الخرطوم : الراية نيوز
دكتور ياسر أبّشر يكتب: كشف المستور في بلد مسحور !!!
في أوقات الأزمات خاصة تبرز ضرورة مواجهة النفس بالحقائق واجتناب خداعها.
هذا ضروري الآن وقد:
أتتنا ليالٍ ليس يُحفَظُ جارُها
ونارُ أسىً نار الجحيم شَرَارُها
يُفرّق ما بين الرجالِ اختبارُها
وتَعْظُمُ في عين الصغيرِ صغارها
وتَصْغُرُ في عين العظيمِ العظائمُ
ومما يُؤسى له تناقض المواقف وتعدد الخطاب السياسي في الموقف الواحد.
قال المرحوم محمد سيد سلام، الذي كان شيوعياً ثم تابَ ، وكان رئيساً لاتحاد العمال: إن الحزب الشيوعي كان يصدر بيانين. بيان سياسي باسم الحزب يكون فيه مراوغة، وبيان آخر يصدره اتحاد العمال لكنه المعبر الحقيقي عن الموقف الحقيقي للحزب.
وذكر السياسي المعروف المرحوم خضر حمد في مذكراته أنهم كانوا ينتظرون صدور بيان اتحاد العمال لمعرفة موقف الحزب الشيوعي الحقيقي في حدثٍ معين.
وظل الحزب الشيوعي ينتهج هذا النهج إلى اليوم. فبعد (الثورة) أدخل المئات من كوادره في مناصب مفصليه في الدولة أتاحت له سيطرة على الدولة، ثم نأى عن الاستوزار، وظل يصدر البيانات كأنه معارض.
ويرى المراقب الحصيف تناقض المواقف واضحاً اليوم. فالحزب يُعلن موقفاً وواجهاته تتخذ مواقف أخرى. وانظر يا رعاك الله لموقف ما يُسمى لجنة الأطباء المركزية وهي احدى واجهاته المؤيدة للاتفاق الإطاري، وموقف الحزب المناهض له.
وللمؤتمر الشعبي موقف يمثله كمال عمر وآخر يعلن فيه مسؤول العلاقات الخارجية معارضتهم للتوجه العلماني للاتفاق.
ولأن خداع الشعب أصبح أبرز مواقف القوى السياسية التي وراء هذا الاتفاق فيجب إبراز الحقائق الآتية:
⁃ في وجود مفوضية للانتخابات يستغرق التجهيز لانتخابات 18 شهراً. وتُكلف الانتخابات 400 مليون دولار وفقاً لما أنفق على انتخابات 2015، وهذه نفقات من غير إحصاء سكاني.
وبناء على هذه الحقائق وفي ضوء عدم وجود مفوضية انتخابات ولا مفوضية إحصاء، فهذا يعني أن قيام انتخابات وانتهاء الفترة الانتقالية بعد عامين أكذوبة كبرى، وخداع للشعب، فلا المفوضيات موجودة ولا المال متوفر.
⁃ لن تحرص الأجسام التي تبنت الاتفاق على انتخابات. فالاتفاق يمكِّنها من الحكم، والانتخابات تزيلها عنه. وقد اعترف خالد سلك بذلك حين قال “الانتخابات ما بتجيبنا”!!!
⁃ كفى الاتفاق الإطاري سُبةً أن يكون قاتل مدان بالمحكمة العليا من أبرز عرّابيه وهو ياسر عرمان. وكفاه أن مفاوضيه (البرير وخالد سلك وطه عثمان إسحق) إما نكرات بلا وزن ولا تاريخ سياسي أو عملاء سفارات، وكلهم يمصرفهم حميدتي أكبر مُفسد سياسي بماله في تاريخ السودان.
⁃ صرّح البرهان أنه سيُبعد العسكر عن السياسة (والعسكر تُقرأ البرهان نفسه) لدى قيام انتخابات. وفي ضوء استحالة إجراء انتخابات وإحصاء فهذا يعني أن البرهان باعنا الترام.
⁃ لا زال نهج اليساريين في استخدام الواجهات الهلامية التي استخدموها أثناء وبعد (الثورة) مستمراً. وخذ مثالاً لجنة الأطباء المركزية، وما يسمى لجنة الإرصاد الجوي، ولجنة الدايات!!! يحشدون واجهات هلامية ليضللوا الشعب، فالأمانة والمصداقية لا هي تعنيهم ولا هي من أخلاقهم. كل المهم السيطرة والهيمنة. ورعاتهم الغربيون مثلهم في انحطاط الاخلاق.
