دكتور ياسر أبّشر عبدالمجيد يكتب : ألَا مَنْ مبلغٌ حميدتي عني !!!

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز :

دكتور ياسر أبّشر عبدالمجيد يكتب :
ألَا مَنْ مبلغٌ حميدتي عني !!!

رغم أُمّيته ، لكن عمنا حسن جنى ود حسن ( وأسمه في أوراق الحكومة حسن عثمان حسن ) يهتم بالسياسة ويتابعها ويُفتي فيها. عمنا حسن جنى ود حسن ورغم أُمّيته مواظب على شراء الصّحُف و ( يستعدل ) الصحيفة بالصور التي فيها !!!! فتاوى عمنا حسن في السياسية شاملة ، فهي تتضمن السياسة الدولية والمحلية وحتى قضايا الفكر السياسي !!! هو يفتي ما شاء الله له أن يفتي ، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر !!! . المهم لديه أن يبدي رأياً في السياسة !!! وكان بالنسبة لي متعة وأنساً جميلاً ، وبدوره كان يحبني فأنا – تقديراً لعُمُرِه – أستمع إليه ولا أُخَطّئه ولا أجادله ، والناس الكبار يحبون ذلك ويضيقون بالشباب الذين يجادلونهم.
أذكر مرّة أنه كان ينتقد الإسلاميين . قال إنه ضدهم لأنهم ضد ” الألمانية ” . والألمانية التي يعنيها يا سادتي ليست سيدة ألمانية ، لا بل هي ” العلمانية ” ، ولتجنب غضبه لا تملك إلّا أن تقول له :
والله يا عم حسن كان وقفوا ضد ” الألمانية ” يكونوا غلطانين !!! لكن هذه هي حدوده في السياسة ، حديثٌ وأُنْس . عدا ذلك فعمنا حسن كسائر أهل بلدتنا رجل خلوق كريم رحيم ” ويلفا الصايحة يات ما كان ” ، ومتحضّر في سلوكه ، محافظ على أناقته وعطره الفواح ، صادقٌ عَف اللسان يعرف قواعد الظُّرف والسلوك فهو في مدينة .
وكما أعلم وتعلمون فإن التعليم النظامي ليس الوسيلة الوحيدة ولا الوسيلة الأمثل لصنع قائد ، وشواهد التاريخ تترى ، ولعل رئيس البرازيل لولا داسيلڤا الذي كان عاملاً بسيطاً خير دليل في عصرنا هذا .
كما أن حاضرنا يشهد أن الذين لم ينخرطوا في التعليم النظامي ( مثل عمنا حسن جنى ود حسن ) هم الأكثر تمثيلاً لأخلاق وقيم ووجدان الشعوب. والأهم أنهم الأبعد عن خيانة الأوطان والارتماء في أحضان الأجانب ليقتاتوا من فتاتهم .
ولكن ولأن لكل قاعدةٍ شواذ ، فقد برز محمد حمدان دقلو ( حميدتي ) ممثلاً لهذا الشذوذ. أثبت حميدتي أنه خادم مطيع لود زايد ، استعبده بدراهمه ، فأصبح يُسيّره عبر دحلان أو طه ، وأينما يوجهه لا يأتِ بخير . وسبق أن رويت لكم ما قاله حميدتي للصحفي بشأن الاطاحة بالفريق عمر زين العابدين والفريق جلال الشيخ والفريق شرطة الطيب بابكر والذي جرى بمهاتفة تلفونية من دحلان ، فطلب حميدتي من بعض قادة الاعتصام الهتاف ضدهم ليتسنى له إخراجهم من المجلس العسكري بمبرر أن الجماهير ترفضهم. هكذا كان هيّناً ليّناً أمام التوجيهات الأجنبية .
جسّد دقلو إخوان مثالاً لفعالية المال السياسي الذي تضخه الإمارات في إفساد الحياة السياسية بصورة لم يشهدها السودان من قبل. فقد أنفق حميدتي مالاً لُبَدا لشراء ذمم صحفيين وسياسيين وناشطين بل وحفنة من نظاميين. والصحفي صاحب رواية إخراج الفرقاء الثلاثة هو أحد من تلقى مالاً من حميدتي باعترافه هو نفسه . وبعض الذين رشاهم حميدتي يقبضون المال ، ثم يتحدثون عن الوقائع وهم يضحكون على سذاجته .
