حوار : د.احمد الشريف الناطق باسم وزارة المالية : الموازنة لن تنهار والدولار بدأ يهبط

السودان

رصد : الرآية نيوز

د.احمد الشريف الناطق باسم وزارة المالية :

الموازنة لن تنهار والدولار بدأ يهبط

حوار: ST

لأول مرة في تاريخ السودان منذ الاستقلال يبدأ العام الجديد بدون موازنة ، ويتفاجا المواطنين بزيادات خيالية في أسعار الكهرباء دون سند قانوني ، وقبيل إجازة الموازنة، ولأول مرة تشهد أسعار الدولار ارتفاعا ملحوظا في السوق الموازي منذ تعويم الجنيه قبل نحو عام .. ولأول مرة يصل الوضع الاقتصادي الي حافة الانهيار. . ولأول مرة يصل المشهد السياسي إلى مرحلة انسداد الأفق … هذا المشهد الاقتصادي القاتم وتأثره بالوضع السياسي الراهن وتداعيات إجازة الموازنة الجديدة وما سبقها من تداعيات بارتفاع الدولار وزيادة الكهرباء وغيرها من الأسئلة طرحناها علي دكتور أحمد الشريف الناطق الرسمي باسم وزارة المالية والذي جاءت إجاباته صريحة وواضحة … فماذا قال …..؟

يادكتور لأول مرة في تاريخ السودان منذ الاستقلال يبدأ العام الجديد بدون موازنة … لماذا تأخرت إجازة الموازنة برأيك ….؟

بدأ الإعداد مبكرا للموازنة العامة للدولة للعام 2022م ، منذ سبتمبر الماضي بتكوين لجنة لإعداد الموازنة، واصدار منشور موجهات اعداد الموازنة العامة للدولة والذي بموجبه قدمت الوحدات والمؤسسات الحكومية والوزارات مقترحات ميزانياتها، وكذلك أعدت الولايات ميزانياتها، وتم إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2022م من قبل وزارة المالية، ولكن تأخر تشكيل حكومة الفترة الانتقالية برئاسة دكتور عبدالله حمدوك لمدة شهرين، وبعدها تقديم حمدوك لاستقالته كل هذا ادي لتأخير اجازة الموازنة قبل نهاية العام الماضي، ولكن بعد تكليف وكلاء الوزارات بسيير أعباء الوزارات تمت إجازة الموازنة علي مستوي اللجان القطاعية والفنية بمجلس الوزراء، ثم اجازتها من قبل مجلس الوزراء المكلف، ثم اجازتها من الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء لتصبح قانونا واجب النفاذ.

هذا يعني أن الموازنة واجهت تحديات في مرحلة إعدادها .. وهي مرشحة لمواجهة تحديات عديدة في مرحلة تنفيذها … ويري بعض الخبراء أن الموازنة لن تصمد وستنهار …ما تعليقكم ……؟

الموازنة لن تنهار وستصمد لأنها بنيت على موارد ذاتية حقيقية، وسيتم تنفيذها بصرامة ولن تحدث انحرافات في التنفيذ أن شاء الله.

وماذا عن التحديات التي تواجه الموازنة.. وكيف سيتم تجاوزها. ..؟

صحيح هنالك تحديات عديدة تواجه الموازنة في مقدمتها اعتمادها على الموارد الذاتية ، واستنباط ضرائب ورسوم جديدة ، والاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصادي بدون دعم من المانحين، وتعليق البنك الدولي لبرنامج القطري للتعاون مع السودان والذي اعتمد مبلغ (2,6 ) مليارات دولار لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه منذ العام 2020م بجانب اعلان صندوق النقد الدولي عن تحوله إلى موقف المراقب ، ولكن تم التحسب لتلك التحديات وتم إعداد الموازنة لتحقيق أهداف عديدة في مقدمتها تحقيق معدل نمو حقيقي موجب يبلغ 1,4%، وخفض التضخم الي 202,6% بنهاية العام بدلاً عن 350% في العام الماضي بخفض الكتلة النقدية الي 22%، بدلاً عن 177% في العام 2021م، واحداث استقرار في سعر الصرف ، بإصدار حزمة من القرارات الاقتصادية ، وتنظيم صادرات الذهب، وقد بدأت هذه القرارات تأتي أكلها بانخفاض أسعار الدولار في السوق الموازي منذ بداية تطبيق القرارات فى الرابع والعشرين من يناير الجاري، بالاضافة الي توجيه الاستدانة من الجهاز المصرفي لمشروعات التنمية، وتحسين معاش الناس وزيادة مرتبات العاملين بالدولة والمعاشيين وإزالة مفارقات الأجور وتوجيه جزء مقدر لزيادة حجم الإنفاق علي الصحة والتعليم والخدمات الضرورية الاخري.

