محجوب فضل بدری يكتب : دنيا دبنقة،دردقی بشيش،ياراااجل

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

محجوب فضل بدری يكتب :

دنيا دبنقة،دردقی بشيش،ياراااجل

-الأستاذ محمد سليمان محمد بشير،علامة فارقة فی مسيرة الإعلام السودانی،فهو المعلم الذی يُلَقِن معجبيه من المستمعين أو المشاهدين دروساً قيِّمة فی الثقافة العامة،والموروث الشعبی،والعلوم الحديثة،يُزيَّنها بصوته الفخم الضخم،ووجهه الهاش الباش،ونبرته الودودة،ونظرته الحانية،ومهنيته الفاٸقة،وحضوره الداٸم،وذاٸقته الموسيقية الراٸقة،وكأی مدرس محترف،كان يعمد الی تحضير مادته تحضيراً جيداً،مصحوبةً بالشرح الوافی قبل تركيب اسٸلته بطريقة محببة،فی كل سهراته الإذاعية والتلفزيونية ذاٸعة الصيت،(دنيا دبنقة) والذی استمد عنوانه من حكمة دارفورية شعبية معروفة تقول دنيا دبنقة دردقی بشيش،أی الدنيا كإناءٍ فخاری،يجب ان تتعامل معه بحذر ۔ و(جراب الحاوی) ،والذی يحتوی علی الغراٸب والمفاجآت التی يُخبٸها الحاوی للضيوف،وقد ارتبط هذا العنوان باسمه فكان يقال محمد سليمان جراب الحاوی۔و (بدون عنوان)، ولهذا العنوان قصة،فقد أجازت إدارة البرامج بالتلفزيون القومی مقترح سهرة يقدمها الأستاذ محمد سليمان محمد بشير تحت اسم (شَخْتَكْ بَخْتَكْ) يعنی ضربة حظ !! ورأت لجنة اختيار البرامج ان العنوان (سوقی،وغير لاٸق)!! وحاول الأستاذ إقناع اللجنة بعنوان السهرة دون جدوی ،فقال بوجهٍ باسمٍ ،ما راْيكم بأن نترك السهرة (بدون عنوان) وهكذا كان۔
– تبوأ الأستاذ أرفع المناصب الإعلامية عندما ترأس (إتحاد الإذاعة والتلفزيون)ولم تكن للجهوية أو العصبية القبلية فی نفسه نصيب۔ فقد كان سودانياً خالصاً، ووطنياً مخلصاً،قدم الكثير من الفرص لمنسوبی الجهازين باستخدام شبكة علاقاته الواسعة فی النطاقين العربی والأفريقی،ولم يمتَنّ بذلك علی أحد ، فقد كان فاكهة المجالس،ولم يغيره المنصب الرفيع وكان يطلق مُلَحَه وطراٸفه،ويتبعها بقهقهته العالية المميزة،ولازمته التی يرددها عند إستغرابه (يا راجِل !! ) والتی سببت له المتاعب ،ذلك عندما أجاب أحد الضيوف فی برنامج جراب الحاوی علی السٶال (رٸيس أفريقی،يُجيد اللغة الفرنسية،شاعر وفليسوف ،من هو؟؟) فأجاب الضيف (نميری) !! وبعفوية شديدة ردَّ الأستاذ مقهقهاً ( ياااراااجل )فكادت هذه الكلمة أن تودی به بعيداً عن الأجهزة الإعلامية الرسمية۔
– وبالأمس نعی الناعی الأستاذ الكبير الذی وضع عصا التسيار بعد مسيرة حافلة بالعطاء والبذل والمتعة والفاٸدة،فقلت فی نفسی (ياراجل) وهرعت الی مصحفٍ كبير مكتوب (بخط الملك) كان قد أهدانيه الراحل (الراجل) وابتهلت الی الله العلی القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يشمله بعظيم عفوه،وأن يسكنه عالی جنانه،انه عفوٌ غفور،حليمُ كريم۔

اترك رد