الخرطوم : الرآية نيوز
إبراهيم عثمان يكتب :
الاقتصاد السياسي للجوع !
المتتبع لسيرة قحت مع الجوع يجد أنها مرت بأربع مراحل :
▪️ مرحلة ما قبل انقلاب اللجنة الأمنية ::
– كانت تستخدم الزيادات البسيطة في الأسعار كعامل تحشيد أساسي للمتظاهرين، وكان ذلك تحت شعار “حكومة الجوع تسقط بس”،
– وكانت تسرف في الوعود الكبيرة برفع المعاناة والعبور إلى شواطئ الرفاهية والنعيم والتنمية الشاملة ..
▪️ مرحلة بداية الحكم :
– واصلوا في الوعود الكبيرة عن رفع المعاناة، والتنمية الشاملة ..
– وبالغوا في مدح ميزانيتهم “المنحازة بالكامل إلى الجماهير”، وعقدوا المقارنات بينها وبين ميزانيات النظام السابق ليثبتوا أنها ضاعفت الصرف على التعليم والصحة وغيرها .
▪️ مرحلة ما بعد تطبيق حزم رفع الدعم :
– كانت معظم أحزاب قحت – عدا الأمة، والجمهوري، والتجمع الاتحادي، المؤيدين لرفع الدعم بلا تحفظ – تصدر بيانات الرفض لحزم رفع الدعم عند إعلانها ..
– لكنها مباشرة بعد بيانات رفع العتب تبدأ في تسويق سياسات الحكومة والدفاع عنها وتعداد آثارها الإيجابية .
– ثم تفتقت عبقريتهم عن شعار يزيِّن الجوع الناتج عن سياساتهم ( الجوع ولا الكيزان ) للحفاظ على جمهورهم الذي بدأ ينفض من حولهم ..
▪️ مرحلة ما بعد قرارات البرهان الأخيرة :
– لم يعودوا يستخدمون المعاناة كعامل تحشيد أساسي، أو حتى ثانوي، لتظاهراتهم الحالية .
– والخطوة الجديدة التي اتخذتها الحكومة لإكمال برنامجهم لرفع الدعم، بالزيادة الكبيرة في تعرفة الكهرباء، مرت بلا استثمار في التظاهرات .
– ولم يعد الجوع حاضراً في شعاراتهم “الثورية” لا بالرفض “حكومة الجوع تسقط بس” ولا بالدفاع “الجوع ولا الكيزان” ..
– واللافت أنهم أيضاً لم يعودوا يطلقون الوعود الكبرى بخصوص رفع المعاناة والعبور، ولا حتى الوعود المتواضعة !!
▪️ ليس لهذا أي تفسير سوى :
– أنهم استخدموا المعاناة لأغراضهم السياسية في فترة ما قبل الحكم، لكنهم من كثرة ما أوغلوا في دوس المواطنين بالزيادات المجنونة للأسعار، والتدهور الكبير في الخدمات، استغنوا عن التوظيف السياسي للجوع، وأصبحوا يخجلون من الحديث عن المعاناة.
– وأنهم من كثرة ما عملوا بنقيض وعودهم أصبحوا يخجلون من إطلاق وعود كبرى جديدة.
– والتفسير الأساسي أن المسألة عندهم مسألة حكم فقط، وأن معاناة المواطنين هي آخر اهتماماتهم، كانت هذه الحقيقة في الماضي تُغَطى بالشعارات الرنانة والوعود البراقة، لكن بعد انكشاف زيفها بشكل كامل، أصبحوا لا يكلفون أنفسهم عناء محاولة التغطية لعلمهم بأنها ستكون فاشلة، بل فاضحة .
– وأصبح الصراع – بالمكشوف – صراع من يحكم السودان بكيفه الخاص، و والإجابة عندهم هي : نحن منفردين بلا شركاء ( بلا حتى شريك عسكري) وبالكيفية التي نراها، بالمخالفة المزدوجة لما ظلوا يزعمونه من انشغالهم بالإجابة على سؤال: ( كيف يُحكَم السودان لا من يحكمه ).
– من أُبعِدوا عن السلطة بسبب الفشل والإقصاء أظهروا نوايا إقصائية أكبر ، وهذا ما سنعود إليه بالتفصيل بالاستناد إلى الميثاق الجديذ الذي طرحه تجمع المهنيين ..
إبراهيم عثمان