الخرطوم : الرآية نيوز
حليم عباس يكتب :
الوعي الديسمبري .. مشكلات ومآزق !
1
أكرر، نظام الإنقاذ اسقطته جماهير الشعب السوداني بتكويناتها المختلفة، و ليس ما بات يُدعى ب “قوى الثورة”. و بديهي بالنسبة لاي سياسي (ما عدا قطيع قحت) أن النضال ضد النظام استمر فترة طويلة قبل ديسمبر؛ سنوات طويلة من العمل السياسي و الصراع و المدافعة، حتى إذا جاءت ديسمبر وجدت النظام و قد اصبح في حالة من الضعف و الميوعة، حتى أن أنصاره قد تخلوا عنه و استسلموا للتغيير القادم ظناً منهم بأنه سيقود للأفضل، و تراخى في التصدي لها بحسم؛ إذ كيف يُمكن مواجهة الشعب.
لاحقاً تم اختزال الثورة في شيء اسمه قحت، و قطيع قحت، فتحولت الثورة إلى مسخ مشوه هو ما رأيناه خلال الفترة الماضية.
ما يُسمى بقوى الثورة تقف الآن معزولة و عارية سياسياً و أخلاقياً و تعود إلى حجمها الاقل من العادي كمجرد قوى كرتونية عبثية لا يكترث لها أحد. هذه هي الحقيقة.
2
القحاتي لا يحب تذكيره بأن ديسمبر شاركت فيها كل مكونات الشعب. و يعتبر ذلك و كأنه اعتداء على ملكيته الخاصة!
في الحقيقة حتى يوم 10 ابريل لم يكن القحاتي يجرؤ على ادعاء تمثيل الثورة نفسها، ناهيك عن تمثيل الشعب السوداني.
أما ما قبل 6 ابريل فكانت الأحزاب الكرتونية تخاف من مجرد ذكر اسمها. و من يأتي على ذكر الأحزاب و الأجندة الحزبية و الأيديولوجية في ذلك الوقت كان كمن يطلق الرصاص على هذه القوى و أتباعها. كانوا يتظاهرون بأن الثورة ثورة شعب بكل مكوناته. و لكنهم بعد ذلك قالوا نحن الثورة و نحن الشعب، و من ليس معنا فهو كوز/خائن/مندس … الخ و اطلقوا القطيع ليهاجم كل من له رأي مستقل، و ارهبوا خلقاً كثيراً من النشطاء و المثقفين فحولوهم إلى اتباع جبناء و إلى قطيع.
استمرت الثورة بعد ذلك في ضلالها وسط حالة من السكر الجماعي و لم تستفيق إلا بعد فوات الأوان.
3
كيف استطاعت احزاب الحرية و التغيير تحويل ثورة ديسمبر إلى ملكية خاصة، و كيف استطاعت تكوين حكومة محاصصات حزبية فجة دون أن تخشى لومة لائم؟ و لماذا تقبّل الناس ذلك ؟
و ما هو ضمان عدم تكرار نفس السيناريو في أي ثورة شعبية؟ ما هي الآليات التي تمنع ذلك ؟
4
تجريم الانتخابات؛ هذه واحدة من منتوجات الوعي الديسمبري. و تقريباً كلمة الانتخابات في وعي ديسمبر تكاد ترادف كلمة “خيانة”. و حين أطلق الصادق المهدي -رحمه الله- مقترح الانتخابات المبكرة كمخرج من سيناريو الانقلاب او الفوضى هاجموه و اتهموه! في ذلك الوقت لم تكن الانتخابات لتجري تحت إشراف “العسكر و الجنجويد” كما يرجون الآن و إنما تحت إشراف “حكومة الثورة”، و لكنها كما كانت دائماً تعني ضياع فرصة السلطة.
الموقف الرافض للانتخابات المعادي لها مفهوم من قوى حزبية ضعيفة بلا جماهير، و لكن المستغرب هو تبني نشطاء و ثوار من خارج هذه القوى لفكرة الرفض و العداء هذه. و هذا دليل على تأثير هذه المجموعات الكرتونية في وعي ثورة ديسمبر. كيف لشخص ثائر من أجل الديمقراطية أن يعادي الانتخابات لو لم يكن مجرد تابع بوعي أو بدونه للقوى الكرتونية المعادية للديمقراطية؟