دكتور ياسر أبّشر يكتب : دروس للسفير الأميركي (3)
السودان
الخرطوم : الراية نيوز
دكتور ياسر أبّشر يكتب :
دروس للسفير الأميركي (3)
اسمح لي يا سعادة السفير أن أبشّرك أنني أحب الشعب الأميركي. ففي أميركا درست، وعايشت منذ كنت في الجامعة وفي خارجها أمريكان عاديين، لمست فيهم طيبة وبراءة وإنسانية. مشكلتي إذاً مع أميركا الرسمية وتحديداً مع (الملأ) من قومك (The Establishment)، فهؤلاء من ملأوا الأرض ظلماً وجوراً. وعبر إعلامهم يضللون ذاك الأميركي البريء، لتظل الطبقة العليا التي تمثل فقط 1% من إجمالي السكان تعيش في الدّعَة والنعيم، ويظل 50% من السكان يعيشون على 2.3% من ثروة البلد، وهذه بيانات بنك الاحتياطي الفدرالي the Fed. الأمريكان العاديون الطيبون يعانون من طحن الرأسمالية المتوحشة، وبلغة أخينا مارتن لوثر كينج Suffer peacefully!!! أهذا النموذج الذي تسعون لأن تغرُّونا به؟؟
وأنت تحدثنا عن نقابة الصحفيين المزورة “كنموذج” ونحن نعرف أنكم تجندون بعض الصحفيين كعملاء، واعترف بذلك ضابط CIA جون كيرياكو في لقاء تجده في يوتيوب.
ولأنك حدثتنا عن النقابة النموذج دعني أحدثك عن أبو الصحافة السودانية اليوم، الذي خرّج عشرات الصحفيين والإعلاميين، ويُنظر له كمكتبة في التراث والأدب والفن. ذلكم هو الأستاذ حسين خوجلي الذي صادر أتباعكم ممتلكاته دون جريرة ودون حكم قضائي، والأسوأ أنهم منعوا عنه العلاج حتى فقد بصر إحدى عينيه، وكاد أن يفقد الأخرى. تلك هي فِعال ومخازي من تفخر بهم، يا رسول سيدة العالم الحر!!
لكن لِمَ العجب وسيدة العالم الحر هي التي شنت 90 حرباً على نطاق العالم، وهي التي أطاحت برئيس الوزراء الإيراني المنتخب محمد مصدق، وبالليندي (ينطقها أهله في تشيلي آيندي Allende) وغيرهم، وآخر المنتخبين الذين أطاحت بهم كان الرئيس المصري مرسي، وشهد السيسي على الملأ أنه كان يتصل بوزير دفاعكم يومياً قبل انقلابه. واعترف جون بولتون بمشاركته في تدبير انقلابات عديدة.
سيدي السفير: تدعم بلدك كل طاغية ودكتاتور مطيع، ولو سجن 60 ألف من مواطنيه كما يفعل السيسي، وفي بلادنا يقبع عشرات السياسيين خلف القضبان بلا محاكمة أو بمحاكمات متطاولة. ألم تبلغكم القاعدة القانونية التي تقول: “تأخير العدالة كإنكارها” Justice delayed ,justice denied وتدعمون طغاةً بُغاة لم يسمعوا بالديمقراطية كابن زايد وابن سلمان، وتفتأُ تتحدث أنت عن الحريات وعن الديمقراطية.
وتتحدثون عن حقوق الإنسان وما زال بشر أغلبهم أبرياء تزجّ بهم حكومات متعاقبة في بلدك في قوانتينامو. ومارستم أفظع ضروب التعذيب، وتتخذون له أسماءً مُنمّقة كذوبة وغامضة مثل: “تقنيات الاستجواب المعززة” Enhanced Interrogation Techniques، التي تعني ضروب تعذيب كالإيهام بالغرق water boarding، والتغذية الشرجية، والاغتصاب، والمنع من النوم، ووضع السجين في غرف مبرّدة. وابتدعتم نظام “المساجين الأشباح” Ghost prisoners حيث تخفون المعتقلين في سجون سرية في تايلاند والمجر ومصر ليذوقوا صنوف العذاب. وشهد بهذا وبغيره ضابط CIA خوسي رودريقرز في مؤلفه المريع Hard Measures. وحتى مديرة CIA الحالية جينا هاسبل (التي يسميها بعض ضباط الوكالة جينا الدموية) سافرت لترى كل هذا بأمِّ عينها في تايلاند، فتأمّل ساديتها. ورغم كل هذا لا تستحون من الحديث عن حقوق الإنسان!!!
أنتم، سيدي السفير، تُحسنون تدبير الانقلابات، لكنكم لا تدرون ما سيقع بعدها، ولا تخططون لعواقب مؤامراتكم في “اليوم التالي” The Day After. فبعد استيلائكم على العراق أوكلتم أمره للأحمق بول بريمر الذي كان أشدّ طغياناً من صدام، كما فضحه سجن أبو غريب فيما بعد. سرّح بريمر كل الجيش العراقي ونفذ ما سمي اجتثاث البعث، وشغّل عملاؤكم في العراق آلتهم الإعلامية ضد البعث بنفس طريقة كل ” كوز ندوسو دوس”. فكانت النتيجة ولادة داعش وخراب العراق.
