الخرطوم : الراية نيوز
محجوب فضل بدرى يكتب :
ترسو البحر صددوه !!
-التغنى بالبطولات والأمجاد والقيم الراسخة، شائع فى تراثنا السودانى، وتجد اغنية (عجبونى الليلة جو ترسو البحر صددوه) مكانة خاصة فى نفسى، ربما لان اهلنا دوما ما (يكتوون بنيران الفيضانات) ففى كل موسم فيضان تتكاتف الجهود لدرء اثاره وتتريسه، قبل ان يغمر الاراضى،ويطمر المحاصيل، ويطمس المعالم، وكان الترس صاحيا، لا يغمض له جفن، وراكزا، لا تهتز فيه شعرة، ذلك قبل ان تشيع ثقافة (أصحى ياترس، وياراكز) !!
كانوا صاحيين بى فهم، وراكزين فوق نجيضة،لم يكونوا كهولاء!! فاولئك لا يعطلون معاش الناس بل يسهرون على حفظه، ولا يعيقون وصول المرضى للمشافى، بل يسعون لنجدتهم،(عجبونى ولاد الرحمن، قلعوا البدل والقمصان، ترسو البحر خيرصان)!! وكانوا يترسونه باجسادهم ايضا.
-فى احدى الفيضانات بالشمالية، زار الفريق عبدالرحيم محمد حسين وزير الداخلية، احد التروس، ووجد المياة تجرف، كل ما يلقى فيها من تراب، فنزل بنفسه فى الماء وطلب من الرجال ان ينزلوا معه ويكونوا الترس باجسادهم، ويردم البقية التراب، حتى استقرت الردمية فهتف الناس بعفوية يعيش عبدالرحيم، تسقط الحكومة !! يحكيها وهو يضحك حتى يشرق بالدموع،فقد كان هو الحكومة!! فك الله اسرهم.
-ثم أظلنا زمان القحاطة (الله يكرم السامعين) ورأينا الفيضانات والسيول تغمر مدنا وقرى باكملها،فى شمال السودان ووسطه وغربه ولا مغيث، ولا ترس!! لو ان هؤلاء الشباب المغرر بهم، وجدوا من يأخذ بيدهم الى حيث يوجد الفيضان، وتجرى السيول، ووظفوا طاقاتهم هذه المهدرة فى ترس شوارع الاسفلت، وخلع الانترلوك، واللافتات الضخمة، واعمدة الانارة، لاجادوا وأحسنوا، ولترسو البحر صددوه، لكن قحط (الله يكرم السامعين) لا تريهم الاماترى، ولا تهديهم الى سبيل الرشاد، فالسودان عندهم هو الخرطوم، والخرطوم عندهم هى باشدار- قبل واقعة ذات الطاحونة- وموقف شرونى، وشارع الستين وشارعين تلاتة!! والهدف عندهم هو كراسى الحكم، ولو كان ذلك فوق تلال الجماجم، واشلاء القتلى، ودماء الجرحى، بى كم بى كم بى كم قحاطة باعوا الدم!!
-والى اهلنا فى المناقل والجزيرة، ونهر النيل، ابشروا فان مع العسر يسرا، ان مع العسر، ومامن عسر غلب يسرين.