د.محمد المجذوب يكتب : مشروع تجديد نظم المعرفة والتعليم

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

د.محمد المجذوب يكتب :

مشروع تجديد نظم المعرفة والتعليم

وهو المشروع الذي يتناول مسألة تجديد فلسفة التعليم في السودان في سياقها النظري الفلسفي والتطبيقي، وما سيترتب عليها من مناقشات على مستوي إصلاح نظم التعليم والمعارف في السودان، باعتبار إن إصلاح نظام التعليم في مراحله جميعاً رهن بالتجديد المعرفي والنظري للمعرفة الإنسانية، فالتجديد المنهجي يعد فاتحة ضرورية لحل الإشكال التعليمي والتربوي الراهن، نظراً لأهمية توافر الرؤية العلمية لسائر المجالات المعرفية قبل الشروع في استعراض تجارب التعليم الدائمة والمتجددة، لان المسالة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالنظرة النهائية للوجود والعالم، وما يتركه ذلك من اثر على تكوين العقل السوداني.

فيكون هذا المشروع التجديدي على هذا النحو من أكثر الموضوعات حيوية ومعاصرة، وكلما تجدد الزمان والأحوال وجب تجديد موضوعها بصورة أكثر عموميةً وشمولاً وعمقاً، باعتبارها تناقش وتوضح أثر الرؤية الكونية الإسلامية، على تصور ماهية العلم والنظم المعرفة العلمية في الحياة الإنسانية.

وانطلاقاً من وعينا الكامل بأهمية المعرفة التوحيدية في تصور وبناء الرؤية المعرفية والعلمية، إلى حد اعتبار القران الكريم هو الأصل التكويني للرؤية العلمية، كونه المؤسس الوجودي الراشد للوعي الإنساني عموماً والعلمي خصوصاً، وهو ما يتأتى من جهة بناء فلسفة الفكر العلمي وماهية النظم التعليمية، من خلال الرؤية الإسلامية، التي تعني بالرؤية العلمية ثلاثية الأبعاد الله تعالى، الإنسان، العالم والتي يفهم بها الإنسان المعرفة العلمية، ويتم من خلالها إنتاج وإعادة إنتاج المعرفة العلمية، وتمثل الإطار الذي يقوم من خلاله العالم بتفسير العالم المادي أو الاجتماعي المحيط به والتفاعل معه ومع مكوناته، لجهة إنها هداية إلهية تعمد إلى توضيح الغايات والمقاصد العلمية والأخلاقية النهائية، في آن واحد متجاوزة في ذلك إشكالات الرؤية الوضعية للعلوم والمعرفة، مما يجعل مقاصد العلوم والمعرفة أكثر إنسانية وأكثر إيجابية وأخلاقية.

ليظهر وجه الافتراق والاتفاق بين النظم المعرفية التي يعمل بها المجتمع العلمي الوضعي، وبين جهة النظام المعرفي القائم على نظام العلاقات بين جلال الله تعالى والإنسان والطبيعة وترتبيها وآثارها المتبادلة في بنيته العلم ونظمه الداخلية الخاصة وفي تجلياتها وتبدياتها التطبيقية على الواقع التعليمي في السودان ومستقبله.

ومن هنا فان دعوة مشروع الاحياء والتجديد هي دعوة الى إصلاح نظام التربية والتعليم في السودان، بحيث يكون نظاما توحيدياً مبنياً على أسس علمية مرنة وبديلاً عن النظامين الديني التقليدي والعلماني الحديث، كون أن الأول ذو نظرة تجريدية جدلية والثاني ذو نزعة وضعية حسية.

وباعتبار أن النظرة التقسيمية للعلوم لا تبدو مقبولة في سياق النظرة الإسلامية للعلوم، لا سيما وأنها تنطلق أساساً من مسلمات التوحيد، مما يجعل مسألة تقسيم العلوم إلى علوم دنيوية وأخرى دينية أمراً لا يجد التبرير الكافي، وكذا الحال فيما يخص العلوم الحديثة، بوصف أن الوحي القرآني يعطي تلك العلوم رسالة ومعنى ومثلاً عليا، عندما تأخذ العلوم المنشودة تتمايز تمايزاً نوعياً تخص به نفسها عن العلوم التقليدية او الوضعية، لا سيما على مستوى مقاصدها وغاياتها ومثلها العليا التي توجه وجهتها العامة أي روحها العامة ومثلها الدينية التي تدعو إلى إقامة التوحيد وقيمه في العالم وتغذية تلك الغايات والنوايا اللامتناهية من الإيمان بالله تعالى، ودوافع الرغبة في الإنجاز لأجل الجزاء في الدار الآخرة كل ذلك يمنح المنهج العلمي حيويته وهداه.

اترك رد