الخرطوم: الرآية نيوز
عقد حزب المؤتمر الوطني، إجتماعا لمكتبه القيادي بكامل عضويته، ناقش خلاله الوضع السياسي الراهن، وأصدر بيانا حول رؤيته للراهن السياسي فيما يلي نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
المؤتمر الوطني ـ المركز العام
بيــان مهم
إن المؤتمر الوطني يؤمن بأن النظام السياسي كثيرا ما يكون مفتوحا أمام الإختراق الخارجي ويتعمق هذا الإختراق كلما قلت درجة التماسك الداخلي بسبب حدة المنافسة الأيدولوجية والسياسية والسعي وراء المصالح الحزبية الضيقة وقد يصبح النظام محكوما من الخارج .. المواطنون الكرام في الظروف التي تعيشها بلادنا لقد إنعقد المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بكامل عضويته يوم الخميس 21 أبريل 2022م وتطرق لمجمل الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية وخرج بجملة قرارات يأتي مجملها في محتوي هذا البيان حيث أننا منذ وقوع ما يسمي بثورة ديسمبر أو التغيير الذي شهده السودان في 11 أبريــل 2019 قرر المؤتمر الوطني عدم المواجهـة وإحتـرام خيار السودانيين والإكتفاء بتقديم النصح ومخاطبة القواسم المشتركـة بين سائـر أهل السودان سعيا وراء تحقيق الهدف الإستراتيجي (الوطن أولا) وأن يكون الوفاق الوطني خط الدفاع الأول ضد الإستهداف الخارجي وهو شرط أساسي لنهوض الوطن وإستقراره وتحقيق أمنه ووحدة أراضيــه .. لقد ظللنا نطالب وما زالنا بعودة المرحلة الإنتقالية لمهامها ولدينا في السودان تجربتين إنتقاليتين ناجحتين هما إكتوبر 1964م وأبريل 1985م وكانت مطالبنا أن تصبح هذه فترة إنتقالية حقيقية تلتزم بشروط الإنتقال وتقودها حكومة كفاءات وطنية مستقلة ومحايدة غير حزبية وببرنامج واضح هدفه الرئيسي تحقيق المسار الديمقراطي عن طريق إنتخابات حرة ونزيهة تقوم في موعدها المحدد وعدم السماح لتمديدها بأي مبررات حتي لا تصبح مثل مثل فترة الرئيس ضياء الحق في باكستان من ستة شهور إلي (11) سنة أو عبدالناصر في مصر من عامين الي (18) سنة .. إننا آثرنا إفساح المجال للقوي السياسية كي تقدم عطاءها عشما في أن تقدم ما يفيد الوطن والشعب وبالرغم من قناعتنا بأن أهل السودان لا ينتظرون إنتقال ديمقراطي من أحزاب اليسار والعلمايين علي رأسهم (الشيوعي + البعث) لأن فاقد الشئ لا يعطيه .. إننا في المؤتمر الوطني آثرنـا كل ذلك لأجل تخفيـف غلواء المعارضيـن وقصدنا بذلك أن يلتحم الشعب السوداني مع الحقيقــة ويتعرف عن قرب علي حقيقـة الطبقـة التي إنفردت بالقرار الوطني وحكمت بإسم الشعب السوداني دون تفويض إنتخابي ودون أن يراعوا أن السودان ملك الجميع .. ولم يلبث وقتا طويلا الا وكان الشعب السوداني علي موعد مع الحقيقـة المرة حيث أن المجموعة التي تحكمت في مفاصل الدولـة قد أفسدت بخطابـها الإقصائي أجواء التوافـق السياسي والتسامح الحزبـي والإجتماعي والتلاقح الفكري وزادت المعاناة ودفع المواطن السوداني فواتيـر باهظـة الثمن لمواقفـه الأوليــة المساندة لهم وأصبحت الحياة والمعاش جحيما لا يطاق وإنهارت الخدمات الضرورية بسبب سوء التخطيط وهنا نسأل أين ذهبت الترليونات من الجنيه السوداني وهل تو فر التعليم ..؟ حيث عجزت الحكومة لأول مرة في التاريخ عن طباعة المنهج من الكتاب المدرسي كما لم تنشأ فضلا واحدا ولو من المواد المحلية وتراجع التعليم العالي وتعطلت الجامعات وتراكمت الدفع وخلال الثلاثــة سنوات الماضية لم تخرج الجامعات الحكومية ولا طالبا واحداً وتسرب الطلاب من جامعة الخرطوم (الجميلة ومستحيلة) الي اكمال دراساتهم بالجامعات خارج السودان والخاصة داخليا وتفيد الإحصائيات بأن (34000) طالب سوداني هاجروا لإكمال تعليمهم الجامعي في مصر أما في مجال الصحة لم تستطيع الحكومة الإنتقالية إنشاء شفخانة صغبرة وقد شهدنا موت المواطنين داخل سياراتهم امام بوابات المستشفيات بحثا عن الدواء وأصبح الحصول علي الدواء المنقذ للحياة من المستحيلات كما تم زيادات الاسعار حتي اصبح السودان صاحب الأرقام القياسية علي مستوي العالم فالبترول كمصدر للطاقة ومحرك للإقتصاد زاد سعر الجالون بشكل تراكمي من 28 جنيها حتي اصبح (3000) زيادة بنسبة 11570% خلال أقل من ثلاثة سنوات ـ وبات الجميع يتسائل أين ذهبت أموال رفع الدعم عن البترول والكهرباء والخبز ..
