حسن إسماعيل يكتب  : مراجعات الإسلاميين (مؤانسات جديرة بالتوثيق)!!

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

حسن إسماعيل يكتب 

مراجعات الإسلاميين

(مؤانسات جديرة بالتوثيق)!!

ـ تتملكك السخرية والدهشة عندما تلاحظ إعلام حكومة قحط وأحزابها ولجنة وجدى ومناع وهم مستغرقون في نسبة كل فشلهم للاسلاميين علي اساس ان الإسلاميين يديرون الآن غرفة عمليات مهمتها صناعة وإلقاء الأزمات تحت أقدام حكومة حمدوك !
ـ الذى يجعلك تسخر من كل ذلك عندما تكون شاهدا علي مايدور في اذهان الكثير من الإسلاميين سواءا الذين تلتقيهم هنا بصورة راتبه او الذين تتواصل معهم في بقية اركان الدنيا عبر مناسبات حوار مختلفه لقضايا في الدين والفكر والسياسة فهؤلاء وأولئك مشغولون بتقييم تجربتهم ..تجربة الإطار الفكرى والدعوى وتجربة الدولة والحكم ..ولأنني طرف في جزء كبير من هذه الحوارات فقد رأيت أن أنقل جزءا منها ..ممسكا بأسماء أطرافها وبعض معلوماتها ..منبها أن بعضها يمثل رؤية اصحابها لا رؤية المجموع
ــ يومها ابتدرت جليسي وهو سياسي مخضرم اسندت إليه الإنقاذ العديد من المهام والتكليفات ..ابتدرته بالسؤال ..ماهى أبرز أخطاؤكم في ملف العلاقات الخارجيه؟ ..صمت كثيرا وهو يمرر يمناه علي ذقنه كأنه يضبط بوصلة الحديث ..قل أبرز أخطاء خطابنا السياسي الخارجي؟ قلت له فلنقل !! قال وهو يبتسم :- ..الموقف من أمريكا وأوربا …مافيش حد عاقل ينصب من نفسه عدوا لأمريكا …كان علينا ألا نثير غضب تلكم الدولة ..ليس مهما أن نجرى وراء رضاها ولكن لانستسهل أسباب عداوتها ..ضحك وقال حياد أمريكا خارجيا تجاهك مهم لمعادلة الاستقرار الداخلي ..خاصة لبلد كالسودان يحتاج لإستيراد غذائه ووقوده فأمريكا تستطيع أن تغلق هذا بإشارة من اصبعها ..كان علينا ان نضبط الخطاب السياسي ( ونسوى شقاوة ) وضحك ضحكة داوية قبل أن تتعثر بنوبات من السعال ..قلت له ماقصة تسووا شقاوة هذه ؟..فقال … القصة لجدى ..كان عاشقا ومشتاقا لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم .ولكن مال نفقة الحج يخذله كل مرة وكان يعوض ذلك بأن يذهب إلي ميناء سواكن ويحتضن الحجاج ويودعهم وهو يبكي بدمع حار وعندما صادف أحد حجاج نيجيريا استغرب الحاج من بكاء جدى ..وقال له .. ياحاج ليه تبكي ؟لو مشتاق تزور النبي ( سوى شقاوة وأمشي حج ) بمعني أكدح وأجمع المال واذهب لتحج …أكمل محدثي كلامه بعبارة ضاحكة أخرى .. في مثل حالاتنا هذه فالعداء مع أمريكا ــ مع فارق القياس ــ مثل عقوق الوالدين يجلب لك كل الشرور والمصائب التى أنت في غني عنها ..ثم استطرد بحزن ..كيف أن قادة الحكومة الحاليه بعضا منهم كان حاضرا وكاتبا لتقارير تقرأ في الكونغرس الأمريكى أن السودانيين يبيع بعضهم بعضا رقيقا في أسواق الدنيا ..قال بأسي أكبر ..وهو يعدد أسماء كبيرة من زعامات الأحزاب السياسية ، منهم من انتقل إلي ربه ومنهم من ينتظر و(مابدلوا تبديلا )…
