الخرطوم : الرآية نيوز
د.أمين حسن عمر يكتب :
الكيزان من نحن ..؟؟ (8)
سؤال إمرة المتغلب
ونحن الإسلاميين أحرار لا نقبل من قريب ولا من بعيد أن يتأمر علينا أو يستبد علينا فقد تعلمنا من الكتاب العظيم ألا نقبل إمامة الصلاة من إمام لم نقدمه إليها فإمامة المتطفل لا تجوز فليعلم عن ذلك الناس عنا… ومن غره الصبر منا فليعلم أنه صبر من يحسب للأمور حسابها وللتصرفات عواقبها وليس صبر العاجز الخنوع .
وقضية الإمرة الطوعية ورفض الإستبداد بها قضية جوهرية لأنها يترتب عليها قضية شرعية الأمر . فمشروعية الأمر أو القرار لا تكتمل فتستوجب السمع والطاعة إلا إذا استوفت شرطين. الشرط الأول هي أن يوافق ما جاء به الله ورسوله والثانية أن يصدر الأمر أو القرار من أمير جاء بالطوع والأختيار لا بالغلبة. وصحيح أن جماعة من الفقهاء قد جوزوا إمارة المتغلب دفعاً للفتنة . ولكن الأمر لا ينطبق على تأسيس التنظيم الإسلامي فالتنظيم ليس بالدولة . وأنما هو كيان طوعي ثم أن الحركة الإسلامية لم تأخذ في وقت من الأوقات بفقه درء الفتنة ولو باعطاء الشرعية للمتغلب المستبد. ذلك أنها تقرأ في السنة المطهرة من حديث أنس رواه الترمذي “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وذكر منهم رجلاً أم قوماً وهم له كارهون” . فامامة الأكراه تستحق لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يرضى بها مؤمن. أما درء الشر الأكبر بالشر الأصغر ففقه يعلمه جميع المؤمنين ولكن استخدامه درعاً لحماية إمارة المستبد المتغلب أمر آخر. فالأصل أن أمارة المتغلب المستبد لا تجوز ولا تقبل . أما أن تكون دفعاً لشرٍ أعظم فمسألة تُقدر بقدرها في وقتها وظرفها فهو أمر إستثناء والإستثناء لا تبنى عليه قاعدة فكيف بحكم فقهى مستمر . ولا يتوجب أن يُستخدم خوف الفتنة لإشعار إئمة الاستبداد أنهم في وقاءٍ من عصيان الشعوب إذا ما أستخدموا العنف والقوة للاستيلاء على الحكم أو البقاء فيه.
والحركة الإسلامية في السودان لا تأخذ بجواز سلطة المتغلب . ولذلك فقد أجازت لنفسها الخروج عليه بالسلاح . وبخاصة إذا كان ذلك المستبد المتغلب مستهيناً بشرع الله غير ملتزمٍ بتحكيمه أو متهاوناً في شأن إنفاذ الأحكام الشرعية خوفاً من دائرة تصيبه أو دنيا تفلت من بين يديه فلا يصيبها. ولقد أجازت الحركة الإسلامية الخروج على الحكم المايوي ” حكم نميري” بالسلاح لأنه متغلب مستبد لا يحكم بشرع الله . ثم لما أعلن تحكيمه للشريعة أختلف الرأي في شأنه بين من يرى مصالحته وأعلان الطاعة لحكمه باعتباره حكماً شرعياً وان لم يجرى نصبه بالأختيار والطوع من الشعب . و رأي آخر يرى مصالحته ولكن يرفض المشاركة في حكمه لأن حكمه ليس شرعياً من باب أنه جاء بالقهر والغلبة وليس بالبيعة والاختيار الحر من الجمهور . ورأت فئة أخرى أنه لا يجوز مصالحته ولا مشاركته بل بمقاومة حكمه المستبد ما وجدت الحركة الإسلامية إلى ذلك سبيلاً . وفي أثناء هذا الجدال الفقهي نشأ جدال فرعي حول الطاعة لمن تكون في ظل حكومة لا تمتثل لشرع الله أو حكومة تحتكم للشريعة ولكنها لم تأت بصورة شرعية أي بالاختيار الطوعي من الجمهور . وأما الحالة الثالثة فهى حكومة تحتكم إلى الشرع وجاءت بالاختيار . وكان غالب الرأي في الحركة الإسلامية أن طاعة أمير الحركة أولى من طاعة حاكم لا يحكم بالشريعة وطاعة أمير الحركة أو أمراؤها أولى من طاعة حاكم لم يأت بالاختيار الطوعي بل جاء متغلباً مستبداً. وأنه لا تعلو طاعة الحاكم أى الأمير ذي الشوكة على طاعة أمراء الحركة إلا إذا كان يحكم بالشريعة وجرى اختياره بصورة طوعية إختيارية او حظى بمقبولية ظاهرة لا مراء فيها فعندئذ تكون طاعته مقدمة على طاعة امراء الحركة الإسلامية.
د. أمين حسن عمر
كتاب الحركة الاسلامية السودانية ..سؤالات وإجابات
.
[…] د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن ..؟؟ (8) […]