الخرطوم : الرآية نيوز
إبراهيم عثمان يكتب :
الجوع يا بشة
إذا وضعنا مقولة ( الجوع ولا الكيزان ) في مقابل مقولة ( يا حليلك يا بشة ) سنجد التالي :
▪️ المقولتان – على خلاف ما يبدو من تناقض بينهما في الظاهر – متسقتان فيما يخص الاتفاق على وصف زمن القحط بالسوء، مع فروقات بينهما .
▪️ الأولى تشير إلى الحال السئ في زمن القحط إشارة مجملة بلا تفصيل، وتضعه في مقارنة لصالح الوضع السابق .
▪️ والثانية تضع زمن القحط تحت عنوان عربض : ( الجوع ) بكل ما يشع من الكلمة من فيض دلالي، وتضعه في مقارنة لصالح القحط .
▪️ الأولى أتت أصلاً كشعار استباقي يمنع الناس من قول التانية، فمنذ بداية زمن القحط كانت المؤشرات قوية بأن زمن قول الثانية آتٍ آت .
▪️ والثانية أتت كمقولة تلقائية رغم أنف المقولة الاستباقية، وقد أفرزها الواقع شديد السوء، ولها شبيهاتها في تاريخنا القديم، ..
▪️ الأولى مقولة تجميلية للقحط تخالف الفطرة والموقف الطبيعي للناس من الجوع ومن يتسببون في الجوع ..
▪️ والثانية تتفق مع الفطرة والموقف الطبيعي من الجوع ومن المتسببين فيه ..
▪️ الأولى تعتمد على الكراهية العدوانية الخام لا الكراهية المبنية على المفاضلة العقلانية والاختيار المبني على الاقتراب والابتعاد من الحق وخدمة مصالح الناس .
▪️ والثانية تعتمد على الكراهية الطبيعية للجوع والمفاضلة العقلانية ..
▪️ الأولى ذات طابع إملائي وصائي وتخديري ، ويجد كل الناس صعوبةً شديدة في قولها عندما يجدون أنفسهم في موقف ذي صلة بالجوع والمعاناة، وتخزج من معظمهم عبارات استنكار متنوعة، ومن بينها العبارة الثانية .
▪️ الثانية يقولها كثيرون بعفوية عندما يجدون أنفسهم في موقفٍ ذي صلة بالجوع وصنوف المعاناة، وحتى من لا يستطيعون قولها يستعيضون عنها بعبارات استنكار أخرى متنوعة .
الخلاصة : على اتفاق المقولتين على سوء الوضع في زمن القحط إلا أن الثانية تكسب في كل يوم قائلين جدد، والأولى تتوارى حتى عند النشطاء الذين أطلقوها، خاصةً بعد أن تذكروا – فجأةً – بعد السقوط أن الجوع شئ سئ، ولا يسهل الدفاع عنه، لا سيما بالشعارات البائسة التخديرية .
إبراهيم عثمان