دكتور ياسر أبّشر يكتب : الوجه الضاحك للشيطان : فتح الله غولن (4)

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب :

الوجه الضاحك للشيطان : فتح الله غولن (4)

كتب باحثون وصحفيون أن تحالف حزب العدالة والتنمية مع تنظيم غولن خلال الفترة من 2002 وحتى 2009 كان بسبب خوف حزب أردوغان من الجيش العلماني أن ينقلب عليه، وعلمه أن لغولن نفوذاً داخل الجيش، فاحتاجه لبعض حماية من خطورة الجيش، لكنه لم يكن يدرك أن التنظيم بكل هذه القوة داخل الجيش؛ نظراً للسرية المفرطة، التي كان يدير بها خلاياه داخل الجيش.

وقد كتب كثيرون وأوردوا شهادات من مختصين فيه وأعضاء سابقين في التنظيم تؤكد كلها على السرية Secrecy التي يعمل بها التنظيم.

فقد كتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز LAT (17 أغسطس 2016) عن الحركة الدينية السرية Secretive Religious Movement.

وكتبت ذا أتلانتك (14 مايو 2012) عن Secretive Islamic Gulen School Movement،
وكتب آخرون كُثُر عن هذه السرية المثيرة للشكوك والشُبُهات.
وبلغت المخاوف من الحركة السرية حتى بعض الدول في آسيا الوسطى.

ولأن الحركة كانت في تحالف مع الحزب الحاكم، فقد نجم عن هذا التحالف ترد في العلاقة مع بعضها وتركيا (مثلاً كازخستان التي أغلقت مدارس الحركة لديها في 2010).

وأوردت لوس أنجلوس تايمز شهادة السفير الأميركي جيمس جيفري، الذي عمل كسفير في الفترة 2008 – 2010 عن تغلغل حركة غولن السرية إذ قال:
‏“The Gulen movement was very effective in influencing other state institutions, particularly the police and judiciary, as well as some industrial groups and the media, and using this infiltration to advance its own agenda rather than that of the state or the larger institution,”
«إن لحركة غولن تأثيراً عظيماً على مؤسسات الدولة وبخاصة الشرطة والقضاء وبعض المجموعات الصناعية والإعلام، وتستخدم اختراقها لهذه المؤسسات لتحقيق أجندتها الخاصة عوضاً عن أجندة الدولة أو مؤسسات الدولة العُظمى».

وفي حديث له، قال غولن عام 1999 لأنصاره – وفقاً ل LAT -: «يجب أن تدخلوا إلى شرايين النظام arteries of the system دون أن يُحس أحد بوجودكم، حتى تصلوا إلى جميع مراكز القوة، وأن تبقوا منتظرين إلى أن يأتي الوقت الذي تسيطرون فيه على كل قوة الدولة وتضموا إلى جناحكم كل القوى الدستورية في تركيا».

ونسبت الصحيفة الأمريكية إليه تلميحه، قبل عامين من هذا التصريح، إلى استعداده لدعم انقلاب على حكومة الإسلاميين المنتخبة (حزب العدالة والتنمية).

ونسبت مصادر عديدة لأعضاء سابقين في تنظيم الخدمة قولهم: إن السرية وإخفاء نوايا التنظيم الحقيقة كانت أهم شيء لديهم.
ونسبت إلى زكريا كرايست، وهو أمريكي أسلم وعمل مدرساً في مدارس التنظيم في تركيا، أنه سمعهم يتحدثون عن توظيف أعضائهم في وظائف حكومية هامة، بناءً على ولائهم وليس على قدراتهم ومؤهلاتهم.

وقال الصحفي روشن شكير: «إن السرية كانت مبدأ أساسياً لغولن، وظلت منظمته مغلقة تعوزها الشفافية منذ بداية تأسيسها، وغدت تمثل وكالة استخبارات أكثر من كونها منظمة إسلامية».
His organization Resembles an intelligence agency rather than islamic movement
ووصف مصطفى أكيول، الكاتب في Al-Monitor غولن بأنه: «إسلامي سلطة مكاتب»
“bureaucratic Islamists, in the sense they want state power, but not by winning it in elections,” he said. “Their tactic was always to get power by very meticulously raising a cadre in a secretive way to capture key positions in the state.”