سلفك في السودان ورصفاؤك من سفراء الغرب وابن زايد وڤولكر، وعملاؤكم، لقلة عقلهم أو لتدبير متعمّد لم يفكروا في “اليوم التالي”. وكما حدث للبعث، أعلن عملاؤكم حل المؤتمر الوطني بالمخالفة لكل القوانين، ونكّلوا بمواطنين ثم حلّ بالسودان الخراب والتّباب، لأن همكم الأول ليس تطوير وتنمية البلاد التي تسيطرون عليها عبر قحاتتكم في كل هذه البلاد، همكم الأول هو تطبيق برنامج تغريب Westernization، وتعيين مسؤولة عن النوع، وتغيير قوانين حراسة قيمنا، وإباحة الزنا والخمر، وتمويل منظمات إشاعة الرذيلة والمثلية. وفي هذا الصدد يعرف السودانيون أن هولندا تموّل “منظمة عديلة” للترويج للمثلية، فأي منظمات رذيلة تموّل سفارتك؟؟
ترسلون إعلاميين يطوفون على الرؤساء الأفارقة يسألونهم عن مواقفهم من المِثلية كنوع من الضغط ليقبلوا بها.
سألت الصحفية الأمريكية كريستيان أمانبور الرئيس الكيني وليام روتو عن موقف حكومته من المثليين وما إذا كان سيقمعهم مثل كثير من القادة الأفارقة؟ فقال لها:
“هذا ليس موضوعاً كبيراً في كينيا، إننا نصارع لنجد وظائف لخمسة ملايين شاب عاطل، وأربعة مليون جائع”
وسألت صحفية غربية أخرى موسڤيني، فأجابها: “احترمي المجتمعات الأفريقية وقيمها، دعينا ندير مجتمعاتنا بالطريقة التي نراها، بنفس القدر الذي لا نتدخل به في قيمكم”. وعن رأيه في المثليين قال لها موسڤيتي: “إنهم مقرفون، ما يفعلونه فظيع ومثير للاشمئزاز”
أما رئيس قامبيا السابق فقال: “لم يكن في إفريقيا مثليون حتى بين الضفادع والماشية، وما يفعلونه غير أفريقي وغير أخلاقي وشرير. كل ما قال الله أنه حرام سنطبقه حرفياً، وليس مُهمّاً ما يقال عني”
كان أهم من استعنتم به لإسقاط صدام، أحمد الجلبي الذي أقررتم أنه كذاب خدعكم، وعميلكم رأفت علوان الجنابي الذي كان اسمه الكودي في وكالات استخباراتكم ” كيرڤبول”، وحتى هذا أقر بكذبه عليكم. وكلهم خونة تافهون. ووضعتم في العراق مستشاراً أمريكياً في كل وزارة.
وفي السودان جندتم حمدوك وعمر قمر الدين، وكل جماعة “سفارة سفارة”. يا لبراعتكم في تجميع السفلة والحُقراء والحثالة. تهانينا. وأوكلتم ليونيتامس الإشراف على كل شيء.
إحصاءاتكم (National survey on drug use andhealth) تقول إن 74% من الأمريكان البالغين يعانون اضطرابات جراء تناول الكحول والمخدرات، وأن 8.5 مليون منهم أوصلتهم تلك المواد إلى اضطرابات عقلية. وفي أميركا حوالي 25% من السكان الذين تفوق أعمارهم 18 عاماً يعانون من أمراض عقلية.
عدد سكان بلدك – سعادة السفير – يمثلون حوالي 5% من سكان العالم لكن بها 25% من سجون العالم!!! ومن ثم يمكنني أن أقول بكل ثقة إن أميركا بلد موبوء بالجريمة Crime Infested Country. نظامه الاقتصادي والاجتماعي يخلق بيئة تُولّد الجرائم برغم الثراء. أترى أن هذا هو النموذج الأمثل الذي جئتنا به، ويجب أن نتمثّله ونحتذِي به في سوداننا!!!؟؟؟
قل لي بربّك ما جدوى كل هذا التقدم التكنولوجي في بلد محطمٌ به الإنسان؟؟
برغم حملات التشويه والإسلاموفوبيا فالإسلام هو الدين الأسرع انتشاراً في العالم وفي أميركا. وأعرف بروفسيرات وعلماء ودبلوماسيين أسلموا.
سيدي السفير اسمح لي بأن أنصحك بقراءات عن الإسلام، وقراءة ترجمة للقرآن، فأقل ما ستخرج به أنك ستعرفنا أكثر!!!
دكتور ياسر أبّشر
——————————
6 أكتوبر 2022