أرملة د. عبد المجيد مندور المهدي تنعى زوجها بعد أيام من رحيله المفاجئ

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

أصدق وفاء واجمل تعبير وابلغ نعي يمكن أن تقرأه ..

أرملة د. عبد المجيد مندور المهدي
تنعى زوجها بعد أيام من رحيله المفاجئ ..

في ميلادك الثلاثين: إنا لله وإنا إليه راجعون.
_______

“أنا لله عبد وأنا إلى الله راجع” أي نسب أشرف من عبوديتنا له، وأي طمأنينة أعظم من أن نعلم أنّا جميعاً إليه راجعون.
الحمد لله الذي جعل الموت مصيبة وابتلاء، وجعلنا نؤجر على الابتلاء، والحمد لله أن ابتلائنا جاء فيما جاء. ما كنت أظن أن أصبر على مثل هذا لولا فضل الله ورحمته. سبحانك تكشف لنا من الأمر بقدر ما تدركه عقولنا، وتهيئ لنا الأسباب وأنت غني عن الأسباب، سبحانك تؤنس قلوبنا بالتفاصيل رحمةً ورأفة. حكمتك مطلقة علمناها أم لم نعلمها ولطفك واصل للبر والفاجر، وإنه جميل فضلك و كرمك علي أن تبصرني رحمتك و تشعرني لطفك يغمرني كما لم أشعر به من قبل لك الحمد كله و لك الثناء كله.

التقيت بمجيد وانا صغيرة سن أبعد ما أكون عن فكرة الزواج، فسبحان الذي كتب لنا اللقاء ثم يسر لنا السعي ثم قدر لنا الفراق، حكمته بالغة ونعمته سابغة أكرمني وأنعم علي بأن أكون زوجتك في عمرك القصير، سبع سنوات هينات في حساب الأيام ثقيلات في ميزان أيامي.
وجود مجيد في حياتي حفظ علي ديني وعقلي ونفسي، علمني وأدبني وزادني نضجاً. لم أرى مثله خلقاً و أدباً ونقاء سريرة وعفة يد ولسان. عرفته في الشدة والرخاء، والخلاف والائتلاف، وكان فيها جميعاً أقوم ما يكون عليه المرء، شديد الإحساس بالناس، جابراً للخواطر، قاضياً للحوائج، كريماً معطاءً عطاء من لا يخشى الفقر، وإن لم يسع الناس بماله فقد وسعهم ببسطة وجهه وحسن خلقه. شديد الإحساس بالمسؤولية ، لم يلتفت قط لنفسه بل كان دائمًا ملتفتاً إليّ وأهله مهتماً بنا، هميماً قليل النوم دائم العمل لا يعرف وقت فراغ أو راحة، أقول له مشفقة أن هون عليك ما تقوم به أكبر من عمرك، يجيبني أن عمري قصير وحملي كبير -على كثرت تكرارك لها لم اتخيل في أسوأ خيالاتي ان ترحل مسرعاً هكذا يا مجيد. كان كل مرة يذكر فيها الموت يضحك جزلاً “عندي وفد مقدمة كويس هناك” اللهم اجمعه بأهله على سرر متقابلين.
عاش مجيد حياته بشجاعة و اختار خياراته بحسم و عزم، يعلم مبادئه لم يحد عنها، و يعرف طريقه لم يضل عنه، وعلى ذلك كان قريباً هيناً سهلاً، رقيق القلب يذكرني بذلك “يدخل الجنة أقوام أفئدتهم كأفئدة الطير”، فقد كان فؤاده كالطير رقة وكان هو كالطير في كثرت حله وترحاله وسرعة رحيله. اللهم فاشمله بها.

يقال إن عين الرضا عن كل عيب كليلة، ولكني أزعم أن حبي لمجيد موضوعي، لا أظن أن لأحد ألا يحب مجيد إلا من حرمه الله، هذا اللطف الذي يمشي على قدمين من خالطه ساعة فقط أحبه. لا أزكيه على الله لكني أحسبه-وأدعو له أن يكون من المقصودين ب”أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقاً الموطنون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون” فقد كان مألوفاً محبوباً، عزاني فيه القاصي والداني، الكبير والصغير، العربي والأعجمي، وصلت عليه المساجد والكنائس، أي قبول هذا يا مجيد! أسأله كما جعل لك قبولاً في الأرض أن يجعلك من المقبولين في السماء المستبشرين بروح وريحان وجنة نعيم.

أسلي قلبي بأن هذه الدنيا لا تسوى عند الله جناح بعوضة، وأن يوماً عند الله كألف سنة مما نعد، إذًا فالحساب مختلف وإن لم تدرك بعده عقولنا المحدودة، وهذا الألم الذي يمزق قلبي وروحي زائل و عابر، نظنه حينها يوماً أو بعض يوم.
تأنس روحي بأن أتخيلك في نعيم دائم مقيم مع أمك وأبيك وأحبتك، وتسكن نفسي بأن أدعو الله ليجمعنا في دار الخلود حيث لا فراق ولا ألم.
اللهم إن زوجي وحبيبي وقرة عيني أناخ بباك وحل بجوارك وأنت أهل الوفاء والحق فجد عليه بعفوك وإكرامك وجود إحسانك. اللهم إني أشهدك أنه أكرمني وأحسن إلي وكان خير الناس لي ولأهله كما وصى حبيبك ومصطفاك، اللهم فشفعه فيه واسقه من يده الشريفة شربة لا يظمأ بعدها أبدا. اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتنا بعده.
____
اشتقت يا سيدي و صديقي.
إلهي إنك مطّلع على كسري ووجعي اللهم فأجرني في مصيبتي و اخلف لي خيراً منها.

نقلا من صفحة د.عبدالمحمود

أرملة د. عبد المجيد مندور المهدي
تعليقات (0)
أضف تعليق