والعنف لا يحقق طموحاتها وان الاحزاب التي اختارت الكفاح المسلح قد تطبعت بثقافته وأصبحت احزاب مستبدة يحكم باسمها فرد مستبد بينما كانت اثناء كفاحها المسلح ترفع رايات الانتصار للشعب والقيم الانسانية والعدالة والمساواة.

هذه مهمتنا الان في العالم : تحويل الحاجة الى السلام والنضال السلمي الى تشابك عالمي من اجل الانسان من اجل السلام من اجل مواجهة العنف الوحشي. لا يحتاج العالم الى حرب عالمية ثانية وخمسين مليون قتيل لكي يستعيد إيمانه بالسلام وضرورة نبذ العنف. هذه الحروب الدامية وهذا العنف الوحشي الذي يتسع كل يوم كاف ليستعيد العالم وعيه الإنساني. يحتاج ذلك الى نظم تعليمية ونظام عالمي جديد لا يقوم على السلاح والإخضاع ويحتاج الى العودة الى منابع الثقافة الانسانية الخلاقة وتاريخ عطمائها الذين نبذوا العنف والحروب وضربوا لها نماذج في الرقي والمحبة وطريق البناء والتقدم والسلام.

اترك رد