هشام الشواني يكتب : للإسلام حركية اجتماعية وتاريخية أوسع من تيار الإسلاميين

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

هشام الشواني يكتب:

للإسلام حركية اجتماعية وتاريخية أوسع من تيار الإسلاميين. هذه حقيقة شواهدها عديدة ويمكن ببساطة أن نقول: الإسلاميون أنفسهم ظاهرة سياسية حديثة مرتبطة بمرحلة مناهضة الإستعمار وظهورهم جزء من حركية الإسلام في العصر الحديث.

حركية الإسلام مقصود بيها مفهوم “ديناميكيا الإسلام” للذين يفكرون في المصطلحات عبر الترجمة، وشمول حركية الإسلام هذه تعني أن تيارات الإسلاميين لها بعدان لازم ناخذهم معانا في الإعتبار:

الأول: إرتباط الحركات دي بمقاومة الإستعمار والإسلاميين دا ما تفسيرهم الرسمي بالمناسبة لأنفسهم، إلا إنهم مثلوا المعنى دا في التاريخ. الخطاب الإسلامي قمة مقاومة الغرب وهو متفوق في ذلك على القوميين والماركسيين رغم إستناد التيارين ديل على منجز آيدلوجي حداثي إلا أنهم وللسبب دا بالذات كانوا متفقين بدرجة ما مع الغرب ومع مصطلحاته ومفاهيمه سواء الليبرالية أو الماركسية. الإسلاميون رغم عدم وجود مشروع وبديل موضوعي جاهز إلا أنهم قدموا خطاب وآيدلوجيا من شفرة ثقافية تشبه واقع المجتمع، خطاب مفاهيمه من نطاق ثقافي محلي غير غربي نظر له المستعمر كتخلف وموت. هذه الإستعادة النهضوية بداخل أحشائها يبرز العامل الطبقي والاجتماعي لأن غالب الفئات التي إنتمت للتيار الإسلامي كانت من حواضن إجتماعية لم تستفد من حداثة دولة المستعمر ومن تعليمها وإمتيازاتها وكذلك لم تكن جزء من فئات زعامات المجتمع التقليدي القبلي والطائفي المستفيدين هم كذلك من نمط الإستعمار. كانوا من صغار المتعلمين على هوامش المدن ومن فقراء الحضر

الثاني: إذا كان البعد الأول دا تحليل للظاهرة من خارجها فإن هناك جانب مهم يجب أن نفسر به الظاهرة ونفهمها من داخلها. الإسلاميون مثلوا كذلك عودة جديدة للدين و عودة لله، مثلوا رغبة معاصرة لإستعادة الجانب الروحي في الحياة مقابل طغيان المادة مع الحضارة العلمانية الأوروبية. هذه السردية هي التي يتمسك بها الإسلاميون ويصفون بها تيارهم وهي سردية صحيحة لكنها تكتمل مع البعد الأول. اليوم هناك حاجة ملحة ذات طابع كوني لإستعادة الجانب الروحي الإلهي القيمي الأخلاقي في حياة الفرد المعاصر وهذه الإستعادة تحديدا سيكون للإسلام دور كبير فيها.

بهذين البعدين تتضح حركية الإسلام خلال القرن العشرين وأهم تجلياتها الحركات الإسلامية بكل إيجابياتها وسلبياتها، في جميع العالم الإسلامي مصر والشام وتركيا وافغانستان واندونيسيا والمغرب العربي شمال إفريقيا والسودان والصومال حتى نجيريا ومالي وغيرها

في السودان لديناميكا الإسلام اليوم أثر أوسع من تجربة الإسلاميين، أتباع الليبرالية الغربية عندنا وبعض اليساريين المنغلقين عن فهم صحيح للواقع مع طوائف صغيرة جدا غريبة مثل الجمهوريين، هؤلاء جميعهم نجدهم يسيئون فهم عودة الإسلام الجديدة اليوم لأنهم لم يفهموا ان ديناميكا الإسلام وحركيته أوسع من الإسلاميين السودانيين بمعناهم التنظيمي والسياسي لذا المجتمع بعد الثورة رفض مناهج القراي المسيئة للدين ورفض سيداو ويرفض كل محاولات العلمنة الثقافية مهما كانت موازين القوى السياسية. وبذلك فإن للإسلام اليوم وغدا عودة جديدة تتجاوز جدليا مرحلة الإسلاميين السابقة وتستشرف أفقا جديدا.

في كلام كتير مهم حول عالمية الفكرة دي لأنو الصراع عالمي بطبيعته، وهنا أي محلية هي بالضرورة موقف عالمي والموقف من الإسلام هو موقف محلي و كذلك موقف عالمي وبموازين كثيرة و بسبب إضطرابات كثيرة تملأ العالم فإن نهضة عظيمة فكرية وسياسية وثقافية لابد أن تحدث والإسلام أحد أهم جوانبها وهذه سنة الله في الأرض وهذا إنقاذ لتعاسة الإنسان المعاصر سيقوم بها الدين عموما والإسلام خصوصا.

اترك رد