إبراهيم عثمان يكتب: دفاعاً عن نشطاء قحت

الخرطوم: الرآية نيوز

يستغرب الكثيرون من مواقف نشطاء قحت من رد الجيش السوداني على الاعتداءات والاستفزازات الإثيوبية. يستغربون من موقف حمدوك الذي سمى الفشقة بالمناطق المتنازع عليها، ومن البرود الحكومي العام وغياب المسؤولين المدنيين من الجبهة الأمامية، ومن نظرية المؤامرة التي يجتهد نشطاء قحت في انتاج نسخ متنوعة منها كلها تحمل الجيش السوداني المسؤولية وتتساءل عن سر “اختيار” هذا التوقيت .. وحتى المتضامنين منهم مع الجيش يأتي تضامنهم بارداً باهتاً وكأنه من باب رفع العتب لا أكثر .

في الواقع مواقفهم هذه ليست غريبة، فهم معذورون لأنهم :
– لديهم الآن ما يشغلهم من محاصصات ومعارك لإبقاء مناهج القراي واستمرار مشروع العلمنة الشاملة.


– لا يطمئنون إلى كل مؤسسات الدولة، وبعض مواقفهم ضد النظام السابق انتقلت، بدرجة أخف، إلى الشركاء العسكريين والأجهزة النظامية لأنهم يعتبرونها طرفاً منافساً في الحد الأدنى أو عدواً في الحد الأعلى، مع تدرجات بين الحدين تعبر عنها مواقف النشطاء ( المسؤولين وغيرهم ).


– لديهم فواتير واجبة السداد لأطراف خارجية كثيرة، ولديهم أسرار مع أجهزة مخابراتها، ولا يستطيعون أن يدخلوا معها في صراعات ينتصرون فيها للموقف السوداني، فهذه الأطراف لديها ما تبتزهم به.


– حديثو عهد بنصرة السودان في أيما نزاع مع طرف خارجي، بعد سنوات من تحريض الدول على السودان واستغلال مناسبات التوتر لتمتين علاقتهم معها. ولا زال التحريض مستمراً كما ظهر في قرار الكونغرس الأخير الذي رحبوا به، وكما ظهر في صلاحيات بعثة الوصاية الأممية كما طلبها حمدوك في خطابه السري الأول.


– وجدوا العذر لجوبا عند احتلالها لهجلبج، واحتفلوا، مع عرمان، بخسائر الجانب السوداني في الأرواح والأموال والأرض.


– ساهموا، على طريقتهم، في الحملة الاعلامية المصرية أيام احتلالها لحلايب، وكان التوتر في العلاقات بين البلدين بعد احتلالها مناسبة لتمتين علاقاتهم مع مصر.


– عملوا مع فرع التوجيه المعنوي الإسرائيلي أيام ضربة اليرموك، بما قدموه من خدمات إعلامية لتوهين الداخل والدفاع الضمني والصريح عن العدوان.


– ناصروا كل الإدعاءات من الدول ضد حكومة السودان السابقة وتبرعوا لها بالمزيد .


– عملاً بقاعدة عدو عدوي صديقي فهم يميلون إلى مناصرة إثيوبيا بطرق غير مباشرة، فكما إن عداواتهم للجيش غير صريحة وغير مباشرة كذلك يأتي ميلهم لمناصرة الموقف الإثيوبي غير صريح وغير مباشر إلا في بعض الحالات المتطرفة.


– يجب أن يحمد الناس لهم أنهم الآن لا يحرضون إثيوبيا صراحةً ولا يلتمسون لها الأعذار بطريقتهم الفجة القديمة، ولا يتبرعون لها معلومات عن التآمر السوداني عليها اللهم إلا بما يروجونه من نظريات مؤامرة تتهم الجيش في دوافعه، وليس لهم قوات في إثيوبيا لتقوم بالتغطية على العدوان الإثيوبي كما فعلوا في هجليج وفي غيرها.

لكل لذلك ولغيره لا يبدو الاستغراب مفهوماً، وهذه المواقف يمكن أن تتغير نسبياً إذا تمكنوا من تفكيك المؤسسات النظامية وتسييسها وسيطرة أحزاب اليسار عليها، سيكون التغيير نسبياً لأن اكتمال سيطرة اليسار على الأجهزة النظامية يعني، بالضرورة، أن تدفع معهم فواتير الماضي، ولذلك لا يُتوقَّع في كل الحالات أن يحدث تغيير كبير في مواقفهم.

أعمدةإبراهيم عثمانكتابمقالات
تعليقات (0)
أضف تعليق