إبراهيم عثمان يكتب : محنة التاي مع حكومته .. كلاكيت ثاني مرة

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

محنة التاي مع حكومته .. كلاكيت ثاني مرة

حالة الفشل غير المسبوق، الذي لا يستطيع حتى المكابر نفيه، المقرون بنزعة الأنانية والإقصاء، وبالرغبة في التضليل والتحكم في الرأي العام وسقوف غضبه، أنتجت ظاهرة الإنتقال السريع من أشد درجات الذم للوضع الحالي إلى أعلى درجات المدح، والعكس، في تبادل مستمر .. الكثيرون من كتاب قحت، ولكي يحافظوا على بعض مصداقيتهم عند القراء، ينتقدون الأوضاع بأشد العبارات، لكنهم سرعان ما يعودون إلى التطبيل، حتى لا تساهم مقالات الانتقاد في صناعة رأي عام مناوئ للحكومة وفاقد للأمل فيها.

بعض هؤلاء الكتاب يغضبون أشد الغضب من المعارضين الذين لا يتلونون مثلهم، خاصةً الكيزان، في أنانية من نوع جديد، وهي أنانية احتكار انتقاد الحكومة، وهذا يجعله نقداً مزيفاً، فالناقد الحقيقي لا يشقى بالناقدين الآخرين حتى إن كان يكرههم إن تطابقت انتقاداتهم مع انتقاداته . قريباً من هذه الحالة كان الأستاذ محمد الفكي عضو السيادي قد قال : نحن فقط يحق لنا التظاهر ضد الحكومة، فهذه حكومتنا !

كتب الأستاذ أحمد يوسف التاي مقالاً بعنوان ” أيها الفاشلون … حتى متى؟” وصف الأستاذ الحال بأنه يمثل : ( ذروة الفشل …ذروة العجز … الشلل التام ، ذروة الإحباط، والأزمات تتفاقم وتتسارع الخطى نحو الهاوية والدرك السحيق حيث لايجدي وقتها حكومة جديدة أو ثورة أو تصحيح مسار، أو زعيق… )، وأضاف ( ما يجري في السودان هو إنزلاق حقيقي نحو هاوية الضياع وخطى متسارعة نحو الحريق والدمار الإقتصادي الشامل)، وختم مقاله بقوله إنه لم يبق أمامنا ( إلا أن ندعو مستعمرين أجانب من “ذوي الكفاءة” ليحكموا بلادنا ، بعد أن عجزت كفاءاتُنا الوطنية، فهل تبقَّى غير هذا أيها الفاشلون.) !

ولم تمر إلا أيام حتى عالج مقاله ذاك بمقال جديد بعنوان “أمَّا الآن فشكراً حمدوك” – لي عودة تفصيلية لهذا المقال غداً إن شاء الله – لم ينس الأستاذ التاي في هذا المقال عادته المزمنة في الحديث عن ( تربُّص وترصُّد أنصار النظام المخلوع وأعداء التغيير) الذين ( يجمحون، ساعين بالشائعات وكل ما يثبط الهمم ويشيع الإحباط ). يقول هذا علماً بأن :
– الكيزان لم يصنعوا الإحباط، بل هو واقع يتحدث عنه التاي نفسه بلغة حافة الهاوية والانهيار الشامل … إلخ
– الكيزان كانوا قد عرضوا “المعارضة المساندة” التي لم تجد سوى الرفض والسخرية من الحكومة وأنصارها. وحتى بعد الرفض لم يزيدوا في توصيفهم لسوء الحال على ما يقوله الأستاذ التاي نفسه.
– الكيزان ضحايا أغلب الشائعات لا صناعها، والتاي يعلم ذلك، وهو بنفسه كان قد نفخ في إحدى الشائعات الغريبة حين حمَّلهم مسؤولية التعديلات القانونية العلمانية باتهامه لوزير العدل عبد البارئ بأنه منهم، وأنه يهدف إلى تشويه سمعة الحكومة بالتعديلات القانونية العلمانية ! كان ذلك قبل عام تقريباً وقد عقبت عليه حينها .
– الكيزان لم يثبطوا الهمم مثله إلى درجة فقدان الأمل حتى في( حكومة جديدة أو ثورة أو تصحيح مسار)، فليطمئن الأستاذ التاي فالأمل يظل باقياً في إمكانية إصلاح ما خربته حكومته الفاشلة على يد حكومة مستقلة ذات كفاءة.
– الكيزان لم يصل يأسهم من الوضع و”تثبيطهم للهمم” حد انعدام الأمل في غير ( المستعمرين ذوي الكفاءة ). فحواء السودان ولادة، ومن أبنائها – غير القحاتة الذين يصف فشلهم، وغير الكيزان الذين لا يحبهم – هناك كثيرون يستطيعون إصلاح ما خربته قحت، خاصةً إذا لم تعود أحزاب الفكة اليسارية، ومعها قلم التاي، إلى العادة القديمة في التحريض على العقوبات والحصار .

إبراهيم عثمان

اترك رد