محمد طلب يكتب : كل شئ ميسور والظروف سااااامحة

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

محمد طلب يكتب :

كل شئ ميسور والظروف سااااامحة

لم يعد الحال كما كان في زمن هذه الأغنية ولم تعد الظروف (سمحة) ولم يعد كل شئ موفوراً و ميسوراً وطفا على السطح كل مغمور وسادت الفوضى ومنطق البندقية

هكذا كانت اغاني الزمن الجميل تشابه زمانها في اليسر والسهولة و الحياة الخالية من الهموم … اغنية مصطفى بطران الرائعة (اترك الأحلام يا جميل واصحى) والمصنفة في الغناء السوداني ضمن اغاني (الحقيبة) جعلتني استغرق في نقاش مع احد الاصدقاء حول جملة وردت بهذا النص الغنائي وهل الجملة (المفيدة جداً) و التي تقول ( كل شئ ميسور والظروف سمحة) ام انها كانت تحكي عن (الظروف سااامحة) وانتفاء العوائق والتثبيط و أجد نفسي مع الأخيرة الا ان كلا المعنيين يسوقنا إلى المراد و سهولة الحياة وسلاستها وسياستها في بلادنا الحبيبة (المليون ميل مربع ) الذي كان قبل أن ينتقصه من انتقصه و اقتنصه

قطعاً هي اغنية جميلة وموضوعها في الغزل ووصف الطبيعة في معية المحبوب في أمسية من أمسيات بلادنا الرائعة
و العجيب في امر اغنية مصطفى بطران أن كثير من ابياتها يجعلنا نضع المقارنات مع الراهن أو إسقاطه على واقعنا الحالي و (نترك الأحلام و نصحى)… وفي ظل انتفاء الجمال الروحي و الفيزيائي و نجد أنفسنا قيد موضع معاكس ومضاد لكلمات الأغنية تماما… فعلى سبيل المثال يقول الشاعر:

النسايم لو غادية او رايحة
بى ندى الازهار و العبير فايحة

فالنسائم التي تهب من النهر الخالد هذه الأيام لا تحمل سوى روائح الغازات المسيلة للدموع (البمبان) وفي احسن الأحوال روائح حرائق الكمائن الكريهة أو حرائق اللساتك بأمر المغلوب على أمرهم (الثوار ) وانتفاء الجمال تماماً في سودان اليوم

اما وصفه لصوت الساقية بالحان النائحة

و السواقى تئن بى نغمة الحان صوتا كالنائحة

فنحن الان في زمن النواح الحقيقي على شواطئ النهر الخالد الذي ابتلع بفعل فاعل جثث الشباب اليافع في ليلة (فض الاعتصام) اما أصوات أنين السواقي فقد حل محله أنين أمهات يبكين بحزن عميق أولادهن وبناتهن و ادمت عيونهن في زمن القتل والسحل والاغراق لمحو آثار الجرائم الإنسانية وصوت الرصاص لا يتوقف فوق رؤوسهن ولم نعد نسمع

( البلبل ولهجتو الفصحى)

فقد أصبحت سماء بلادنا تحلق فيها طيور جارحة لم نعرفها من قبل واختلطت (اللهجات) بل أصبحنا نسمع (لغات) لا ندري من أين أتت فقد ولت ليالي الحب والجمال وانتفت الأخلاق السمحة التي كانت تميز أهل السودان وامتازوا بها

ولا يوجد من يعير كلام العقل والمحبة اهتماماً فالحديث أصبح للبندقية ذات الصوت المسموع فقد راح زمن:

عير كلامى معاك ياجميل لمحة
قوم معاى و ميل قامتك السمحة

لا يوجد من يعير الآخر أقل اهتمام الكل يريد أن (يبتلع) الكل ولا صوت يعلو على صوت الرصاص والبندقية هي صاحبة القرار في بلادي الجميلة
ليالينا لم تعد كما كانت… بيوتنا تعلوها الأسلاك الشائكة ونومنا أصبح نوم (الديك في الحبل) ونتوقع كل ما هو سيئ ولم يعد الليل هو ليل بطران وقصيده او بذاك الجمال:

شوف جمال الليل يا جميل اصحى
و اسمع البلبل و لهجتو الفصحى
وأصبحنا في (عز الليل) ساعة النسمة ترتاح علي هدب الدغش وتنوم (مساهرين) نحن والأسلاك والاشواك
وحالنا حال المغني مع التعديل (انا والاشواك في بعدك بقينا اكتر من قرايب) ونعني هنا نحكي عن ( بُعد) الأمن والأمان عن بلادنا الحبيبة
واحسب أن لسان حال كل اهل السودان يقول عن الليل ما قاله امرؤ القيس:

أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ

ام اننا أمام ذات اللوحة مع بطران (مُعدْل بنقطتين فقط)

منظر (الثوار) يغنى عن انوار ولى الظلام يمحى

و نظل نتعلق بالأمل و أن بعُد وان بلادنا أن شاء الله سوف تشهد قريباً وعاجلاً

كل شئ (موفور) والظروف سمحة
وساااامحة بالأمن والأمان والصحة والتعليم وفوق ذلك الاخلاااااااق

سلام
محمد طلب

الرايةكل شئ ميسور والظروف سااااامحةمحمد طلبمقال
تعليقات (1)
أضف تعليق