عادل الباز يكتب : هل اتاك حديث حسين

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

هل اتاك حديث حسين

فيما اري

عادل الباز

١
طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ فزعت فيه بآمالي الي الكذب .. اعتقلت السلطات السودانية الأستاذ حسين خوجلي، تأملت الخبر وفركت عيني مرتين وقلت سراً وعلناً: يستاهل فكمً من مرة تحايلت عليه أن اخرج منها فكان رده في كل مرة ضحكة ممزوجة بشعر مر :
ياود الباز نمرق نمشي وين
“لا ثوب فنخلعه
إن ضاق عنا.. ولا دار فتنتقل..
لكنه وطن أدنى مكارمه
أنّا فيه نكتمل ..
وأنه غرة الأوطان أجمعها
فأين عن غرة الأوطان نرتحل؟!”
أها يا أستاذ خُم وصُر !!
الوطن في الغرغرينا الأخيرة ينازع الموت والتشظي…. نزعوا أجمل مآثرة وهو التسامح !!

٢
الوطن عند حسين حُلم والأحلام لاتموت، هو سليل أسرة قدمت بين يدي الوطن شهيد في كل منعطف من التاريخ، من جده ود طه أول شهيد في المهدية إلى الشهيد عبد الإله خوجلي، تلك أسرة لها في الوطن عرق ودمً … نعم ولكن من يعرف التاريخ ؟…. هذا زمان السلعلع ، قالوا إنه نبات بلا جذور!!

مشهد أول:
والليل إذا عسعس ..
طرق تسعٌ من عسعس التمكين باب حسين لكنه لم يكن هناك وحين اشتد الطرق خرجت العروس(ملاذ) من خدرها وشاهدت المدججين بالسلاح كأنهم حمرٌ مستنفرة فرت من قسورة يستعدون لغزوة، فعرفت أن أباها سيغيب ساعة عرسها وقد كان، فطفرت منها دمعة وغادرت الكتيبة الغازية إلي حيث محراب حسينً.

مشهد ثان:
في قناة أمدرمان داهمت القوة الغاشمة مكتب الأستاذ قال الطارق؛
شرطة (رزالة) التمكين
قال آخر نحن الإتنين في المائة !!
قال حسين ضاحكا:
بل الواحد ياولد
تفضلوا… قال الأستاذ،
طاف العسعس بالمكتب فعثروا علي أسلحة الدمار الشامل التي يوجهها حسين لإرهاب الدولة، كان يحمل ابتسامة ساخرة علي وجهه والميكرفون أمامه وقلم بيده، تلك هي الأسلحة التي طالما استخدمها حسين ببراعة لدك حصون الأنظمة الفاسدة، وهي ذاتها التي عمل من خلالها لترسيخ قيم الحرية والفن والجمال.
بناء علي تلك المضبوطات دون ناظر العسس هناك في مقر شرطة التمكين التهمة وهي الإرهاب والتآمر ضد الدولة،
واين هي الدولة؟
ومَن الشاكي ؟
ومن فتح البلاغ ؟
مافيش !!
يعني بلاغ واعتقال واتهام يقود للإعدام بلا شاك؟!!.
وديني إنتوا دولة عينة.!!

مشهد ثالث:
اقتيد حسين إلى جوف حراسة قذرة بلاسقف جمعت فى جوفها ٢٠ معتقلاً. كل نزلاء تلك الزنزانة ابتهجوا بقدوم حسين ..إذ ستكون أيامهم لها إيقاع. ما أمتع مجالسة حسين فى السجن وخارجه.
بداخل الحراسة لايوجد ماء ولاطعام ولادورة مياة محترمة. علي ضحايا رزالة التمكين أن يدفعوا كل شيء من حسابهم الخاص. تضم تلك الحراسة شباب زي الورد ورجال دولة محترمين ومفكرين وصحفيين وسماسرة وعطالى وثوريين متمردين علي خونة الثورات.