«يريدون سلطة الدولة، ولكن ليس عبر كسب الانتخابات، فتكتيكاتهم دائماً هي الحصول على السلطة بتربية كوادرهم عبر تخطيط دقيق بسرية للسيطرة على مواقع رئيسية في الدولة».

بذلت حركة غولن جهداً جهيداً في مجال العلاقات العامة وتجميل صورتها، وبالفعل نجحت في هذا المسعى؛ لأنها كانت تستضيف علماء مسلمين كباراً وصحفيين وسياسيين من كل البلاد الإسلامية.

لذلك تجد إشادات دكتور عمر عبد الكافي ودكتور العودة وغيرهم من كبار العلماء.. وتجد إشادات الصحفيين الذين تستضيفهم وتهاديهم.. ومع كل هؤلاء تحيطهم ببرامجها التعليمية والخيرية، وفي الحقيقة فهم لا يعرفون إلّا قمة جبل الجليد، لأن الجزء المخفي السري، خاصة السياسي وعلاقتها بالمخابرات الغربية وإسرائيل، وخطتها للسيطرة في تركيا وغيرها، هو الأساس وهو الأخطر.

وكل هؤلاء الشيوخ الأفاضل لم يطلعوا على ما كتبته أتلانتك The Atlantic عن عضو «الخدمة» المتدين، الذي قدم الخمور في زواجه، وتزوج من علمانية: إنه فعل هذا بتعليمات من «الخدمة»!!..ولا يعلمون أن المدارس لا تحث التلاميذ على الصلاة، وأن الذين يصلّون لا يتجاوزون 10%، وهي مدارس تابعة لمن يفترض أنه زعيم ديني يقول إنه يريد أن ينشر ما يُسمى الإسلام المعتدل.. ولعلهم لا يعلمون أن غولن أباح لأتباعه، الذين في الأجهزة العسكرية والأمنية، فطر رمضان وشرب الخمر وعدم الصلاة. ولم يقرأوا أن الزعيم الديني/ المتصوف قال:
«العلمانية نعمة عظيمة في تركيا، خاصة للمسلمين ولغيرهم من الناس»، وربما لم يعلموا أن غولن يروِّج – مثل الغربيين – أن الأتراك مارسوا مذبحة ضد الأرمن، رغم أنها كانت حرباً سجالاً، قتل الطرفان فيها بعضهم بعضاً.

ومما مكّن غولن وأتباعه من الخداع أن السلوك الشخصي الظاهري كان كتهذيب الجمهوريين الشخصي، فقط عليك أن تغض الطرف عن خطرفات غولن الدينية (مثل محمود) وعلاقاتهم بالمخابرات الغربية والصهيونية.

كانت محاولة غولن الانقلابية كارثةً عليه، فقد أصبح أغلبية الأتراك على قناعة أنه من كان وراء الانقلاب، بشهادة مراسل Cumhuriyet في واشنطن، إلهان تانير، الذي قال: إن سمعة جماعة «الخدمة» في تركيا أصبحت أسوأ من سمعة داعش..
وما كتبته المونتير أن كل الأتراك على قناعة أن «غولن وراء الانقلاب»
“‏it’s virtually everyone in Turkey.”
وكذلك ما ورد من شهادات في LAT وغيرها من مصادر غربية.
حكمت العلمانية المتطرفة ضد الإسلام تحديداً تركيا عشرات السنين، ولكن ورغم ذلك، ومما لوحظ يوم انقلاب 15 يوليو 2016، والرصاص منهمر، أن أكثر هتافات الجماهير بمختلف توجهاتها كان: «يا الله، بسم الله، الله أكبر»، ولوحظ أن كثيرين كانوا يتوضأون قبل الذهاب لمجابهة الرصاص، حتى أن عشرة قتلوا وهم يتوضأون في بركة أمام مبنى بلدية اسطنبول، لم يكونوا يريدون أن يموتوا من غير وضوء !!!.

دكتور ياسر أبّشر
————————————
18 يوليو 2022

دكتور ياسر أبّشر يكتب : “الوجه الضاحك للشيطان”: فتح الله غولن (3)

اترك رد