محمد حامد جمعة نوار يكتب : جمرتهم الشدائد

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

محمد حامد جمعة نوار يكتب :
جمرتهم الشدائد

تجنبت أن أكتب عنهم . ليس سهوا او. نسيانا ولا تخاذلا . فقد نصرنا خلفهم وأمامهم ومعهم الوطن في ساعات العسرة . حينما كان المنام على الطين والصحو على مطر ألوان الرصاص . يقتات السهر والحمى من أجساد الرجال . تأكل الارض أجسادهم بالموت و الشهادة وما أكلت دابة الارض مركوز جسارتهم وقناعتهم وقناعاتنا بوطن وهبه البعض الاطراف المشومة بالجراح ووهبناه جميعا أنضر سنوات عمرنا ولو كتب الله لنا فيض منه لوهبناه لهذا البلد لا نسأل على جنب كان مصرعنا .
لم نكتب عنهم .أنس عمر وخالد محمد نور وأسامة عثمان وجمال الشهيد العميد الذي إن قال لتلك الأيام نعيد لما تعسر لواء النصرة وما تكسر . وإنما غبت عن مربد القول الفصيح بشأنهم لثقتي في أنهم أبرياء أنقياء . وقدرت إنتظار فصل القضاء ويقيني في عدل الله قائم فوق جلوس القضاة وواقف فصاحة المحاماة .
هؤلاء رجال جمرتهم الشدائد فصهرت الوطنية فيهم حتى تحولت الى ذهب لا تزنه موازين القياسات او ترصد غلاوته أثقال الأرصدة . كانوا على كل الثغور بذاك الكاكي الذي هدته الشمس وغسول أمطار الصباح والمساء لهم في متر بهذا البلد موطء قدم ودفقة دم وفرحة نصر وشهقة تستدعي الصبر في نوازل الكر والفر . ما علقتهم بسيرتهم مظنة خزي . خفاف عند الفزع ثقال في الطمع . سارت بسيرتهم جحافل الرجال الجبال . إن انتصروا جلسوا حيث تنتهي بهم الأوامر والتعليمات تحملهم إشارة ويضعهم أمر تحرك . ما تفرغوا لتجارة او كسب للنفس والذات وحتى تأهل بعضهم في المعارف حازوه من بين فراغات الأذونات وطارئ سوانح البقاء بالمدائن . إلتزموا قسم مؤسساتهم فكانوا خلصا للبنادق والخنادق وحتى عندما أخرجت بعضهم حيل السياسية وضغوطات حلاقيم التهييج الجهول . إنصرفوا للحياة العامة دعاء اغلبهم تقبل الله ما توفقنا وعفى عما قصرنا .
خرجوا اليوم بعد محنة إتهام غشوم . بالقانون ونطق القضاء . قبلوا بالحبوس وهم الذين حبسوا عن هذه الديار تطاول الخائن واللئيم والبنادق المشتراة . وأثق في أنهم غفروا حتى تنكر الرفاق والزملاء والقادة وهم بهم أعلم . عذروا بأدب رصين وخلق سليم من كان بيده أقله ان يقيم البيانات ويزن التفاصيل فيتجنب بؤس (الطلبنة) !
كتبت البراءة لجمال الشهيد ومن معه وبقيت العظة في ان هذا البلد أعجب ما فيه ان البطل الشريف يسجن والخائن اللئيم يكرم . بلد يحرق رماح العز لينبت سيوف العشر التي تتكسر في يد صاحبها فلا هي أسلمته لنصر وما حمته على الاقل لساعة موت جسور .

اترك رد