الخرطوم : الراية نيوز
محمد أبوزيد كروم يكتب :
هذا الصراخ لن ينفعك يا حميدتي!!
الفريق أول محمد حمدان حميدتي حالة تستحق الوقفة والدراسة بشكل مختلف بعد تصدره للمشهد في انقلاب أو تغيير اللجنة الأمنية لنظام البشير ..
برز حميدتي كفاعل في مشهد تغيير البشير بشكل أساسي وبصورة تبدو أكثر حضورا من الآخرين كالفريق ابنعوف وحتى البرهان فدائما ما كان الرجل يتصدى للمشهد تارة بحجة حماية الدولة وتارة بحجة حماية الثورة فحميدتي لا يتورع من التحول في الولاء والمواقف حيثما كانت مصالحه وحيثما كان أمانه في لحظة دونما اي اكتراث.. فالمواقف المتعددة اثبتت أن ليس للرجل ثبات أو كثير وفاء ..
ارتفعت وانخفضت أسهم حميدتي خلال الثلاث سنوات الاخيرة ما بعد التغيير منذ ابراز قوى الحرية والتغيير للافتة الكبيرة أعلى النفق ايام اعتصام القيادة ( الراجل الضكران الخوف الكيزان) ثم التحولات الكبيرة وليس انتهاءً باتهامه بفض اعتصام القيادة أو حتى حسمه لقرارات الخامس والعشرين من اكتوبر التي طويت صفحة قحت البائسة.. هكذا تقلبات الرجل..
لحميدتي ما يخاف عليه من مال وقوة ممتدة وتعقيدات تاريخية بالضرورة لن تنهيها اتفاقية جوبا المثقوبة فحميدتي ليس كالبرهان مثلا خفيف الحمولة يستطيع بعد نهاية مهمته الاسترخاء ببلدته قندتو بنهر النيل وسط المزارع والحقول.. هذا إن خرج البرهان من الحكم بسلاسة.. فالأمر مع حميدتي أكثر تعقيداً، ولكن من ينصح الرجل الذي يقاتل ٢٤ ساعة من أجل البقاء والديمومة والدوام لله وحده ..
سأذكر بعض المواقف العجيية والغريبة لحميدتي ثم اختم بنصحه ليته ينتصح.. يظن حميدتي من فرط بساطته وعدم خبرته ومن سيولة وهشاشة المشهد السوداني ما بعد تغيير ابريل أنه يستطيع التحكم في السودان عبر المال والقوة ولأن الرجل قليل الخبرات والتجربة صدق ذلك وظل يعمل له .. ولكنه لا يعلم أن هذه البلد صعبة وقاسية.. هذا السودان به من القوى السياسية يمينها ويسارها وقوى مختلفة يعملون في السياسة منذ الاستقلال وقبله يملكون من المكر والدهاء ما يجعل تخطيهم أو استبدالهم بقوى جديدة أمر مستحيل .. والدليل على ذلك أن كل الانقلابات العسكرية التي تمت في السودان جاءت بغطاء سياسي مدني من مايو نميري وحتى انقاذ البشير إلى انقلاب اللجنة الأمنية على البشير ورأينا كيف رتب صلاح قوش وابنعوف المشهد لإنهاء حقبة البشير وهذا بحسب تصريحات القيادي الشيوعي صديق يوسف قبل أيام بأنه قابل بن عوف وقوش في معتقله قبل أشهر من سقوط الإنقاذ وهم يرتبون للمشهد الجديد .. هذه واحدة..
الأمر الثاني .. وضع حميدتي بكل تناقضاته لن يكن مصدر قوة له مستقبلا إذا لم ينتبه لذلك فالقوات والأموال التي يملكها لن تحقق له ما يريد إذا مضى في ذات الطريق.. طريق الحلم غير المشروع بالطرق غير المشروعة .. فعليه أن يقرأ التاريخ القريب والبعيد ولو كان هذا ممكنا لما انقلب هو ومن معه على البشير الذي كان يتحكم فيهم جميعاً..
ظل حميدتي كثير الظهور والحضور خلال الفترة الأخيرة وخاصة خلال شهر رمضان في الافطارات المختلفة التي نظمها لإرسال الرسائل المختلفة ولا جديد في ذلك.. ذات اللغة القديمة غير المنتجة ..
