هشام الشواني يكتب : النطاق الحيوي السوداني

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

هشام الشواني يكتب :

النطاق الحيوي السوداني

السودان من ناحية عرقية به مجموعات عربية وزنجية وبجاوية وغرب أفريقية، هذه المجموعات العرقية سكنت هذه الجغرافيا الذي سماها بعض المستشرقين بالسودان الشرقي، من ناحية ثقافية فإن الثقافة العربية والإسلامية متجذرة في السودان منذ قرون، وعندما نقول الثقافة العربية الإسلامية، يجب أن نفهم الفرق المهم بينها وبين أن نتحدث عن مجموعات عرقية عربية. فمثلا في زمن مملكة تمبكتو نواحي مالي الحالية؛ كانت هي من تمثل المركز الحضاري للثقافة الإسلامية العربية، بأكثر من نواحي أخرى ينتشر فيها أعراب بدو بعيدين عن التمدن.

ما يجمع السودان بغرب أفريقيا قديم، تشابهات ثقافية ومورفولوجية بما يذكرك بعادة الشلوخ القديمة في شمال السودان، أما وجود نسب عربي في السودان فهذا شيء مؤكد من ناحية أنساب قبائل جهينة في الوسط، وبعض القبائل الأخرى؛ وأسطوري من ناحية ذلك النسب العباسي للقبائل الشمالية ذات الثقافة العربية النوبية. وهذه الحالة الأسطورية مفهومة في ظل التراتبية الاجتماعية لتركيب دولة الفونج.

لقد عرفت هذه الجغرافيا ممالك عديدة وروابط قوية قديمة، لكن مأساتها بدأت مع الاستعمار والدولة الحديثة، والنمط الاقتصادي الذي أنشأ المدن الحديثة بشكل غير سليم ومنبت، وقيام الدول وهي تعاني من الفقر والأمراض ومع عوامل تغير مناخي يتسبب في صراعات بين المزارعين والرعاة، ونشاط ريعي بعيد عن التصنيع، وحروبات وتدخلات خارجية. وإلى آخر ذلك من عوامل التفكك والتحلل. كل ذلك تسبب في مأساة هذه الجغرافيا التي ننتمي لها.

لا نهضة للسودان بدون دولة قوية، ولا نهضة بدون توسعية تفكر في النطاق الحيوي السوداني، وبالتأكيد لا نهضة بدون ارتكاز على العناصر الرئيسية للهوية السياسية الجامعة ممثلة في:
١- الإسلام.
٢-اللغة العربية.
٣-المزيج الأفريقي السوداني المشكل من لغات وتقاليد مشتركة.

هذه العناصر الثقافية لا تخلق وحدها الدولة، لكنها تساهم مع العناصر المادية الاقتصادية، والاستقرار السياسي الذي يستلزم حد معقول وضروري من قهر الدولة. وخصوم هذا المشروع تتمثل في ثلاث اتجاهات:

١- الاتجاه النيوليبرالي الاقتصادي الذي يعادي الدولة وتخطيطها المركزي.
٢- الاتجاهات الليبرالية السياسية والعولمة الثقافية، التي تفرض نموذج ديمقراطية تعددية على نمط غربي لا تصلح لواقعنا. فنموذج الديمقراطية السودانية يجب أن يكون متناسبا مع البيئة والتطور.
٣- الاتجاهات الزنوجية الأفريقانية التي تطرح خطاب عرقي عنصري يقسم ولا يجمع، ويركز على عداء عنصري الإسلام واللغة العربية متأثرا بالاستعمار. بجانب الاتجاهات العرقية المضادة التي تتشارك مع الزنوجيين ذات الأسس.

في واقع الحال اليوم يجب ترتيب الأولويات، بحيث نحافظ على تماسك الدولة وتماسك مؤسساتها، ووحدة البلاد، وضبط الهجرات التي تتسبب في صراعات عرقية محلية، ضبطها بالتخطيط الذي يقود لتنمية تساهم في الاستقرار والتعايش طويل المدى. وحتى ذلك الوقت فالقهر الوطني ضروري ولازم وحاسم. وهذا ما ليس منه بد.

هشام الشواني يكتب : الأمور تحت السيطرة، لكن كيف نفهمها لنتصرف بطريقة صحيحة؟

اترك رد