إبراهيم عثمان يكتب : علف قحط وجهيزة الشرطة

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :
علف قحط وجهيزة الشرطة

القحط، بالتعريف، يعني الجدب وقلة أو انعدام المطر وبالتالي قلة أو انعدام العشب، وتسمية جماعة قحط تتماشى مع نوعية أعلافها ..فمن أهم خصائص الأعلاف القحطية أنها مزيفة وسريعة التلف، وأنها تتخذ طابع الحملات المكثفة المؤقتة، وأن أصحابها مهما كانت مهاراتهم وخبراتهم لا يستطيعون تجويدها، لذلك تأتي الأعلاف شديدة الرداءة ضعيفة الحبكة، خاصةً في ظل كثرة الأعلاف والانشغال الدائم بانتاج المزيد منها، فمهما بلغ الاتقان لا يستطيع المفبرك والمضلل العناية بكل أعلافه والتخديم الدائم عليها، نعم عادةً تبقى عناوينها لتكثف الرسالة، ويتم حشوها في المقالات وأحاديث الساسة كمسلمة لكن دون تفصيل ودون العناية بتقديم أدلة الإثبات، وحتى دون أن يكون هؤلاء الكتاب والساسة قد “تورطوا” في الحملات بتفاصيلها البائسة شديدة الضعف . وهذا كله ينطبق تماماً على جريمة اغتيال الشهيد العميد بريمة .

توقعت في مقال سابق أن تنتهي حملة التضليل التي واكبت مقتل الشهيد سريعاً وأن تكون ( مجرد أعلاف للقطيع للإشباع قصير الأجل )، وقد أثبتت الأيام صحة هذا الحكم، فبيان الشرطة الذي يكشف عن القبض على قتلة الشهيد، وإدلائهم بإعترافات قضائية، وتمثيلهم للجريمة، لم يتسبب في حملة جديدة تعادل الأولى أو تفوقها لإثبات عدم صحة ما جاء في البيان. فقد صمت عنه مروجو الفبركات، بينما المفترض أن يكون تصرفهم الطبيعي هو تصعيد الحملة في حالة كانوا على قناعة بصحة ما روجوه، فبما أن الشرطة قد أكملت أشواط إثبات صحة روايتها، فالطبيعي أن يعمل مروجو الرواية المغايرة على إكمال أشواط روايتهم بتقديم أدلة إضافية قد تمكنوا من توفيرها خلال الفترة من إطلاق الدفعة الأولى من “الأدلة”/ الفبركات إلى الآن .

والطبيعي أن يزداد التضامن مع المتهومين بعد توجيه التهمة إليهم رسمياً، وكان يمكن أن يأخذ طابع التشكيك في رواية الشرطة، بالقول، مثلاً، بأنهم قد أُجبِروا على الاعترافات، هذا إن كان هناك حد أدنى من الإيمان بصحة مواد الحملة، أما إن كان هناك يقين كامل بصحتها، كما زعموا، فإن الطبيعي أن تعقب بيان الشرطة ردة فعل قوية تزيد عن مجرد إيراد أدلة إضافية، وقد تصل إلى حد إقامة “مليونية” لاطلاق سراحهم..

هذا كله لم يحدث، وهذا يؤكد بأن الغرض من الحملة الأولى كان هو التضليل، ولهذا أصبحت قصيرة النفس، واستغنى عنها أصحابها بعد أن أدت غرضها التخديري المؤقت الذي لا يخدم المتهومين بأي شكل . فالمؤكد أن الذباب الإلكتروني لن يعود إلى نشر الأدلة/الفبركات التي ثبت فسادها، وأن المحامين، قحاتةً كانوا أو غير قحاتة، لن يستفيدوا من الحملة بأي شكل من الأشكال، ولن يجدوا فيها مادةً واحدة تصلح للاستخدام في المرافعة أمام المحكمة ..

إبراهيم عثمان

اترك رد