ــ في جلسة أخرى ..طرحت سؤالي ذاته ولكن في قالب آخر علي قيادى آخر دون أن أعلمه بالإجابة السابقه …لماذا عاديتم أمريكا ؟ اعتدل قليلا وهو يسوى الطريق لمخارج الحروف ــ بقحة خفيفه ـ نحن لم نعاد أمريكا ..واستدرك .. هذه وجهة نظرى طبعا …دول المحيط من حولنا هى التى ضخمت مخاوف أميركا تجاهنا …نحن في الأصل بعيدون عن ذاكرة أمريكا وخاطرها ..جيراننا الأعلي والأدني هم الذين أحالونا إلي تقارير مفبركة ..أحالوا مخاوفهم منا لتصبح هى مخاوف أمريكا .. جيراننا الأعلي يخافون أن نقوى إقتصاديا ..واحدة من الطرق التي ستمر بها عافية الإقتصاد السودانى هى طريق استغلالنا الأمثل لنصيبنا في مياه النيل …جيراننا في دول الطوق الأفريقي تخشي قوتنا الثقافيه والإجتماعية لأنها في نظرهم تسلبهم الكثير لصالح اللسان والدين ..تخيل أن تكون بلدا ناميا ويذهب جيرانك كل يوم للبوليس ليدونوا شكاية ضدك …قلت له هل هذه حاله خاصة بالاسلاميين ؟..نفي بصوت حاد ..لااا ..حرب الجنوب لم تبدأ معنا ودعاوى الإنفصال لم تولد في 89 والتضييق الإقتصادى وحرماننا من نصيبنا من مياه النيل لم تبتدر بعد حضورنا …هذا العداء لأننا بدأنا جادين في الخروج من حالة الضعف والتبعية ولهذا كان العداء بمقدار جديتنا، قلت له تحريرنا من التبعية هذه يحتاج لوقفه ..فكيف تحررون السودان من التبعيه وأنتم تريدوا أن تربطوه في سارية تنظيم عالمي المخاوف منه عابرة للمحيطات؟ ..نهض من مقعده نصف ( قومة ) وقال بحسم ..لا يا أخي ..نحن ناضجون جدا ..واحدة من مشاكلنا هي إستقلاليتنا من اي إرتباطات تنظيمية خارجية ..لسنا معزولون ولكن احتفظنا بخصوصيتنا .. دعني أسوق لك مثالا لقصة التبعية هذه …
ـ ذات مرة ذهبت للرئيس البشير لأسأله ماهى النقطة التي بدأت تسوء فيها العلاقة مع مصر؟ ..فأجابني :- أول أيام استلامنا السلطة جاءني السفير المصرى لينقل لي ترحيب مصر وأن الرئيس مبارك يستفسر عن نوع الدعم الذى يمكن أن نقدمه ؟ فأجابه البشير شاكرا ..أن تطمئنوا أعضاء الجامعة العربية بأننا سنبني علاقات صحية مع الجميع ولسنا ضد أحد ..وبعدها بأيام كرر السفير الزيارة وفي يده هذه المرة ورقة صغيرة بها أسماء ثلاثة أشخاص سودانيين يطلب الرئيس مبارك تعيينهم في مجلس الوزراء ..ساعتها وقف الرئيس البشير وأنهي المقابلة وقال للسفير ..نحن دولة مستقله نعامل الآخرين بندية وإحترام وأن العهد الذى يحشر فيه الآخرون جواسيسهم في مجلس وزرائنا قد ولي إلي غير رجعة…صمت محدثي برهة قبل أن يضيف :- نحن فقط ندفع ثمن مواقفنا ..لاأخطاءنا ياأخي
ّـّـ للأخ الطاهر حسن التوم تعبير مهم ..(ضرورة إخراج حقبة الإنقاذ من سوق الهجاء )
ـ فالإنقاذ تجربة ملك لكل سواد السودانيين وليست حكرا علي أهلها ومن المهم إعادة فحص تجربتها بتعقل وعلمية وتجرد …هذا لمصلحة القادم وليس بدافع ( الإنحباس ) بين جدرانها
ـ المبشر في كل هذا أن هؤلاء القوم عاكفون علي ( ليحان ) تجربتهم يعيدون قراءتها بهدوء ..يثنون علي صوابها ( يحدثونك بفخر كيف تحصلوا علي تمويل لبناء سد مروى يوم ضنت مؤسسات التمويل الأجنبية) ويتوقفون عند أخطائها بأعين مفتوحة وهذا جهد ندفع به لعقلنة وموضوعية المسرح السياسي والعمل علي إخلائه من الصراخين والهتافين بغير علم
ـ نواصل
ـ سردا لمفات الحرب والسلام ..الإقتصاد، معضلات التنمية وتحديات سوق الإستهلاك ، ملف الحكم ووجهات نظر مراكز الرأي ، قضايا الحوار والوفاق ، ثم …من هم حلفاء الإسلاميين القادمون؟

اترك رد