اخر ظهور لحميدتي كان في معايدة حاكم اقليم دارفور مناوي بمنزله بالمهندسين وفي حضور قيادات دارفور في مستويات الحكم المختلفة .. فإستدعى حميدتي ذاكرته القديمة لمخاطبة الحضور حسب الحاجة!! عندما استمعت لخطاب حميدتي تذكرت خطاب سابق له في مناسبة مشابهة قبل أكثر من عام في تأبين أحد قيادات حركة مناوي نفسه وبحضور قيادات دارفور وهو يقدم ذات الخطاب الجهوي البائس ويقول لهم أن المشكلة في الكرسي نمرة اثنين الذي يجلس عليه.. يقول حميدتي ذلك لأنه مشغول ومهموم وفرح بالكرسي رقم اثنين.. بل يردد ذات العبارات القديمة في أنه هو من اسقط البشير ويعيد حكاية مشاهدة البشير لمبارة كرة القدم لحظة الانقلاب عليه لثقته في أن لا شي سيحدث ..سبحان الله حميدتي يردد ذات الحديث السابق بالكربون وبعد أكثر من عام.. ثم يزيد مباهياً جماعة اتفاقية جوبا بأنهم الان في وزارة المالية والحكم المحلي وحكام لاقليم دارفور والنيل الأزرق وهو بأسمهم في منصب الرجل الثاني الذي يدعي أن الاخرين يحسدونه عليه .. يقول حميدتي هذا الحديث العنصري الجهوي وهو يجلس على مقعد الرجل الثاني بل في كثير من الأحيان يبدو وكأنه الرجل الأول في هذا البلد المسكين .. وهو بحق لا يستحق هذا المكان ولا هذا الكرسي ولو لم يكن لأي سبب اخر فبسبب الذي قاله وهو يحاول استمالة قيادات دارفور لصفه في مشروع حكمه المنتظر وهذا مستحيل ويمكن أن نُفصل كيف أن هذا مستحيل لو لا ضيق المساحة..
يقول حميدتي هذا لقيادات دارفور ثم يقول حديث مغاير لأهل نهر النيل في مناسبة سابقة بأنهم مظلومون ومن استفاد من الحكم هم ابنائهم وليس هم ..وهذا أيضا حديث فارغ لا قيمة له ..
بينما حميدتي منفعلاً لإقناع الحضور بضرورة التوحد ضد العدو المتوهم ساق مناوي صاحب المناسبة الحديث لمجرى مختلف بعقل وهدوء وحكمة محترمة ناسفا هياج حميدتي بعد قوله أن سقوط الانقاذ ليس حلا لمشكلات السودان.. يا له من بارع مناوي وهو يكسر الزجاجة امام حميدتي الذي أرغى وأزبد ليذكرهم بفضله في سقوط الانقاذ وسجن البشير ومقعد الرجل الثاني الذي يجلس فيه بأسمهم ضد العدو المتوهم!!!
يا حميدتي لو كان الناس يفكرون بهذا الشكل وبهذه الطريقة البائسة لما خرجت عطبرة ضد ابنها عمر البشير ولما هتف الناس لدارفور امام القيادة العامة.. هذه اللغة كاسدة وغير منتجة وتجاوزها الزمن ..
اظن أن حميدتي لا يعرف وهو يتكلم بهذه البساطة مدعياً انتصاره لدارفور بكنس الحكم والمناصب من العدو الجهوي كما يروج لذلك ومن ولي نعمته البشير أن المقعد الثاني جلس عليه حسبو والحاج ادم وكبر وجلس التجاني السيسي على رأس السلطة الإقليمية لدارفور وعلي محمود في المالية وعبد الله مسار على رأس نهر النيل والحاج ادم في الشمالية وادم جماع في كسلا وغيرهم كثر من ابناء دارفور المحترمين المؤهلين في مواقع مختلفة ومتعددة في انحاء السودان المختلفة وكيف أنسى من هؤلاء الدكتور البار المحبوب عبد الحميد موسى كاشا.. والوطني الغيور صاحب الحكمة البالغة والوطني الغيور الدكتور محمد عيسى عليو نائب حاكم اقليم دارفور .. ثم يأتي حميدتي ليبيع هذا الكلام المجان وهو في مقعد الرجل الثاني!! هذه اللغة رخيصة ومرفوضة يا حميدتي .. وهي ذات اللغة التي كنت تخاطب بها المركز بالأمس لدعمك وتقويتك في حربك ضد اصدقاء اليوم بحجة الحرب العرقية في دارفور وأنت تعرف وهم يعرفون ذلك جيداً بالمصطلحات واللغة المتداولة في ذلك الوقت .. لن نسكت لك وأنت تحاول أن تروج لهذا العبث وهذه الفتنة لمكاسبك الشخصية ..
انني انصحك يا سيادة الفريق حميدتي بأن تضع الكرة أرضاً وتقرأ التاريخ وتنظر للمستقبل وتضع اقدامك في مكانها الصحيح وأن تمد ارجلك على قدر لحافك .. وأن تشرع فوراً في ترتيب أوضاع قواتك بدمجها في القوات المسلحة مع حفظ حقك ومكانتك كفاعل في المشهد الحالي وبذلك سيحدث دمج الحركات المسلحة وينتهي مسلسل الثمانية جيوش في السودان .فكل عضو مجلس سيادة جيش وللولاة في دارفور جيوش ولك جيش ثم تحدثونا عن السلام!! إذن ما الداعي لهذه الجيوش الجرارة!! وإن كان لك طموح فمكان ذلك صناديق الانتخابات لا الصراخ في المناسبات .. إن هذا الصراخ يا حميدتي لن ينفع أحد ولن يحل مشكلة..
محمد أبوزيد كروم..