تفسر انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازي بأنه مؤشر لنجاح قرارات تنظيم صادرات الذهب … ولكن البعض يرى أن السبب هو تراجع المضاربات في الدولار. …؟

قرارات تنظيم صادرات الذهب هي السبب الرئيسي في انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازي، وهذه القرارات دفعت المتعاملين في السوق الموازي الي خفض الأسعار كنوع من المضاربة، فالمضاربات أحيانا تكون بزيادة الأسعار وأحيانا بخفضها، ولكن السبب الرئيسي للانخفاض هو قرارات تنظيم صادرات الذهب التى نقلت الأوضاع الاقتصادية إلى حالة يقينية يمكن التنبؤ بمالاتها ، بدلاً من حالة عدم اليقينية التى تسببت في المضاربات برفع أسعار الدولار في السوق الموازي.

ذكرت انكم تحسبتم للتحديات .. هل حملت الموازنة بشريات للعاملين والمواطنين واهتمت بمعاش الناس ….؟

الموازنة جاءت واقعية ، وبنيت علي موارد ذاتية حقيقية وخلت من المنح والقروض، وبلغ إجمالي إيرادات موازنة 2022م نحو (3,326) مليار جنيه بمعدل زيادة 34% عن الموازنة المعدلة للعام 2021م (بدون منح) ، بينما بلغ إجمالي المصروفات العامة الموازنة ( 3,689) مليار جنيه بزيادة قدرها 38% عن موازنة العام 2021م المعدلة ، بينما بلغ عجز الموازنة كنسبة من الناتج القومي الإجمالي نحو 1,3% مقارنة مع 0,3% في الموازنة المعدلة للعام 2021 ليعكس هذا زيادة الإنفاق العام، كما اعتمدت الموازنة الجديدة علي الموارد الذاتية لتقفز تقديرات الإيرادات الضريبية الي( 1,9) مليار جنيه بنسبة زيادة 145% عن موازنة العام الماضى المعدلة.

هذه المؤشرات … ولكن أين البشريات التى حملتها الموازنة الجديدة…..؟

من البشريات زيادة الصرف على تعويضات العاملين ليبلغ 729مليون جنيه بنسبة 141%مقارنة بموازنة العام 2021م المعدلة وتشكل نحو 24% من المصروفات لتحسين الأجور والمرتبات للعاملين بالدولة، وتحسين المعاشات
، وزيادة الانفاق الحكومي على مشروعات التنمية ، وخفض معدل التضخم، وزيادة مساهمة القطاع الزراعي الي 31,3% والقطاع الصناعي الي 20,4% وقطاع الخدمات الي 48,3%، كما يتوقع زيادة الصادرات الي (6,1 ) مليار دولار واستقرار الواردات في (7,7 ) مليارات دولار مقارنة مع ( 7) مليارات في العام 2021م ، كما يتوقع أن يشهد الميزان التجاري تحسنا ملحوظا ليصل (1,6) مليار دولار مقارنة مع( 1,9 ) مليار دولار في عام 2021م بجانب تراجع الحساب الجاري ليصل إلى ( 1,8) مليار دولار مقارنة بنحو ( 990 ) مليون دولار في عام 2021م بنسبة تراجع ( 77,4% ) نتيجة لتوقع تراجع حركة التحويلات والمنح والقروض خلال العام 2022م.

وماذا عن تحسين معاش الناس وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين في الموازنة الجديدة …..؟

الموازنة اهتمت بمعاش الناس بزيادة الصرف على توفير السلع الأساسية والخدمات بنسبة 138%، تشكل حوالي 14% من حجم المصروفات العامة لمقابلة تكلفة السلع والخدمات ، وزيادة الدعم لبرنامج سلعتي، وزيادة الدعم المخصص للأسر الفقيرة، وزيادة الأجور والمعاشات، وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة والمياه ، وزيادة الصرف علي الاعانات في الموازنة الجديدة للعام 2022م ليبلغ 972 مليار دولارجنيه بنسبة زيادة 30%، عن موازنة العام الماضي، وتمثل 29% من المصروفات العامة بالموازنة، وتخصيص 36,6 مليار جنيه لدعم مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ، وزيادة دعم السلع الأساسية نتيجة للتدرج في إعادة هيكلة الدعم ، كما ركزت الموازنة علي تقوية شبكة الحماية الاجتماعية بزيادة اعتماد العلاج المجاني ودعم العلاج المجاني والتوسع في دعم الأدوية المنقذة للحياة وأمراض الكلى والقلب والسرطان، وزيادة دعم العلاج بالحوادث، والتوسع في مظلة التأمين الصحي بتغطية 7 ملايين أسرة، ورصد اعتمادات مالية لمعالجة مصابي الثورة داخل وخارج السودان، ورصد اعتمادات لدعم الدواء ، وزيادة الدعم المخصص لصندوق دعم الطلاب.