مشهد رابع:
من عتبة باب الزنزانه بدأ حسين إرساله؛

“تقل سمع الأضان والعين كساها طشاش
بقت العمـة شـيـب بــدل الكـرب والشاش
يـا نفــس السـواد لـمـتين ورا الغشـاش
مسـوّيك ليـّا شـبكة وبمـلا فيـك حشاش”

كيف حالكم … قال حسين …..فرد فتى من البطانة

“البِريدو المَولى لينا كُلو نِحنا نَرِيدُو
قول ليْ فلان مقطوع العَشمْ من سِيدُو
سِجن( الرزالة) قَام ليْ رَمادو لىِ تِهدِِيدُو
نِحَنا جَرارقو يام قَرَّانْ نَلوك مُرُّو ونلاكْمُو حَديدُو..!”
كان ذلك مفتتح استقبال يليق بقدوم شيخ العرب ود خوجلي.

مشهد خامس:
حين أكمل حسين يومه الثالث في الزنزانه بلازاد ولاماء أخذ منه الإعياء كل مأخذ، أخذوه إلي المستشفى وهناك قال الطبيب إن الأستاذ يعاني من تسع أمراض قاتلة ولكن لايوجد لدينا سرير فاضي لمريض .. وما العمل ؟
فليبق علي الممر إلى حين ميسرة.. هـذا مايسمونه القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد!!. نام حسن ليلته تلك علي الممر بلا أي عناية طبية أو دواء. أصر الأستاذ في اليوم التالي العودة إلى الحراسة وليقضي الله أمراً كان مفعولا. في يوم آخر من أيام سجنه طافوا به كل المستشفيات وأخيراً عثروا له علي سرير وطبيب وبعض دواء. حسين ممنوع من العلاج بالخارج بأمر رزالة التمكين !!

٤
قال السيد رئيس الوزراء ذات مساء وهو صاحي كالنعسان ( لن يسجن في عهدي صحفي.) هل يعلم السيد الرئيس كم صحفياً مطارداً الآن؟ وكم داخل سجونه؟ وكم منهم زنازينه القميئة؟ هو يعلم ولكنه أدمن الكذب علي شعبه….. وعدهم بالعبور…. فأغرقهم في اليم فلم يعودوا قادرين علي التنفس، ولا أمنهم من خوف ولا أطعهم من جوع ولا تنحي وتركهم يأكلون من خشاش الأرض، فخرجوا عليه بالأمس في الكلاكلة يهتفون تسقط حكومة الجوع.!! قريبا ستصبح كل البلد كلاكلات…
وعدهم بالحرية ففتحت نيابة (الرزالة) أبواب السجون لكل الشرفاء بلا تهم ولا قضاء . وعدهم بالعدالة فشرد القضاة وأقصي النيابات ماعدا نيابة (الرزالة) تفعل ماتشاء. ما وعد الشعب بشيء إلا كذبته أفعاله.!

٥
دعكم من حمدوك فذلك قد عرف الشعب قدره وفكره وبلي بمره، فأين أصحاب الحلاقيم الكبيرة (ناس صحافة حرة أو لاصحافة) (والحرية لنا ولسوانا) أين منظمات الصحفيين…. غياب تام ……كتر خير اتحاد الصحفيين السودانيين والاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين الافارقة واتحاد الصحفيين العرب وكل ذوي الضمائر الحية الذين نهضوا يدينون عسف السلطة في السودان وظلمها. ولامثال الصديق محمد عبد الماجد رئيس تحرير (الحراك السياسي ) ترفع القبعات .
غابت منظمات حقوق الإنسان عن المشهد فلا بيان ولا لسان يدين الديكتاتوريين الصغار الذين حولوا بالفعل الصحافة إلى جريمة.! لاذوا جميعاً بالصمت لأن الذين زج بهم الظالمون في غياهب السجون في هذا العهد الغيهب هم (الكيزان) وهؤلاء في أصل دساتير تلك المنظمات لاحقوق إنسان لهم، مكانهم الطبيعي السجن والقهر والسحل!!
ويل للكذوبين من يوم يستل به مخضوضر القول من مستبوء الكذب.

اترك رد