بدر الدين حسين علي يكتب : مبادرة الشيخ الجد.. بكاء النائحات..!!

السودان

الخرطوم: الرأية نيوز
بعد الغروب
بدر الدين حسين علي يكتب : مبادرة الشيخ الجد.. بكاء النائحات..!!

لم يكن بدعا اشتغال اهل التصوف بما يشغل الناس من امور حياتهم، اجتماعا كان، ام اقتصاداا، او حتي سياسة، فملوك دولة الفونج كان معظمهم يستشير شيوخ الطرق الصوفية، في شئون الدولة الكبري، ولم يكن ذلك الا من باب ان ينشد الملوك الحكمة عند اهل التصوف.

وجاحد من يتغاضي عن ادوار اجتماعية ظلت بصمة الطرق الصوفية فيها الابلغ اثرا ووفعا، فالاندماج الاجتماعي الذي احدثته وهي تعلو فوق الولاءات التحتية من قبلية واثنية وتقارب بين طبقات المجتمع، الفقير والغني، الطببب والمزارع، وتذوب كل الفوارق، لتصنع مجتمعا معافي، غارق في فضائل السلوك، لا تعزل احدا، ولا تقيم من نفسها حكما علي سلوك الناس، بل تقبل الجميع كما هم، لذلك تعتبر الطرق الصوفية اول موسسات المجتمع المدني، التي سعت نحو قضية الاندماج الوطني.

وحينما برق البرق لتلوح اول دولة سودانية كاملة الدسم، علي يد الامام المهدي، كان سهم الشيخ العبيد ود بدر (ود ريا) السهم الاعلي قيمة وذلك لسببين، الاول دعوة تلقاها من غردون باشا للتعاون معه للقضاء علي المهدي، لم يتلجلج الشيخ العبيد، ولم تغريه اموال الخواجة المسمومة التي نهل منها ادعياء الحرية والسلام والعدالة في يومنا هذا، فرفض العرض عمليا.

والسبب الثاني تزامن هذا العرض مع عرض المهدي ودعوته للشيخ العبيد بالزحف نحو الخرطوم ومحاصرتها، فحاصرالشيخ العبيد الخرطوم، ودفع بولديه في قيادة المحاصرين، ومن حينها كان للسادة البادراب تاريخ ناصع في الدفاع عن الوطن وصون وحدته.
لذا لم يكن مستغربا ان يسير خليفة البادراب السابع علي ذات نهج شيخه وجده الاول، حينما راي انسداد الافق السياسي في البلاد فركب الحكمة، وسداد الراي وجاء الي ذات الخرطوم، ومن تقابة قران ام ضوء بان، علي ذات خطوات شيخه العبيد فاتحا، ، الا انه هذه المرة، جاء ليفتح بابا نحو الوطنية بسعة تجعل دخول كل اطياف السودان منه متاحا، لا عرق، ولا لون، ولا اقليم، ولا ايدولوجيا، تمنع الولوج منه.

مبادرة الشيخ الطيب الجد هي امتداد لارث صوفي قديم يعطي دون انتظار الشكر، زاهد في السلطة، اذ ان ظلها لا يتماشي مع ادب المسيد.

واصوات نشاذ هنا وهناك تقف ضد مبادرة الشيخ الجد، من منطلقات يحسبون من خلالها كل صيحة عليهم، وما علموا ان اهل التصوف لو كانوا طلاب سلطة لانتزعوا السلطة عبر الانتخاب بكل نفس هادي فهم امتدادات علي مستوي البلاد، وجماهير لا تحصي ولا تعد.

فكل عاقل سيؤيد مبادرة الشيخ الجد، وكل صاحب درب اعوج، وفيه رائحة من عمالة، او يمم وجهه شطر منبع الدولار الحرام، واصبح وكيلا للغرب، فان مبادرة خليفة ام ضوء بان ستكون لهم سما زعاق.

غير ان ادب خليفة الشيخ ود بدر، تجعله يغض الطرف عن كل تشكيك، او تقليل من المبادرة بالنيل من شخصه، فيعلن علي الملا ان المبادرة مبذولة لمن طعن فيها لانه جزء من انسان هذا الوطن، وهنا باب للحكمة يتسع ، ويبدو ان هذه المبادرة هي سبيل اهل السودان للخروج من هذا المازق العجيب، وهذا ما جسده اجتماع اهل السودان حولها صبيحة السبت في قاعة الصداقة، ولعلها اصبحت الان حديث الاسر، والقشة التي يتعلق بها اهل السودان بعد مستنقع فحت الأسن.

اترك رد