دكتور ياسر أبّشر يكتب : قائدٌ أضاع جيشاً ووطناً

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب :

قائدٌ أضاع جيشاً ووطناً

تخيل يا صديقي بَشَراً يُخيّر بين الشيخ الطيب الجد الذي درس الشريعة والقانون بجامعة الخرطوم وعمل قاضياً ويتحدث الإنجليزية كأهلها ويعرف ثقافة الانجليز وقوانينهم وهو رجل كريم المَحْتَد، واتخذه الألوف قدوةً ومثالاً يهديهم السراط المستقيم، وجاؤه طوعاً ورغبةً، يُخيّر بين رجل كهذا وياسر عرمان الذي حادّ الله ورسوله يدين بالشيوعية ويحارب دينه ووطنه مع قرنق تارة ومع الحلو أخرى ومع غيرهم، ويتجسس لسفارات الغرب يبتغي نوالها ورضاها، وعرف عنه قتل المدنيين حتى حكمت عليه المحاكم كلها بالإعدام. تخيل بشراً يُخيّر بين هذين فيختار عرمان وسبيله!!!
الذي اختار سبيل الغَيّ هذا هو رئيسنا وقائد جيشنا عبد الفتاح البرهان.
وفي وقت يثور فيه الأحرار في بنين وفي النيجر وفي مالي على المستعمر الفرنسي ويطردونه، يتواطأ قائد جيشنا مع الشيوعي عبد الله حمدوك لتُبتلى بلدنا ببعثة أممية تمارس الانتداب علينا.
ويقول رئيسنا أنه سيطرد ڤولكر الذي تجاوز حده، ليذهب هذا التهديد أدراج رياح كذبٍ باردة. وهذا ليس جديداً عليه، فقد افترع وعود الزيف هذه أول أيام (الثورة) حين زعم أنه سيقيم انتخابات بعد ستة أشهر. ثم زعم في بيان رسمي أنه لن يفاوض قحت، وتعلمون ما يفعله هذه الأيام. وزعم بعد 25 أكتوبر مزاعم لا تحصى فلم نَرَ طِحْنَاً عقب جعجعته.
يا جيشنا أنت بالفعل مصنع الرجال وعرين الأبطال، الذين يعرفون أن “المجد تلده الجسارة” No guts ,no glory. بل كنت مستودع البلغاء والفصحاء كعمر الحاج موسى، وكنت مستودع المؤرخين يمثلهم عصمت حسن زلفو، وفيك أهل القانون ينوب عنهم مزمل غندور، وفيك كل طبيب نابه ونطاسي بارع وفيك المهندسون من شادوا صروح قيادة الجيش كعبد الرحيم محمد حسين، وأشادوا المعابر في نهر عطبرة في شرق السودان. أما الأبطال الفرسان فهم ألوف ألوف، وألوف منهم استشهدوا فداء وتضحيةً.
ما كذب علينا من رجال الجيش لا عبود ولا نميري ولا سوار الذهب ولا البشير. وشاد كل منهم صرحاً مادياً أو أدبياً. أمّا الكريزما والمهابة والتجلة فهم أصلها ومنبتها. وبأفعالهم قالوا لنا:
إن من يناضل ليجعل وطنه الأفضل بحق، هو الذي يحب وطنه بحق He loves his country the best ,who strives to make it best .
في 17 أكتوبر الجاري كتبت مجلة Military Watch ما نَصّه:
“ظل السودان – ولسنوات – يمثل البلد الأفريقي أو العربي الذي يُنتج دبابات قتال أساسية”
Sudan for years represented the only African or Arab country producing main battle tanks,
ومَن مِن السودانيين من لم يَرَ منتجاتنا الحربية في معرض دبي الدولي للمنتجات العسكرية، بما فيها القنابل الذكية؟ كان السودان مكتفياً من الدبابات والمدافع والرشاشات والبازوكا وال آر بي جي والقنابل الذكية، ويصدِّر للبلاد الافريقية بل وحتى للسعودية. ولقيت الدبابة البشير صيتاً فاقت به بعض الدبابات الروسية والصينية بشهادة تلك المجلة المختصة!!!
