الخرطوم : الرآية نيوز
إبراهيم عثمان يكتب :
أصل الأزمة وفصلها
لا اعتقد أن باستطاعة أي أحد تقديم اعتراض مقنع ضد تلخيص أهم العوامل التي صنعت الفترة الانتقالية الأغرب والأفشل في تاريخ السودان في عاملين رئيسيين : الأول هو طموح الأحزاب اليسارية الذي يفوق حجمها بكثير، وطمعها في فترة انتقالية مصممة بالكامل على مقاس مصالحها التمكينية وإبعاد كابوس الانتخابات إلى حين التمكن من هندسة انتخابات تصادق نتائجها على التمكين الانتقالي وتعطيه دفعة كبرى .. والعامل الثاني هو شعور هذه الأحزاب بأن ما تريده ممكن التحقيق، وهو الشعور الذي عززته تجربة الحكم القحتية التي كانت تطبيقاً عملياً للخطة، إضافة إلى الرسائل الصريحة والضمنية، المقصودة وغير المقصودة، التي ظلت تصل إلى هذه الأحزاب، من الخارج والداخل بإمكانية تحقيق هذا الطموح، أو الجزء الأكبر منه على الأقل ..
الرسائل التي تحفز قحت لمزيد من العناد من أجل العودة إلى الفترة الانتقالية المسخ وصلت إليها :
– من العساكر الذين تسايروا في البداية مع أحلام قحت وكوابيسها وأشعروها بأنها قادرة على تحقيق مطامعها كاملةً .
– ومن الضبابية التي لازمت فترة ما بعد أكتوبر، وعدم إكمال مؤسسات السلطة، والشعور العام بأن التأخير سببه انتظار التوافق مع قحت .
– ومن استمرار بعض أشكال التمكين القحتي في كثير من المواقع المهمة .
– ومن حزب الأمة القومي الذي يجيِّر ثقله لمصلحة خطة أحزاب الفكة بعد أن أكسبته العشرة الطويلة لليسار عاداته وطريقة تفكيره، فأصبح يتصرف كأي حزب فكة، وبذات الأحلام، وربما بذات الكوابيس الانتخابية !!
– ومن الغرب الذي يتماهى مع هذا الطمع القحتي ويدعمه ويتفهم الهروب من الانتخابات ..
– ومن السند الإعلامي القوي لقحت من القنوات الفضائية المحسوبة على التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وقنوات أخرى غيرها، وتمكنها من تسويق الأحزاب العلمانية الصغيرة للرأي العام العربي كقوى ديمقراطية حقيقية ترغب في الانتخابات وتقف أمام قوى غير ديمقراطية وغير راغبة في الانتخابات الحرة النزيهة ..
– ومن ضعف نشاط بقية الأحزاب وإخلاء الساحة لقحت لتصول وتجول وتخرب وتعطل وتجلب الضغوط والعقوبات، لتصبح مبادرات إرضائها هي محور النشاط السياسي الداخلي والخارجي ..
إبراهيم عثمان