يحاول حميدتي التَقرّب للمجموعات اليسارية بشتى الطرق وانفق عليها كثيراً ولكنها لم ترض به ، بل إن الشيوعيين هم من يحرضون الدول الغربية عليه ويطالبون بمحاكمته في محكمة الجنايات الدولية . وكانت زيارة حميدتي لروسيا ووعده إياها بقاعدة على البحر الأحمر هي القشة التي قصت ظهر البعير لدى الغربيين ولدي السعوديين الذين أبلغوه أنهم لم يعودوا يثقون فيه فيما بلغني .
تكمن عقدة حميدتي في الإسلاميين فهم عموماً غير قابلين للشراء . صحيح أن بعض أفراد عشيرته من بين الإسلاميين انضموا إليه ولكن يظل هؤلاء مجرد أفراد. وقد فاقم موقف الإسلاميين هذا فوبيا حميدتي منهم . مشكلته أن هؤلاء متعلمون وخبراء بالسياسة الداخلية والخارجية ، ثم إنه لا يعلم أن المال يمكن أن يشتري عملاء لكنه لا يشتري ولاءً مخلصاً .
عموم أهل السودان ينظرون لحميدتي كمراوغ ، كذب حين قال الشريعة خط أحمر ، ولما انتهكت أحزاب أربعة طويلة قدسيتها وقوانينها لم يحرك ساكناً. وهم لا يأخذون شكواه ” فشلنا فشلنا فشلاً ذريعاً ” مأخذاً جاداً فقد جربوا عليه الكذب ، وهو لا يعلم أنهم يعلمون أن تلك العبارات من قِبَلِه مجرد حقن تخدير لشراء الوقت . وهو لا يدري أن السواد الأعظم من السودانيين يصنفون آل دقلو عنصريين معادين ” للجلابة ” كم صَرّح بذلك أخوه للشاب أحمد الضي !!! .
المصريون أبلغوه منذ أمد أنهم مع الجيش ، وأنه مجرد مليشيا تشكل خطراً على استقرار السودان ، خاصة بعد ان شاع تقرير المجموعة الخاصة بالسودان عن مؤامرته مع الحركات المسلحة ضد ” الجلابة ” في محادثات جوبا .
لا أستبعد أبداً أن تصنفه أميركا مليشيا إرهابية أو تفرض عقوبات على شركاته ، جزاءً على تقاربه من روسيا في هذا الوقت الحرج. وهكذا لم يبق لحميدتي إلّا الإمارات التي من الممكن أن تتعرض لضغوط أمريكية للتخلي عنه . على أن ما يدعو للأسى أكثر أن من يدّعون التعليم يُكثرون ” الحج ” للإمارات ولا يستحون من الحديث عن شراكتها لجلب الديمقراطية للسودان ، ولعلهم يعنون ” الديمقراطية الدراهمية ” !!! أمًا الأخلاق والوطنية فأقم عليها مأتماً وعويلا .
مَنْ مبلغ حميدتي عني ، أنه لا مستقبل زعامة له بالسودان ، وأن الأحوط له أن ” يلزم الجابرة ” وأن يكون أقصى طموحه له الاقتداء بعمنا حسن جنى ود حسن !!!! اللهم إلّا إذا استطاع أن يُقيم سياسته على جوانب تُراعي الفاعلين الحقيقيين بالسودان بدلاً من أن يكون مجرد بيدق لتنفيذ الأجندة الأماراتية .
أسهم حميدتي بظاهرة جديدة في تاريخ السياسة السودانية وهي ” ترييف السياسة ” Ruralization of Politics إن كان هذا يِعدُّ إسهاماً له قيمة ومنفعة في بلدٍ أقامت أول جامعاتها عام 1906 !!! وحسبنا الله ونعم الوكيل .
دكتور ياسر أبّشر عبدالمجيد
————————————
11 مارس 2022

دكتور ياسر أبّشر عبد المجيد يكتب : ترصيص عجلات الدولة

تعليق 1
  1. […] دكتور ياسر أبّشر عبدالمجيد يكتب : ألَا مَنْ مبلغٌ حميدت… […]

اترك رد