⁃ كان استسهال الكذب أهم ما مَازَ الناشطين وقواهم بعد (الثورة)، ونتذكّر عديد المرات التي أعلنت فيها لجنة الأطباء المركزية موت ناشطين ثم ظهروا ليعلنوا أنهم أحياء.
ولا زال استسهال العمالة السمة المميزة لناشطي قحت.
– أصاب أب قران ود البطانة حين وصف الاتفاق بالاتفاق الانشطاري بدلاً عن الإطاري لأن الموقّعين عليه منشطرين عن أجسام أكبر.
يكذبون بالانتخابات: #البرهان قال سيسلم لحكومة منتخبة (والانتخابات لن تقام) مما يعني أنه باعهم الترام.
ود الفكي يقول إنهم وضعوا العسكر تحت أحذيتهم بمعاونة الغربيين. لا يختشي من العمالة واعتراف كهذا يعدمه في اي دولة محترمة لكن هل لدينا دولة محترمة الآن
ود الفكي لا زال يواصل نهج القحاتة في احتقار الجيش والجهر بعدم احترامه ولا زال البرهان يسمع احتقار الجيش!!!!
– من مهازل يوم الاتفاق أن يقول حميدتي أن قرارات 25 أكتوبر كانت خطأ، وهذا عكس ما يقوله البرهان. ومن مهازلها أن حميدتي تحدث عن احتياج الجيش لإصلاح وجراحة عميقة!!! يردد كالببغاء ما قاله وكتبه له عرمان.
يهدمُ ما يسمى الاتفاق الإطاري أهم مبدأ تقوم عليه الدول، وهو مبدأ فصل السلطات Division of Power أو Seperation of power لأنه يُركّز كل السلطات في أيدي من يسمون أنفسهم قوى الثورة، فهم من يعيِّنون الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء (السلطة التنفيذية)، وهم من يعيّنون رئاسة السلطة القضائية ومجلس النيابة (السلطة القضائية)، وهم من يعيِّنون عضوية المجلس التشريعي (السلطة التشريعية). وسُتراجع قرارات اتخذها القضاء عبر جسم سياسي!!! عليه لن يكون هناك نظام ضبط وتوازن Check and Balance وهذا جوهر الدكتاتورية والوصاية الأبوية، من قبل فاقدي أهلية.
كفى الاتفاق سبةً أنه اعترف بالدعم السريع كقوة بجانب الجيش، وأخذ حميدتي يِلقي خطاباً بجانب الرئيس (البرهان) ويخطّئ قراراته، وهذا ليس نظام دولة. الدولة لها قوة / جيش واحد وهي التي تحتكر القوة Monopolizes Power.
أصبح الآن وبموجب هذا الاتفاق عبيد يتبعون سادة. وأبرز العبيد هم الذين وضعوا كديكور ومظهر تجميلي Facade يمثلهم محمد أبو زيد وكمال عمر والحسن الميرغني (قوى الانتقال)، أما سادتهم وسادتنا فهم (قوى الثورة) الذين بيدهم مقاليد كل شيء، بما في ذلك وضع الجيش تحت إمرة رئيس وزراء غير منتخب وتفكيكه.
⁃ وللبرهان تحية وتهنئة خاصة لنجاحه في إبرام اتفاق يفكك الجيش ويفكك الهوية. ونهنئه إذ لم يكذب علينا هذه المرة بادعاء رؤية لحل مشكلات اقتصادنا
⁃ ولا عزاء للشعب الذي لم يبشر بأنه ستحل معضلات معيشته
⁃ لابد أن نقف ديدبانات لتحية رئيس البلد لأنها مرن ووسع لنا تعريف الوطنية
وبكل سماحته جعلها تشمل الذين تديرهم السفارات والمخابرات والمنظمات الأجنبية!!!
فيا أهلي: هذا اتفاق فتنة.
” لا تقبلوا بالقبح يا أهلي
مكافأةً على الصبر الجميل ”
وأنت يا برهان:
“أميرُ جيوشٍ صرتَ فينا مؤمّرا
بك اشتدتِ الأصفادُ وانحلّتِ العُرى
واطعمتنا للجارحاتِ كما أرى
(تدوسُ بشعبٍ ظل دوماً مؤزّرا وتُخزي لجيشٍ كان مثواه في ذُرى)
ياسر أبّشر
——————————
7 ديسمبر 2022