المواطنون الكرام ..
أما العملة السودانية فقد فقدت 90% من قيمتها بسبب قرارات الحكومة الكسيحة التي أمرت بزيادة عرض النقود بطباعة عملة حيث كانت الكتلة النقدية المتداولة في العام 2018م (430) مليار اصبحت 689.8 مليار ثم الي 1302مليار عام 2020م ثم الي 3296 مليار عام 2021م وبذلك إن الحكومة الإنتقالية مسؤولة عن إفقار الشعب وقطعا لا يمكن ترك كل هذا الفساد المالي و الإداري بدون محاسبة ولن نرضي نحن ولا الشعب السوداني بأن تتجاهل السلطة الإنتقالية كل هذا الفساد والفشل السياسي والتردي الإقتصادي وإنهيار الأمن والتفكك الإجتماعي وكل هذه الجرائم في حق المواطن السوداني عبر صفقة سياسية أو تحقيق مصالح حزبية ضيقة وإننا نطالب بمحاسبة كل من كان سببا في إفقار الشعب السوداني وعن الأرواح التي أزهقت بسبب التعدي علي الحريات وقتل المتظاهرين والموت بالحبس خارج الأجهزلة العدلية عن طريق لجنة سياسية مكونة من عناصر أحزاب معروفة بقهر المنافسين السياسيين والتعامل معهم كأعداء ولن يتحقق العدل إلا بمعاقبة كل من تسبب في الفقر والجوع والمرض والفصل التعسفي عن العمل وقطع أرزاق ومعاش الأسر المتعففة أو سرقة دخول المواطنين من قبل القوي السياسية التي أمرت بزيادة عرض النقود ..
أيـها المواطنـون الشرفاء ..
إننا نطالب بإتخاذ إجراءات ووضع برنامج إقتصادي عاجل لمعالجة قضايا معاش الناس وتوفير الخدمات الضرورية وإيقاف هذا التدهور الوطني المريع وقفل منابع تغذيـة خطاب الكراهيـة والتنازع السياسي الذي لا يقود إلا لإتجاه واحد وهو هلاك الوطن .. وعلي الرغم مما بذلنـاه من جهود صادقة ومثابـرة في الترويج لمبادرة المعارضة المسانـدة وتسويـق الحوار إلا أن ذلك وجد تعنتاً وعدم قبول لمجرد الفكرة ناهيكم عن جوهرها لأن الغربيين والبعثـة الأمميـة بقيادة فولكر بيرتس قد إستغلوا غياب الرؤيــة المركزيـة للحريـة والتغيير ووظفوه في معركتـهم ضد السودان كوطن ذلك لأنهم لا يريدون هذا المسار الوطني الحر والمستقل ولا تعزيز مناخ الحوار و الحلول الداخليـــة وقد كشفت كل الإشارات أنهم بذلك يحاربون الشعب السوداني في المقام الأول ويستغلون التنوع والتعدد للفرقـة ولتوظيفـه مع الوضع الجديـــد لا أن يكون معززا للوحدة والتضامن بين السودانيين كما أن الإستهداف الأكبر برز في إهمال معاش الناس حيث تسببت إجراءات الحكومة الانتقالية وإتباع برامج البنك الدولي في توسيع دائـرة الأزمات التي عانتـها بلادنا خلال الثلاثـة سنوات الماضية ولم يقيض الله لمشروع المعارضة المساندة أن يستمر لدوافع وأسباب كثيرة بعضها ذكر وبعضها تعلمونه ولا داعي لتكراره وكان أبرزها تصميم الوثيقـة اللا دستوريـة علي أساس العزل و الإقصاء لا علي أساس التماسك الوطني حيث توافقت مجموعات سياسيـة صغيرة الحجم وقليلـة الأثر علي إبعاد الأكثرية المؤثـرة الفاعلــة وإضطهادها لذلك فشلت الحكومات الإنتقاليــة في الاستجابــة لقضايا الوطن الجوهريـــة وهنا لا تكتمل الصورة دون المرور علي علاقات تيارات