الخرطوم : الراية نيوز
إبراهيم عثمان يكتب :
عن التحفظ التأييدي !
▪️ البديهي أن الأحزاب الصغيرة هي الأكثر حاجةً إلى استمرار تحالفها مع الأحزاب الكبيرة، وبالتالي هي الأكثر حاجةً للتسويات والمساومات والتنازلات التي تحافظ على استمرار التحالف، وهي الأكثر حاجةً إلى التحفظات الجدية وتحفظات رفع العتب فيما لا يسهل الاتفاق عليه وتحتويه وثائق التحالف. وهي الأكثر حاجة إلى اعتبار المتفق عليه ثمناً معقولاً لتنازلاتها بخصوص غير المتفق عليه الذي يمثل أساس مشروعات الأحزاب الكبيرة ،
▪️ السؤال المهم الذي يجب أن يبحث الناس عن إجابته الشافية : لماذا تأتي وثائق التحالفات القحطية دائماً معبرة عن وجهات نظر أصغر أحزاب التحالف فيما يخص القضايا الحساسة كعلاقة الدين بالدولة مثلاً، على أن يكتفي “كبار” التحالف بالتحفظ الخجول أو الصمت ؟ هل للأمر علاقة بمراجعات جذرية أجرتها الأحزاب الكبيرة ولا تجرؤ على إعلانها بوضوح، وتريد من الحلفاء الصغار تحمل كلفتها أم له علاقة بإرضاء الخارج أم خليط من الإثنين، أم هناك تفسير آخر ؟
▪️ التصرف الطبيعي لأي حزب، خاصةً إذا كان كبيراً، عندما تحتوي وثيقة ما على ما يناقض أساس مشروعه هو أن يرفضها بحسم، ولا يكتفي بالتحفظ، لا يكتفي خاصةً بتحفظ “رفع العتب” الذي يهون من مخالفة المادة محل تحفظه لمشروعه، وبالطبع لا يجتهد في تأويلها تأويلاً حسناً يفرغ تحفظه من محتواه كما فعل الدكتور كمال عمر بالأمس عندما فسَّر الدولة المدنية بأنها لا تعني العلمانية وإنما ضد العسكرية .
▪️ يبدو أن الساحة السياسية تشهد ميلاد حزب أمة قومي جديد ممثلاً في تيار الأمانة العامة بالمؤتمر الشعبي، فهذا التيار يسير على درب حزب الأمة القومي فيما يخص بناء علاقة استراتيجية مع الأحزاب اليسارية والعلمانية الصغيرة، تقوم على غلبة مشاريع هذه الأحزاب مع الاكتفاء بتحفظات رفع العتب التي تؤول في النهاية إلى التأييد ..
▪️ لولا الممانعة من داخل المؤتمر الشعبي ربما كان تيار الأمانة العامة قد انتقل في خطوة واحدة إلى موقف حزب الأمة القومي الذي قطع أشواطاً وانتقل تدريجياً من تحفظات رفع العتب الباهتة إلى الصمت المتواطئ، إلى التأييد بلا أي تحفظ من أي درجة أو نوع .
▪️ تحفظات حزب الأمة المنهزمة كانت موضوعاً لمقال كتبته قبل أكثر من عام، وهذه بعض الملاحظات عليها وأعتقد أنها تنطبق على التحفظ الذي تحدث عنه تيار الأمانة العامة بالشعبي مؤخراً بعد تصاعد الانتقادات من داخل الحزب :
▪️ تحفظات باهتة لا تقطع الجسور ولا تبني الأسوار مع الموضوع محل الرفض، والغرص منها تخدير العضوية المحافظة .
▪️ يتبنى إسلامية لايت لا تزعج الحلفاء، ولا تجد حظها من الانعكاس في الوثائق التي يشارك في صياغتها، ليعترضوا عليها، أو ليردوا التحية ويكتفوا بالتحفظات الباهتة .
▪️ لا يُرجَى لنصره فكرة لا يرضى عنها الغرب، ولا يؤمَّل فيه للمساهمة في التصدي الفعال لنقيضها..
▪️ يتعاون مع حلفائه في هزيمة تحفظاته، فلا يتحسسون منها، ولا يساجلونه بشأنها ولا يساجلهم .
▪️ لا يلح الحزب ولا يعيد التذكير بتحفظاته بعد إعلانها أول مرة، ويوحي لعضويته ولحلفائه بعدم أخذها بجدية .
▪️ على عكس ما يقول المنطق وتحتم البداهة لا يدعم تحفظه بمواقف بقية المعترضين الجديين، وإنما ينتقل مباشرة بعد إعلان تحفظه الباهت إلى تقريعهم والتشكيك في دوافعهم ونواياهم !!
إبراهيم عثمان