إبراهيم عثمان يكتب : بين الدفاع المتروك و “كاني ماني” وناس قريعتي راحت

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

بين الدفاع المتروك و “كاني ماني” وناس قريعتي راحت

الدفاع الوحيد الذي لا تستخدمه أحزاب الفكة القحتية في مواجهة اتهامات التهرب من الانتخابات، هو وجود حزب الأمة القومي بينها بثقله التاريخي، وعدم تصنيفه كحزب فكة، وبالتالي عدم انطباق تهمة الخوف من الانتخابات عليه، رغم أنها لو استخدمته سيكون أكثر وجاهةً من غيره من الدفوعات البائسة غير المقنعة ..

▪️ تمتنع أحزاب الفكة من استخدام هذا الدفاع لأنه يحمل اعترافاً ضمنياً بصغرها، وبتوفر أسباب الخوف من الانتخابات عندها، ولأنه سوف يكون، في جوهره، دفاعاً عن حزب الأمة وحده لا عن كل قحت، هذا إضافة إلى أن هذا النوع من الدفاع قد يجر عليها السخرية حين ينطبق عليها المثل الشعبي ( تباهي القرعاء بشعر بنت أختها ) ..

▪️ من مصلحتها ألا يشعر حزب الأمة بتميز خاص معترف به، واستخدامها لدفاع كهذا سوف يعطي حزب الأمة تميزاً وأفضلية عليها، ويؤدي إلى قلب معادلات القوة داخل قحت، بما يكفي لتحوله من حزب تابع إلى متبوع .. من حزب باهت متردد يزاوج بين دعم بعض جوانب مشروعات الآخرين، والصمت عن بعضها، والاكتفاء بالتحفظات الباهتة على جوانب أخرى، إلى حزب طامع في أن تحمل الفترة الإنتقالية الجديدة بعض ملامح مشروعه..

▪️ حزب الأمة القومي نفسه مستهدف بخطة التهرب من الانتخابات، وهذا ما أشار إليه الإمام الراحل الصادق المهدي بحديث ( كاني ماني ) الشهير، عندما طالب بنصيب الأسد في مناصب الولاة، وإذا رفض ( ناس قريعتي راحت، وما أكثرهم)، وقالوا “كاني ماني”، فسوف يكون رده هو المطالبة بانتخاب الولاة ..

▪️وهذا الاستهداف أشار إليه أيضاً كلٌ من الراحل فاروق أبو عيسى، والسفير إبراهيم طه أيوب، ذلك حين أوصيا الأحزاب اليسارية بالتمسك بفترة انتقالية طويلة حتى لا تتكرر “أخطاء” الانتخابات التي تلت الفترات الانتقالية السابقة التي جاءت نتائجها على غير هوى اليسار .

▪️ وهو ما كان المهندس خالد سلك قد سبقهم إليه، في لحظة تهور نقدية – ذاتية لا شك إنه ندم على تورطه فيها، ولعل إمعانه الآن في العمل بعكس مقتضاها، يأتي من باب التكفير عن ذنبه الكبير، ولهذا السبب نجده قد نزل من علياء النقد الذاتي الشجاع إلى درك الحيل الساذجة ( البرهان أيضاً قال الأحزاب للانتخابات، وهذا سببٌ كافٍ لنقول الأحزاب ليست للانتخابات ) ..

▪️ حزب الأمة القومي حل مشكلته الخاصة مع ( ناس قريعتي راحت الكثر ) بامتناعهم عن قول ( كاني ماني ) وقبولهم بأخذه حصة معقولة من الولاة، ويطمع في حلها في الفترة الانتقالية الثانية بطريقة قد تكون مشابهة لهذه، لكنه يتجاهل ( كاني ماني ) الكبيرة التي تعطل الانتخابات العامة وتعطي ( ناس قريعتي راحت ) أكثر بكثير مما يستحقون، بل مما يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم يستحقون ..

▪️ نعم لا يردد حزب الأمة حجج أحزاب الفكة القحتية لتأجيل الانتخابات، لكن من الواضح أن مقدار ثقته بالفوز في الانتخابات لا يكفي لأن يتصدى لتفنيد هذه الحجج، ومقاومة التأجيل المتكرر للانتخابات، ولعل سبب ذلك أنه يخشى من ألا يكون السودان قد بقي مجمداً في لحظة انتخابات ١٩٨٦، ولذلك ينتظر، مثل أحزاب الفكة، تكسير عظام المنافسين المحتملين قبل الانتخابات، ويفضِّل “كاني ماني” صغيرة يزجرها بتهديد، ويأخذ ما يريد، على رفض كاني ماني الكبيرة، وخوض المجهول، واحتمالات المفاجآت ..

إبراهيم عثمان

اترك رد