وأحزاب منظومـة الحرية والتغيير وصراعاتـها الايدولوجية والفكريـة الصامتـة وتقاطع مصالحها الضيقـة فضلا عن محاولات غربيـة ودوائر مخابراتيـة إقليمية تعمل علي إبعاد الدين عن الحياة في السودان وهدم الهوية الإسلامية ومسح أثر الشخصية السودانية القويـة والعمل علي اعادة تشكيل الحياة السياسية والإجتماعيـة من جديد بشكل يتماهي مع خدمـة المشروع الدولي الذي يهدف الي تقسيم السودان الي دويلات ورميـة في حضن العلمانيـة في جهل فاضح للواقع السوداني والنسبـة الغالبـة للملسمين ذلك أدي إلي إنهيار الفترة الإنتقالية وتعثرها وقرارات 25 إكتوبر التصحيحــة التي أنهت الشراكة بين المكون العسكري وما يسمي بقوي الحرية والتغيير منصة التأسيس ..
المواطنـون الأوفيـــاء ..
إن القضية لم تكن بالنسبة للمؤتمر الوطني مجرد صراع حول السلطة ينتهي بالإستيلاء عليها غير أن الأمر متعلق بمنظومة السياسات الكلية لمجابهة قضايا الوطن بما يتوافق مع أهداف الألفية التنمويــة والتحدي الكلي للسياسات الإقتصادية وإستدامة النمو فضلا عن حقوق المؤتمر الوطني الأساسية ومطالبــه كتيار سياسي وطني في أن يكون جزءا من الحركـة السياسيـة الوطنيـة وعضوا فاعلا فبها وفي هذا لا يقبل المؤتمر الوطني بأي حال من الأحوال الإعتداء علي حقوقـه الدستوريـة والإستيلاء علي دوره وعزلـه عن المساهمة في تحقيـق تطلعات شعبــه وأياً كانت الدوافع لا يقبل المؤتمر الوطني أن يجرد من حقوقـه القانونيـة المشروعـة التي منحتها لـه كل القوانين المحليـة و الدولية ولن يسمح لعملاء الخارج أن يسلبوا حريــة عضويته وحقهم في التعبير ومنعهم من أن يكونوا جزءا من أي حراك ونقاش يتم خلال ما تبقي من الفترة الانتقاليـة حول الدستور أو أي ترتيبات وتشاور سياسي بهدف ميلاد ميثاق سياسي وطني جديــد مع الإلتزام بعدم المشاركة في اي حكومة غير منتخبـــة غير ذلك فإن المؤتمر الوطني قادر علي مواجهـة كل التحديات وهزيمـة كل المخططات ضده بعزيمة وصبر ومصابـرة ومرابطــة .. لقد آثرنا الصمت وتحملنا الأذي خلال الفترة الماضيـة ليس ضعفا ولا هوانا ولكن عشما في أن تكون الفرصة سانحة للانتقال بالوطن الي مرحلـة أفضل وأن تؤسس لسياسات تغيير هيكلي وإستكمال كل السياسات الإيجابيـة التي أوصلت بلادنا الي محطـة التحول المنشود ولكننا اليوم وبعد أن تأكدنا أن عملاء الخارج لا يبنون وطنا ولا يريدون تحولا ديمقراطيا بل تآمروا علي السودان ودمروه إقتصاديا وإجتماعيا وكما هو معلوم أن أحزاب البعث والشيوعي في تأريخهم البعيد والقريب لم يشيدوا صرحا للديمقراطية في اي بلد من بلدان العالم فضلا عن فشل الحاضنـة السياسية للحكومــة الإنتقالية (الحرية والتغيير) في كل مهام ووظائف الحكومات الإنتقاليـة المتعارف عليها كما أن الحرية والتغيير لم تقدم مشروعا سياسيا وطنيا يجمع أهل السودان علي القواسم المشتركة ويلبي طموحاتهم في معادلة الإستقرار ويحقق آمال شبابـه وشاباتـه سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا ..
