كتبنا مراراً وتكراراً أن الإتفاق الإطاري بنهجه الإقصائي يحمل عوامل فنائه في داخله، وأن التوقيع عليه من قبل قائد الجيش يعتبر جريمة تاريخية في حق الوطن والقوات المسلحة.
رغم المحاذير وقع البرهان على الإتفاق الإطاري لكنه سرعان ماعاد لانتقاده في كل خطاباته واجتمعاته وحواراته، بالمقابل إعتبر حميدتي أن الإتفاق الإطاري (قرآن منزل) لا فكاك منه ولا بد من توقيعه لأنه المخرج الوحيد لأزمة البلاد (كما أوحى له عرمان)، تسبب الخلاف حول الإتفاق الإطاري في خلافات بين أطراف المؤسسة العسكرية حتى أضحت الخرطوم ثكنة عسكرية ولم يزل الصدام بين الجيش والدعم السريع متوقع في أي لحظة من واقع رفع حالة الإستعداد والتأهب من الطرفين.
داس البرهان على كرامة وتاريخ القوات المسلحة عندما سمح للأجانب واذنابهم من الخونة والعملاء والرجرجة والسوقة الدهماء والفتيات بمناقشة مصير القوات المسلحة، وبصق على تاريخ الجيش حينما خاطب ورشة الإصلاح الأمني والعسكري.
موقف البرهان الأول من ورشة الإصلاح الأمني لم يجد مناصرة من كل قادة وجنود القوات المسلحة وحتى القادة الذين شاركوا في الورشة شاركوا إما تنفيذاً للتعليمات أو خوفاً على رتبهم ونياشينهم ومواقعهم، وحينما أدرك البرهان مآلات الورشة التي يرعاها فولكر ويوجهها السفراء ويدعمها حميدتي بشدة لأنها تجعل قوات الدعم السريع مستقلة عن الجيش ولم تتكرم بمجرد مناقشة قضية دمج الدعم السريع خلال الفترة الإنتقالية.. حينما ادرك البرهان ذلك أعلن انسحاب الجيش عن الورشة في يومها الأخير.
خطوة البرهان بسحب الجيش من ورشة إصلاح القوات المسلحة وجدت دعم ومساندة كبيرة من الجيش وجل أفراد الشعب السوداني الرافض لإهانة جيشه ولأن التوقيع على الإتفاق الإطاري يمكن شرذمة محددة من الحكم، تلك الشرذمة التي أثبتت فشلها خلال سنوات قحت العجاف وأوردت البلاد موارد الهلاك.
أخيراً إكتشفت البرهان أن الإتفاق الإطاري الذي يضمن له وجوده مع حميدتي على سدة الحكم إلا أنه يجعل إستقرار ووحدة البلاد في كف عفريت.
انسحب البرهان عن الإتفاق الإطاري واتخذ الموقف الصحيح فهل سيثبت على موقفه أم يكرر سيناريو (هجم النمر) الذي اعتاد عليه؟!