ولكن معاش الناس لن يتحسن وسيتاثر سلبا بعد تطبيق زيادة كبيرة في تعرفة الكهرباء … لماذا تمت زيادة الكهرباء رغم إلغاء الزيادة من قبل مجلس السيادة،،، وما تأثيرات الزيادة على معاش الناس …. ؟

كانت الوزارة تدعم الكهرباء بنسبة 96% والمتمثلة في تكلفة إنتاج الكهرباء بدون اهلاك حيث بلغ الدعم العام الماضي حوالي ترليون جنيه، والان اتفقنا علي تخفيض الدعم الي 69% ، وما زلنا ندعم الكهرباء بنسبة 90%، بتخصيص 735 مليون جنيه لدعم الكهرباء ، وتفوق مرتبات العاملين بالدولة المعتمدة في الموازنة الجديدة.. أما سبب خفض دعم الكهرباء في الموازنة الجديدة فهو يرجع الي تغييرات سعر صرف الدولار وزيادة حجم الدعم، الأمر الذي أضطر الوزارة لخفض الدعم والالتزام بدفع 69% من الدعم المطلوب، والالتزام بتكلفة الوقود والصيانة وسداد كل المديونيات الخاصة بالربط الكهربائى مع مصر واثيوبيا، بينما تقوم شركة الكهرباء بتغطية البقية من مبيعاتها.

ولكن زيادة أسعار الكهرباء ستؤثر سلبا على معاش الناس وزيادة الأعباء على المواطنين وسترفع تكلفة الإنتاج الزراعي والصناعي … وبالتالي تأثيرها متعدد …..؟

تم وضع بعض المعالجات بالتعاون مع بنك السودان المركزي بتوفير النقد الأجنبي لاستيراد مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي، واستيراد السلع الأساسية للمواطنين لاحداث وفرة في عرض السلع الأساسية وخفض اسعارها الي المستهلك، كما تم التوسع في دعم الأسر الفقيرة وزيادة الصرف علي بند المنافع الاجتماعية وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلة التأمين الصحي.

خلت الموازنة الجديدة من المنح والقروض والمساعدات الخارجية … هل هذا يأس من عودة دعم المانحين الدوليين والبنك الدولي … أم أعمال فقه الواقع… ؟

الموازنة الجديدة تم إعدادها في ظل تعليق المانحين الدوليين والبنك الدولي لمساعداتهم ، ولذلك كان لابد من الاعتماد على الموارد الذاتية، وإعداد موازنة واقعية تستجيب للواقع وتلبي الطموحات وتتسحب للمستقبل، ولذلك لبس هنالك يأس من عودة دعم المانحين الدوليين والبنك الدولي، بل هنالك سيناريو بديل لاستيعاب دعم المانحين الدوليين والبنك الدولي وفاءا بالتزاماتهم تجاه برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه منذ العام 2020م بالتعاون مع صندوق النقد الدولي وتم تمديد البرنامج في يونيو 2021م لمدة 39 شهرا ، ونحن في وزارة المالية ما زلنا ملتزمون بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي حتى في ظل توقف الدعم الدولي.

ولماذا تستمرون في الإصلاح الاقتصادي حتى بعد توقف الدعم الدولي … ؟

لأن برنامج الإصلاح الاقتصادي هو برنامج دولة، والحكومة طلبت دعم المانحين الدوليين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ولذلك سنستمر في برنامج الإصلاح بإرادة وطنية ورغبة في تحقيق الإصلاح الاقتصادي والذي لن يتأثر بايقاف الدعم طالما هنالك رضا من الشعب السوداني وتحمل لتبعات الإصلاح الاقتصادي، وقيام الحكومة بمعالجات لامتصاص التداعيات الاجتماعية لسياسات الإصلاح الاقتصادي.

أخيراً … هل تتوقعون عودة الدعم الدولي وفك تعليق المساعدات الدولية …..؟

ليست هناك مبرر لإيقاف الدعم الدولي أو تحويل الدعم كأداة للابتزاز السياسي، ونتوقع عودة الدعم الدولي رغم الحديث عن ربطه بشروط.

تعليقات (0)
أضف تعليق