الخرطوم : السودان
محمد طلب يكتب :
بين المهاجر والاوطان والفتوشيني والشوفان وأم بقبق في السودان
كتبت مقالين سابقين عن الشوفان والبرنامج التلفزيوني المهتم بأمر الطعام وساقني ذلك لقصة وذكرى مع (الفتوشيني) وهو أحد الأطباق الإيطالية التي غزت عالمنا العربي بكثافة وهو طبق يعتمد على (المعكرونة).
بعد عودتي من الإمارات …..نحاول دائما واسرتي ان نكون بدرجة عالية جدا من المرونة حتي نستطيع تحمل الصدمات القوية وقد بذلت في ذلك استعدادا نفسياً عالياً جداً بدأ متدرجاً منذ ولادتهم بالامارات وعيشهم بها طوال سنوات عمرهم حتي عودتنا النهائية ….بدأت بالزيارات السنوية الطويلة فقد كانوا يقضون كل الاجازة الصيفية بالسودان حتي انتهى الأمر بالعودة النهائية ….. وهم الان (غبش) يقفون في صفوف الرغيف من وقت مبكر يخوضون معركته القاسية المشحونة بالانانية والفساد الأخلاقي والمهني والإنساني ….أصبحت الآن اكثر اطمئناناً عليهم فالمعارك تزدهم قوة وصلابة يعرفون كيف يدافعون عن حقوقهم…..أحيانا عندما يطول انتظارهم في الصفوف اقول لهم اتركوا مكانكم وتعالوا نبحث عن بدائل أخري فوجدتهم يبدعون في ذلك …علي الاقل مجرد اقتناعهم بأن هناك (بدائل متاحة) فهذا مكسب كبير في حد ذاته……… اليوم ونحن نلتهم (القراصة مع ام بقيق) وهذه لا يعرفها الكثيرون من هذا الجيل تذكرت خاطرة كتبتها قبل سنين وانا علي رأس عملي ….وربما اكون قد نشرتها على قروبات الواتساب الخاصة و لارتباطها بموضوع الأزمات نعد نشرها للجميع وكانت تحت عنوان
(انكشح الفوتشيني)
من صحراء بيوضة امتد صبرها ومن النيل اكتسبت العطاء…… بطول النخل تقف شامخة والابنوس الصلب عودها ….جذورها ضاربة في القدم ……. من الحضارة الكوشية ….. الي يومنا هذا ….حيث لم يبق من البشرية يومها الا سيدنا نوح عليه السلام ومن ركب معه السفينة حينها ….. وكوش هو بن حام بن نوح عليه السلام …اي قدم هذا!!!! …. واي حضارة هذه !!!!؟؟
حياتنا حيوات ….. اي انها اكثر من حياة واحدة
نسعي في الارض علي دورانها …… ولا نخشي السقوط …. نكتسب المعرفة … المال … الصبر …العطاء …ونختلط بالاخرين ….زوجتي شغوفة باكتساب مهارات جديدة ….واختلاط الثقافة … في المأكل والمشرب والملبس والعادة والتقليد ….ما يشبهنا ولا يعيبنا……. وتحب ان تسعدنا دائما …. لكنها ربما لا تدري ان منبع السعادة عندي ان اجد صحراء بيوضة وامتداد الصبر داخل (الشقة) وعطاء النيل يشمل الحي الاسمنتي …. فتمتد (البروش) في رمضان علي الاسفلت الصلد الجاف تطوعه وتلينه
بعد يوم من عناء العمل عدت منزلي لتقابلني بابتسامتها المعتادة …..اليوم (عاملة ليك باستا ) بادئ الامر اعتقدت انها ( باسطة ) فرحلت بخيالي لأيام (سلا) الخوالي …..وعندما فتحت فرن البوتجاز تفاجأت بغير (الباسطة) التي اعرفها ….شكلها ورائحتها توحي بانها شئ لذيذ …..فنهض ابني الصغير ليحمل عنها الطبق …..(يا ولد براحة… براحة… براااااحة ما تكشح الفوتشيني) ……(ياااااااخ يا ولد كشحت الفوتشيني) ……. قلت ضاحكا ومقهقهاً… بركة الكشحوا وبركة الكشحوا وبركة الكشحوا ,,,,,,, (فالكشح والولد والفوتشيني لا يجتمعان) ……و ما عيب القراصة مع ام بقبق؟؟!!
سلام
محمد طلب