الخرطوم : الرآية نيوز
إبراهيم عثمان يكتب :
العلف كضرورة .. كلاكيت ثاني مرة
( الزول دا مقتول من قبل المظاهرات بزمن، وبراهم اعترفوا، ومرتو اتكلمت، مرتو ذاتا اتكلمت، في الجرايد جايبنها، قالت عندو عداءات مع الشرطة، وكاتبنو في أي حتة، ومنزلين البوست في الهناي، ما عندو أي علاقة ولدي، كان في المظاهرات ) – سيدة تقول إن إبنها اُعتقِل على خلفية مقتل الشهيد بريمة
قبل شهور نشرت مقالاً حاولت فيه إحصاء الأسباب التي تجعل الأعلاف ضرورة قصوى لقحت، والآن تأتي جريمة مقتل الشهيد بريمة لتؤكد ما ذهبت إليه في ذلك المقال .. وهذا تجميع لتعليقات كتبتها في عدد من قروبات الواتساب بخصوص هذه الجريمة ..
لولا حملة الفبركة والتضليل الممنهجة والمتعددة الأشكال والروايات لرجحنا إحتمال إن يكون قتلة الشهيد بريمة مجرد مجرمين تسللوا إلى التظاهرة، لكن الذياب الإلكتروني بهذا التضليل المتعمد انطبق عليه المثل ( يكاد المريب أن يقول خذوني) فكل التصرفات تصرفات متهومين يوقنون بإدانتهم ، فهم بهذه الفبركات الفطيرة الكثيرة – والتي ختموها ببيان رائج الآن ومنسوب زوراً إلى أسرة الشهيد – أثبتوا أنهم يتبنون القتلة ويعتبرونهم منهم ولذلك يستخدمون كل هذه الفبركات لصرف الأنظار عنهم وإفلاتهم من العقاب، فمن يفبرك عامداً لا يُستَغرَب منه مساعدة الجناة عملياً على الإفلات من العقاب إن كانوا في محيطه واحتاجوا إلى مساعدته.
السيدة التي أوردنا جزءاً من حديثها وقعت ضحية لحملة التضليل الممنهجة هذه، وتحدثت بما روجه الذباب الإلكتروني، وهي ضحية لأن ما قالته ليس في مصلحة إبنها إن كان فعلاً متهوماً بالجريمة، فهذا لا يصلح كدفاع عن إبنها يمكن أن يبني عليه المحامون خطة الدفاع، وإنما هو مجرد أعلاف للقطيع للإشباع قصير الأجل .. مصلحة هذه السيدة في نفي صلة إبنها بالجريمة عبر إثباتات مختلفة لا تستند إلى نفي وقوع جريمة مؤكدة في الزمان والمكان وإدعاء مكان وزمان آخرين بالاستناد إلى أكاذيب مكشوفة من نوع إن زوجة الشهيد صرحت وإن الصحف نشرت تصريحاتها، فهذا النوع من الدفاع يضر بموقف إبنها لأن كثرة الكذب من سلوك المتورطين لا الواثقين من براءتهم، ويجعلها تبدو وكأنها تسلِّم بأنه إذا ثبت بأن الشهيد قد قُتِل في التظاهرة – وهذا ثابتٌ – فإن إدانة إبنها وبقية المتوهومين راجحة، الواجب على السيدة أن تجتهد في جمع الأدلة على عدم اشتراك ابنها في القتل، وهذا سيساعد المحامين في الدفاع عن إبنها بدلاً من مجاراة الذباب الذي تسئ أكاذيبه إلى الموقف القانوني لإبنها وغيره من المتهومين.
هذه الجريمة وما واكبها من حملات تضليل ممنهجة أثبتت أن قادة الذباب الإلكتروني يفهمون نفسية قطيعهم جيداً، فهذا القطيع يريد منهم أعلاف يومية؛ رواية عن أي حدث، أي رواية، ليتعلقوا بها ويحصلوا على التوازن النفسي ويتخلصوا من الإحباط، وليخادعوا أنفسهم بأن الأحداث، كل الأحداث، تشهد بصحة موقفهم وتدين عدوهم المعين في اللحظة المعينة .. لا يهم إن كان العلف رديئاً والرواية شديدة الضعف والركاكة وتصادم الحقائق وقواعد المنطق البسيط التي يعلمها الجميع بالفطرة، ولا يهم إن كانت سريعة الزوبان وينكشف زيفها بعد ساعات أو أيام، فهم يعتمدون على علف اليوم باليوم، والقطيع ليس كله بليداً لتنطلي عليه كل الأكاذيب الواضحة، لكنه يتبالد عمداً ومع سبق الإصرار والترصد حتى لا يعاف أي علف.
قادة الذباب الإلكتروني يعلمون كل هذا ويتعاملون معه، ولهذا يزداد الضغط عليهم لإشباع نهم القطيع، ولهذا لا يهتمون عادةً بتجويد أعلافهم، مطمئنين إلى إنه لو ثبت فسادها فوراً أو خلال ساعات فالقطيع سيغفر لهم ذلك، بل سيشكرهم عليه، وسيطلب المزيد .. وبما أنه في غالب الحالات تكون المسافة كبيرة جداً بين الحقيقة وما يحتاجه القطيع من حقيقة مغايرة، فإن الحاجة ستكون ملحة ومستمرة لأعلاف كثيرة جداً ورديئة جداً لتردم هذه المسافة .. لا تلوموا قادة الذباب الإلكتروني .. لوموا القطيع الجائع الذي يريد أي علوق ويزعج قادة الذباب الإلكتروني بصياحه المستمر طلباً للأعلاف، أي أعلاف ..
إبراهيم عثمان