الطيب مصطفى يكتب : متى نفيق من سكرتنا؟!

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

زفرات حرى.
الطيب مصطفى.
متى نفيق من سكرتنا؟!
كان اكثر ما يميز عاصمتنا قبل ان تجثم على انفاسها عصابة قحت وشيوعييها فتحيل نهارها الى ليل دامس وليلها الى عذاب من القهر والفقر والجوع والغلاء الطاحن وانعدام الخدمات وانقطاع الكهرباء والمياه ، اقول إن اكثر ما كان يميز عاصمتنا ذلك الامن الذي قل نظيره في العالم اجمع ، فقد كان القائم بالاعمال الامريكي تيموثي كارني يتريض في شارع النيل بدون حراسة.
عندما انتقلت السفارة الامريكية الى نيروبي في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي ذات غضبة امريكية بحجة ان الخرطوم ليست آمنة ، وجاءت الملحقة الثقافية زائرة الخرطوم بعد عدة اشهر من استقرارها في العاصمة الكينية سألتني باندهاش عندما استفسرت عن احوالهم بعد انتقالهم الى نيروبي ، قائلة : Nirobbery ؟! والتي حورت بها اسم المدينة لتعني (مدينة النهب) او نحو ذلك!
كانت الملحقة الامريكية بذلك التعبير تشير الى ما حدث للسفارة عقب انتقالها الى نيروبي من الخرطوم ،فقد تم الاعتداء عليها ونهبت وروع موظفوها!
حدثتني المرأة باعتراف نبيل عن الفرق الهائل بين الخرطوم الآمنة ونيروبي التي ما كان مواطنوها يغادرون دورهم بعد المغرب ، وكان ذلك حال معظم العواصم الافريقية.
للاسف فقد تبدل حالنا وما عادت الخرطوم هي الخرطوم التي كَانَتۡ (ءَامِنَةࣰ مُّطۡمَىِٕنَّةࣰ یَأۡتِیهَا رِزۡقُهَا رَغَدࣰا مِّن كُلِّ مَكَانࣲ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَ ٰ⁠قَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ)
روعت العاصمة وباتت تعيش في حالة من الانفلات الأمني لم تشهدها منذ الاستقلال ، وغدا اللصوص اكثر جرأة بعد ان باتوا يقتحمون البيوت عنوة واحيانا في وضح النهار وهم مسلحون ويخطفون مقتنيات المارة وهواتفهم وحقائبهم جهارا نهارا .
هذا الوضع ليس ناشئا فقط عن حالة السيولة الامنية التي تعيشها بلادنا او عن الوضع الاقتصادي الذي أجاع الناس وافقرهم ، انما كذلك من اطلاق سراح الالاف من المساجين المحكومين بمن فيهم عتاة معتادي الاجرام الذين اطلق سراحهم بقرارات تعكس درجة السذاجة التي يتصف بها بعض من يتولون امرنا.
خمسون الف مكالمة تتلقاها شرطة النجدة يوميا وفق تصريح الناطق الرسمي للشرطة اللواء عمر عبدالماجد ، فكم هي حوادث النهب والسرقة يا ترى على مستوى الخرطوم والسودان؟!
هل هناك رصد علمي لاثر الافراج عن المجرمين على تفشي الجريمة او تأثير الازمة الاقتصادية غير المسبوقة منذ مجاعة سنة ستة؟!
ما حدث لزوجة سجين قحت ولجنة الظلم والتشفي ومظلومها رغم انه اطهر منهم وانبل ، وأعني به المهندس الحاج عطا المنان ، من ارهاب بالسواطير وقبلها مقتل طالب الاسلامية وقتيل طلمبة الوقود وغير ذلك من القصص التي كان اخرها ما حدث لابن عمي المأمون بالامس في الحاج يوسف يكشف حالة انهيار امني مخيف تنزلق اليه عاصمتنا بل وبلادنا سيما وقد باتت مسرحا لاستعراض القوة تقوم به الحركات المسلحة التي كان اخر مظاهره اول امس اقتحام ميدان عقرب!
المؤسف ان من يفترض انهم حماة الحمى وحارسو امن البلاد وسلامها الاجتماعي لا يبالون بل يشرعنون ويقدمون المبررات للحركات المسلحة التي باتت تتنافس في استعراض قوتها في شوارع الخرطوم وساحاتها وميادينها العامة!
الشرطة مغلولة اليدين ولن يجديها اجتماع الفريق كباشي بها انما تحتاج الى تفعيل قوانينها وتفويضها بانفاذ القانون دون ارهاب او تخويف.
ولا يزال الحلو وعبدالواحد يتربصان وينتظران ساعة الصفر ويعدان العدة لما لا يمكن لاحد ان يتنبأ به سيما وانهما الاخطر والاكثر حقدا والاسوأ من حيث خطورة الاجندة والمشاريع التي يعبران عنها ويدعوان لها!
اقول للبرهان محذرا مرة اخرى متى تفيق يا رجل من حالة اللامبالاة التي تتلبسك الان وتستشعر خطورة الاوضاع الامنية على البلاد؟!

اترك رد