المواطنـون الكــرام :
إن الفرصة كانت كافيـة للسودانيين أن يتعرفوا علي حقيقـة هؤلاء إما أن ينجحوا ويعبروا أو يفشلوا ويتركوا المجال لغيرهم كي يعطي وبحمد الله كانت فرصـة علم فيها الشعب السوداني مصيره وقد توصل الي قناعات أن القوي السيـاسيـة والأحزاب التي تماهت في الماضي تارة مع المتمردين وتارة أخري مع التدخلات الخارجيـة في الشأن السوداني وعملت علي تزكية خطاب الهامش وشردوا المئات وقتلوا الآلاف وتسببوا في سحل البسطاء في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفات ودفعوا بالمئـات ليعيشوا في مدن الضياع هجرة ونزوحا لا يمكن أن يغتسلوا من كل هذه الأدران ويعودوا إلي رشدهم ويستجيبوا لمطلوبات الوطن وتحقيق السلام ..
الموطنـون الشرفـاء :
أياً كانت تصوراتنا للنتائج التي إنتهي اليها الوضع في السودان بعد 11 أبريل 2019م إلا أننا لم نكن نتصور بأن هؤلاء ( القحاتـــة )كاذبون لهذا الحــد ولا توجد أرضية مشتركة بينهم والشعب وبينهم والقوي الوطنيـة الحيــة من أجل الحوار والانتقال الديمقراطي السلس كما تاكد لنا بان هؤلاء غير مستعدين لمجرد تطوير تجربتـهم وإحداث المراجعات عليها وانهم إكتفوا بخدعـة الشعب السوداني بشعارات جوفاء وأن جميع مكونات الحريـة والتغيير غير مهيئة للعمل من أجل الوصول بالأوضاع في السودان الي حال أفضل وعطفا علي ذلك كله فقد قرر المؤتمر الوطني أن ينهض بمسؤولياتــه الوطنيـة ويساهم مع مع كل المخلصين لأجل إيقاف هذا التدهور الإقتصادي والسياسي المريع إدراكاً لمتطلبات الخروج من الأزمـة ووعياً بالعمل المشترك لإنتاج أفكار وسياسات تكون علي درجة من المقبوليـة وتصبح أرضية هاديــة للعبور ببلادنا من علل الحريـة والتغيير إلي أفاق التنميـة والتطور والنهضة الشاملـة ..
الشعب السوداني الأبي :
إن المؤتمر الوطني يؤكد قناعتـه بأن الشعب السوداني يدرك مكامن مصالحـه الحقيقـية وعناصر وآليات تحقيقها كما أن المؤتمر الوطني يجدد قناعتـه الراسخة بأهميـة تقويـة لحمــة المؤسسات العسكريـة كافـة وعدم جرها لمعارك إنصرافيـة لإستنزاف قدراتـها وقدرات الوطن كما أن المؤتمر الوطني سيقف بصرامة من أجل إيقاف كل أشكال المؤامرات والاستهداف للقوات المسلحة والقوات النظاميـة الاخري .. وفي نفس الوقت يؤكد المؤتمر الوطني حرصـه علي السيادة الوطنية وحمايتها من اي تدخل أجنبي إقليميا كان أو دوليا ومناهضة كل اشكال التغبيش ومحاولات فرض القرار الخارجي سوا كان بالضغط المباشر أو غير المباشر أو توجيـه الإعلام والتمويل لتغيير الولاء السياسي الوطني ونطالب بتدابير فاعلـة تبطل كيد الكائدين ..
وفي الختام لا ينكر الا مكابر ما قدمـه المؤتمر الوطني من إنجازات خلال الثلاثـة عقود الماضية في شتي مجالات الحياة وربما تكون دون طمحات الشعب السوداني لكنها تظل رصيدا سياسيا للذين أنجزوها وسهروا عليها وسيسعي المؤتمر الوطني إلي تعزيزها و لهزيمـة كل محاولات جعلها خصما علي تجربته السياسيــة كما يجدد المؤتمر الوطني وقوفـه مع كل فئات الشعب السوداني ومع رفع المعاناة عنهم والعمل بقيادة واعية وبعزيمة أهل السودان في تحقيق إنجازات كبري تضاهي سد مروري وثورة التعليم العالي التي تحققت في ظروف غايـة التعقيـد ونحن علي يقين بأن اللحظـة الراهنـة التي تعيشها بلادنا تشكل فرصـة نحو الإنطلاق لفجر جديــد تكون فيه بلادنا أكثر قوة ومنعـة ورخاء إذا أحسن توظيفها بشكل سليم وتمت إدارة تحدياتـها برؤيـة وطنية سديـدة ..
والله ولي التوفيــق