الخرطوم : الرآية نيوز
بعد الغروب
بدرالدين حسين علي يكتب :
سقوط الثلاثية..!!
قد يختلف الناس حول الثورة السودانية هل كانت تعبر عن نبض جماهيري حقيقى ام انها ثورة مصنوعة، ام هي هجين بين هذا وذاك، ولكن ما يمكن الاتفاق حوله هو ان هنالك قوي ظلامية اختطفت الثورة بليل فاوردت البلاد موارد الهلاك ودفعت بها الي عوالم مجهولة، ومارست منهج حكم كان بكل المقاييس ضد شعارات الثورة المرفوعة حرية.. سلام.. وعدالة.
فالحرية اصلا قد قتلت منذ الحراك الثوري الاول حينما صورت للشباب انها حرية مطلقة لا تعرف الحدود والفواصل، فغيب الفعل الثوري انتهاء حرية الفرد عن حرية الاخر، فنمت مظاهر عبثية تحت دعاوي الحرية، فكان تتريس الشوارع وحرق الاطارات وتجاوز قوانين الخدمة المدنية ببروز ظواهر مهاجمة مديري الموسسات وطردهم من مكاتبهم، واخذ الحقوق بالتمظهر العضلي وما الي ذلك، ، ثم نقل صفة الكوز من مربع الانتماء الحزبي الي مربع السلوك المعارض لفعلهم، فكانوا كما فرعون لا يريدون للناس ان يروا الا من خلال منظارهم المعطوب، فجثموا علي صدر الحرية فقتلوها.
اما السلام فقد سعوا لاحراز نتائج تصلح لتسويقه عبر الميديا كانجاز، غير انهم واقعا عجزوا عن الصبر علي حركات الكفاح المسلح، وظهر ذلك جليا في استعجالهم بالدفع بحاكم لدارفور دون اصدار اي مراسيم توضح حدود الاقليم وموارده وكيفية ادارته وعلاقته بالمركز وعلاقاته بالجوار ومدي صلاحيات الحاكم وما هي التقاطعات مع المركز وغيرها من الأشياء التي عليها يؤسس حكم الاقليم، ولكن يبدو ان ما وراء القرار هو ابعاد القائد منى اركو مناوى من الخرطوم مركزية حكمهم الذي لم يتمدد الي الاقاليم، لان الرجل اتعبهم بانتقاداته اللازعة ودعاويه الصريحة من اجل تحقيق مصالحة وطنية.
اما السلام الاجتماعي فقد انفرط عقده في سابقة لم يشهدها السودان من قبل، فاندلعت الصراعات الجهوية في غرب السودان وشرقه بصورة لم تكن معهوده، وانفرط عقد الامن من خلال ظواهر لم يكن للمجتمع ان يسمع بها الا في هذا العهد، فعجزو عن تحقيق سلام حتي بين مكوناتهم الحاكمة، لذا فان السلام لم يتجاوز مرحلة الشعار الذي استعصي نزوله للارض واقعا.
اما العدالة فقد زبحت علي بوابة الحكم، حينما رفضت قوي الحرية والتغيير باحزابها الاربعة اتاحة المجال لغيرهم ليشارك في الحكم، ومارست الاقصاء الممنهج، واظهرت وجها دكتاتوريا وهي تمارس سياسة التمكين لاحزابها في ذات الوقت الذي تدعي فيه انها تحارب سياسة التمكين التي فرضها النظام السابق، اما اختلال العدالة فانها لا تحتاج لشواهد فسجن كوبر تشهد زنازينه، ثم انتزاع حقوق الناس دون حكم قضائي والتشهير بهم، والزج بهم في السجون لاماد بعيدة دون تحديد تهمة توجه لهم، او الدفع بهم الي المحاكم ابلغ شاهد علي غياب شمس العدالة.
سنتان فقط افرغوا فيها الثورة من كل جوهرها ويسعون للعودة من بوابة المدنية ولا يستحون من تكرار سرقة ثورة الشباب فتبا لهم وتب.