الخرطوم : الرآية نيوز
أو الغرق
العميد دكتور الطاهر أبو هاجة
قالت إثيوبيا أنها تُريد تفاوض حول موضوع الحدود ، لكنه مشروط بإنسحاب قواتنا إلى ماقبل 6 نوفمبر الماضي ، من يستمع الى هذا الحديث يظن( أن إثيوبيا هي الضحية والمظلومة ) وكأن السودان لم يقترح محاورتها الخمسة وعشرين عام الماضية التي ظلت خلالها إثيوبيا ممدة في أرضنا وكنا كلما ندعوها إلى حوار تتماطل ، تستغشي ثيابها و تستكبر إستكبارا ، من يُحاور من ولماذا التماطل طوال ذاك التاريخ الطويل إن الحق أبلج وقيل في الأثر أن الحق يقول دعوني فإنني لا أريد أن أتجمل ، الحق و الحقيقة أنهم ظلوا يفرون من الحوار و التفاوض لأشياء و أسباب في نفوسهم يعرفونها جيدا ذلك أن الحوار يحتاج لحجج وبراهين ليست في جعبتهم فإن أقدموا على الحوار ستشهد عليهم وثائقهم وخرائطهم ومستنداتهم التي وقعوها بلغاتهم المحلية ( التقراية – الأمهرية – الأرومية وغيرها ) ستكلمهم تلك الوثائق الممهورة بأصابعهم عن ماكانوا يفعلون ، نعم ستشهد عليهم كل حواسهم وتفصح ألسنتهم عندما تأتي لحظة فتح كتابهم فيتبين أن حجتهم واهية ومنطقهم معدوم وعاجز وتاريخهم ملوث عاض لليد التي مدت إليهم ولولا أن هيأ الله لنا قيادة سياسية و عسكرية بإلهاماً وعزيمةً و إصرار بعد الثورة لما إستردت تلك البقعة الطيبة من أرض الوطن ، أما قولهم أن مايحدث هو فقط تصرفات المكون العسكري وحده فتلك أمانيهم البعيدة المستحيلة التحقيق .
فعلى العكس تماما فبشهادة الخبراء و الساسة و المُتابعين أن أكثر ماوحد مكونات الحكومة الإنتقالية من عسكريين ومدنيين منذ بزوغ الثورة هو حدث إنفتاح قواتنا الطبيعي و إنتشارها داخل حدودها في الفشقات و التي غابت ظلماً من أرض الوطن زهاء الخمسة و عشرين عاماً إستبيحت فيها فصارت مرتعاً للعدو الذي إستغل ظروف محددة فصار يبيض ويصفر بعد ان خلا له الجو .
إذن الرهان على أقصوصة أن هذا عسكري وذاك مدني رهاناً فاشل فأبحثوا لكم عن شئ غيره وعن مخرج يعينكم في أزماتكم الداخلية المشتعلة وحقوق إنسان وديموقراطية وحرية يتظاهرون بها وفردوس مفقود توعدون به شعبكم الصابر ترى كيف سيكون حال هذا البلد بعد إلغاء قيادة النظام للمادة ٣٩ من الدستور الأثيوبي الذي أجمعت حوله كل القوميات ؟ هذه المادة التي منحت القوميات حق الحكم الفدرالي هذا الحق الذي تمتعت به ردحا من الزمان.. أي مستقبل ينتظره هذا الشعب بعد أطماع النظام الذي قرر العودة باثيوبيا إلى عهود الحكم المركزي والتسلط.. لقد صار النظام حبيسا لأوامر قومية أقلية تحركه وفق ماتشاء تصرفات هذه القيادة الهوجاء إذا لم تلجم لن يهدأ للشعب الإثيوبي بال و لن يستقر ، ولسنا بحاجة هنا للحديث عن السوالف و التاريخ وأواصر الدم والجوار الأخوي الذي يجمعنا بهذا الشعب الطيب حيث ظل الملايين يعيشون بيننا نتقاسم اللقمة من غير منٍ ولا أذى وظلوا يسيرون من الحمرا والقلابات و الفشقات والقضارف و الجريف لايخشى الواحد منهم إلا الذئب على غنمه
الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
أما سد النهضة فقد أثلج صدرنا التعليق الرسمي لحكومتنا عندما قالت بالنص إنه مهدد أمني و مائي وأي أمنٍ قومي ننتظر نحن بعيدا عن معادلة المياه فمن غاب ضميرهم عند الإستيلاء على الفشقة بسمسمها وعباد شمسها و أزهارها وذراها فلن يوقظ هذا الضمير عندما نوضع أمام خيارات العطش و الجفاف وإما الغرق .