إبراهيم عثمان يكتب : الدولة العميقة كجذر للمشكلات (٢ -٢)

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

الدولة العميقة كجذر للمشكلات (٢ -٢)

هذا الجزء الثاني سأخصصه لملاحظات عامة واستنتاجات تثبت هشاشة نظرية الشماعة المتمثلة في الدولة العميقة وتعويقها للنظام ( بعضها ورد في مقالات سابقة) :-

– الملاحظ أن الحكومة تميل إلى التهوين، في تصريحاتها، من قدرات وحجم أنصار النظام السابق عندما يتعلق الأمر بقدرتهم على منازلتها في الشوارع عبر التظاهر السلمي وتتحدث عن تفرقهم أيدي سبأ، وعدم قدرتهم على قيادة عمل كبير منسق : ( الفلول ديك يصيح في غير موعده زمانو فات وغنايو مات ) كما قال ياسر عرمان .. لكنها تضخم من شأنهم وتنسب إليهم تماسكاً وقدرات تنسيقية عالية في مجالات أصعب عندما يتعلق الأمر بجوانب فشلها !!
– لو أن للدولة العميقة من القدرات الخارقة ما يمكنها – وهي المداسة المبلولة الصارخة – من لي ذراع حكومة قحت، وإفشالها تماماً وتخريب كل خططها دون أن تتم عمليات ضبط كبيرة للمخربين تتناسب مع حجم الفشل الكبير ، لو أن لها هذه القدرات الخارقة وهي المجردة من أدوات السلطة لما أستطاع أعداؤها بالخارج اسقاطها، وهي المتمكنة، باستخدام بعض أبنائها وبالتعاون مع القحاتة الذين تستطيع إفشالهم بالسهولة التي يتكلمون عنها !
– الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن يجادل في صحتها أن معارضة المؤتمر الوطني للنظام أضعف بكثير مما كان متوقعاً، وأضعف من معارضة قحت لحكومته، وهي المعارضة المليئة بصنوف التعطيل، ولذلك فهو متهم من بعض أنصاره بعدم الدفاع الكافي حتى عن بعض قضاياه العادلة، وكثيرون من أنصار الحكومة يسخرون منه بسبب ذلك، لكنهم مع ذلك لا يمانعون في استخدامه لتبرير الفشل كنظام عميق فائق القدرات في تعطيل حكومته ذات الكفاءة العالية والانجازات الضخمة !!
– بين خياري العميقة كشماعة للفشل، والعميقة كممول رئيسي للحكومة عبر المصادرات، يختار جمهور قحت الإثنين، ضارباً بالمنطق عرض الحائط، فيبكي تارةً من فعائل العميقة التي أفشلت حكومته، ويحتفل تارةً بالعميقة التي تمولها عبر أسهل صيغ التمويل !!
– النظام الذي يستسهل اعتقال المعارضين إلى درجة اعتقال من يذهبون لضمان معتقلين آخرين وتلفيق التهم لهم ما كان له أن يترك معارضين/مخربين أشد خطورة تسببوا له في هذا الفشل الكبير لولا أنه من كثرة الكذب بخصوص الشماعة لم يستطع أن يغطي كل كذبة بقضية ملفقة تصمد أمام القضاء، حتى لو كان في جور قضاء “الدوس ” في لجنة مناع ووجدي والفكي !!
– يلاحظ أن شماعة الدولة العميقة هي الأكثر استخداماً عند القطيع فيما يمكن تسميته بالعلف الذاتي، فكثيرون من أفراد القطيع يخترعون روايات شماعية لم يقل بها المسؤولون أنفسهم!!
– إذا كان كل هذا الفشل المشهود من صناعة الدولة العميقة، فالحكومة ستكون فاشلة بامتياز، وهو فشل في مجال إنجازها الرئيسي السهل الذي تفاخر به، أي الدوس والبل !!
– الملاحظ أن استخدام شماعة الدولة العميقة يزداد مع مرور الأيام وزيادة معدلات الدوس، بدلاً من حدوث العكس، وهذا يثبت أن استخدامها يتناسب طرداً مع مستوى فشل الحكومة لا زيادة نشاط العميقة !!
– عندما تتجاور حملة الشكر الأكبر في تاريخ السودان، والتي يُفترَض أن تعني أننا إزاء الإنجازات الأكبر، مع الاستخدام الأكبر للشماعات، بما يعني أننا أمام الفشل الأكبر، ففي ذلك إثبات لا يقبل التشكيك على إن حكومتنا هي الأكثر تضليلاً وتجهيلاً للشعب في تاريخ السودان . فالمفروض أن المشغولين بالشكر على الإنجازات الكبرى لا يحتاجون إلى الشماعات، وأن المقتنعين بالشماعات كمبرر للفشل لن يجدوا ما يشكرون حمدوك عليه، ولو كان دوس العميقة . أما الذين يجمعون بين الإثنين فقد كان الناس لطفاء معهم حين اكتفوا بوصفهم بالقطيع !!
– الهروب من الفشل إلى الشماعة يجعل الحكومة كالمستجير من الرمضاء بالنار، فالفشل كبير جداً وتحميل مسؤوليته للدولة العميقة سيجعل كثرة استخدام الحكومة للشماعة – إذا أراد الناس مجاراتها في المغالبات الساذجة الفاضحة لخواء الشعارات والمبادئ – مستحقاً لتسمية “الصراخ” أكثر من اعتراضات أفراد الدولة العميقة على الظلم، فهذا ما تقوله الحقيقة البسيطة الغبية التي تحاول الحكومة تسويقها، وهي أن الرد على الاعتقالات التعسفية، والمصادرات العشوائية، يكون بإفشال نظام اقتصادياً وأمنياً، فالحكومة خاسرة في هذه المعادلة المزعومة !!
– ما يؤكد كذب الحكومة في تهوينها وفي تضخيمها، أي ما يثبت أن العكس هو الصحيح وأن ما تهون منه هو ما ترتعب منه حقيقةً، وأن ما تضخمه هو ما تعلم أنه مجرد شماعة وعلف، ما يؤكد هذا، هو ما يحدث فعلاً من ردود أفعال حكومية ، فردود أفعال الحكومة تقول إن معظم الاعتقالات وما يتلوها من توجيه اتهامات ورفع قضايا تحدث على خلفية التظاهرات ، وأنها لا تخسى “التخريب” ولهذا لا توجد اعتقالات على هذه الخلفية .

إبراهيم عثمان

اترك رد