الخرطوم : الرآية نيوز
سناء حمد تكتب :
هل هي Putin Shock ؟
أعتقد ان قرار روسيا استخدام الروبل في المعاملات التجارية مع الدول غير الصديقة! وهو رد على العقوبات الاقتصادية الامريكية والاوروبية ، يعد اهم تهديد يواجه الدولار منذ إقرار اتفاقية بريتون وودز في 1944 ، والتي صاغ عبرها الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية اطار النظام العالمي المالي الجديد ، وكانت أهمّ نتائجها هي اعتماد الدولار الأمريكي مرجعاً رئيسياً لتحديد قيمة صرف عملات الدول وجعله أساساً للتعاملات المالية العالمية ، وبهذا رسخّت قيمته دوليّاً وربطته تدريجياً بالذهب .. ، ، وحينها كانت الولايات المتحدة تملك 75% من ذهب العالم ، وهي اقوى اقتصاد في العالم . بموجب هذه الاتفاقية أُنشئت مؤسسات النظام المالي العالمي وهي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتطوير … قوة الدولار وهذه المؤسسات هي آليات نفوذ الولايات المتحدة المحمي بالتفوق العسكري .
ان الدولار الأميركي يستمد قوته من حجم الإقبال على شرائه لاستخدامه كعملة احتياطية للدول والأفراد بديلاً للذهب ، ومن كونه العملة المعتمدة في المعاملات التجارية والمالية .
ماذا يحدث اذا قل حجم الاقبال على شرائه ؟!! وتوقفت بعض الاسواق عن استخدامه ؟! ، ودخلت عملة او عملات أخرى للتداول؟!! ..حينها قيمته ستنخفض بشكلٍ حاد…إذ سيقل الطلب على الدَين الأمريكي الخاص والحكومي مما يؤدي إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة الأمريكية على الديون، وهو ما سيُلحق ضرراً بالغاً بالوضع المالي الأمريكي. وسينكشف الاقتصاد الامريكي على السوق العالمي الذي سيتأثر بفقدان الدولار لبعض ميزاته واهمها انه اداة حماية قوية للاقتصاد الامريكي من الصدمات والتقلبات الاقتصادية في الخارج ، كما ستفقد الشركات الامريكية ميزة القدرة التنافسية التي تحظى بها بفضل تفوق الدولار . من الناحية السياسية الضرر لن يكون أقل ، فستفقد امريكا آلية مهمة كانت تستخدمها باسراف لبسط نفوذها وضمان تفوقها ، عبر استخدام العقوبات والحصار الاقتصادي كسلاح للضغط على الدول ، فإذا نجحت الخطوة الروسية في فتح المجال لعملة منافسة هي الروبل واذا تحركت الصين خطوة في هذا الإتجاه ..فسيسقط الدولار الذي ظل يقبع في غرفة الانعاش منذ سنوات ، وسيتلقى الاقتصاد الأمريكي المترنح منذ فترة ..ضربة قوية ، فهل سينجح في امتصاصها ..؟ ؟
القرار الروسي اليوم … هو التهديد الأهم منذ 1944 ، الذي يتعرض له الدولار والاقتصاد الامريكي ….واذا صحّت الاخبار المتداولة عن اعتماد السعودية والصين لليوان في مبيعات النفط …حينها من المؤكد عودة الذهب لموقعه قبل بريتون وودز ..وستسارع الدول بوتيرة اسرع من الحالية لبناء احتياطاتها منه ، او الخيار الثاني أن يتجه العالم لاعتماد سلةٍ من العملات للتعامل ..وكلا الاتجاهين سيضعف النظام المالي الذي أُقر بعد الحرب العالمية الثانية2WW ، وهو ما لن تستسلم له الولايات المتحدة وبريطانيا بسهولة …القرار الروسي هو صب نار على الزيت …وهو توسيع لدائرة الحرب بلا شك ..ولكن باسلحة مختلفة ..
ستحدث اضطرابات كبرى في العالم تبعاً لهذه الخطوة سواء نجحت او فشلت ، فمجرد المحاولة يعني ان الدولار قد تضعضع موقفه ، وستتسابق الدول للحصول على الذهب ، وهذا سلاح ذو حدين على الدول المنتجة خاصة الهشة مثل السودان ، إذ سيكون مدعاة للاضطرابات السياسية واستمرار لحالة الهشاشة والضعف، او يمكن ان يؤدي الى تحسين ونمو اقتصاديات هذه الدول وسبيلاً لها لتقف على قدميها ، الامر في كلا الحالتين مرتبط بمدى تماسك الدولة الداخلي وامتلاكها لرؤية وقدرة وقيادة قوية .