ولكن “وقعت علينا عيناً سودا” بمجيئ البرهان وأحبابه من وحوش اليسار، فتعطل إنتاجنا الحربي وشهدت بهذا الفشل المجلة المتخصصة المذكورة آنفا. وبلغ بهم العهر أن ارتموا في أحضان الموساد فأزاروها مصانعنا الحربية، فجاست خلالها، ليُكشف سرنا.
هذا علماً أن كنتكي فرايد تشكيكن KFC تقيم الحصون وتُخبّئ خلطات وجبتها من عيون البشر، وهؤلاء يكشفون أسرار سلاحنا للموساد. هل سمعتم بمثل هذا في أي بلدٍ، سواء في الملة الأولى أو الآخرة؟؟!! ألا لعنة الله على العملاء.
تحدث البرهان عن ضرورة تنقية الجيش من كل سياسي، لكنه كان متحيّزاً انتقائياً. وهذا التحيُّز جعلني أوقن أنه كان بعثياً ومشاركاً في انقلاب البعثيين كما يُشاع، لأنه من بين كل الانقلابيين الذين قتلوا مَيّز قتلى البعثيين دون سواهم فأعاد إليهم رتبهم ورقّاهم وعوّض أسرهم ولم يفعل ذلك مع كل الآخرين. ثم إنه جعل البعثيين من أكثر من وُظّف دون استيفاء ضوابط التوظيف، وظلموا خلق الله وسرحوا في أموال الناس التي صادروها، حتى بلغت جملة اختلاساتهم في قطاع الدواجن وحده ثلاثة ترليونات. ثم أرسل العطا يسترضيهم وهم خلف الجدران بعد أن أُكْرِهَ على اعتقالهم. وظل السنهوري خليله لسنوات ولم يحاكمه على تدبير انقلاب البعثيين. ترى أي قانونٍ هذا الذي يفاضل بين المواطنين!!! وما صدّهم عنه إلّا دابة القانون تأكل مِنسَأتهم، فتعتقل وجدي الذي ما كان صالحاً.
من عجائب البرهان أنه يجالس ويتقرب إلى من يسيئون للجيش، ومن جندوا الصبية ليهتفوا ضده “معليش معليش ما عندنا جيش” ويسبونه هو نفسه قائد الجيش، والأسوأ والأخطر يتواطؤون مع الغربيين الذين يسعون لتفكيكه. هؤلاء يتفاخرون بكل الجهل والصفاقة بعمالتهم للسفارات “سفارة سفارة” وهو ما يقود للمحاكم في كل العالم، ورئيسنا لا يُحرك كوب الماء الذي أمامه، دع عنك تحريك قضية ضدهم!!
بيّنٌ الاستسلام السلبي Passiveness في شخصية البرهان، فهو أحياناً مخزنجي يحرس بضاعة لا يهمه ما يصيبها، بلا أدني تفاعل أو انفعال. يبدو الرجل هنا بغير استعداد للتصدي لشيء، كمن لا يدري أن من لا يتصدى لأي شيء يسقط للا شيء.
لكنني لا أعتقد أن البرهان مُذعِن لكل الضغوط. هو يختار بروح تآمرية ما يخضع ويُذعِن له. فهو يرتاح لضغوط الغربيين وأحزاب اليسار الصغيرة التي تستهدف الهوية وثقافة الأكثرية، لذا لم يحرك ساكناً ضد تعيين مسؤولة النوع وفواحش قوم لوط، أو قفل إذاعة القرآن، أو قوانين تسهيل الخمور والزنا. يرتاح لإذعانه لقحت الصغيرة الأولى ويتآمر على مبادرة الطيب الجد المدعومة جماهيرياً ويرتاح لمبادرة شيخ الجعلي المصنوعة بأموال حميدتي ودعم الأقلية العلمانية.
أمّا معاناة الجنود والضباط والفاقة التي ضربتهم بعد أن اعتلى هو المنصب الرفيع، فليست من أولوياته، مادام يستمتع بمخصصاته المليارية!!!
أما موقفه من مليشيا حميدتي وتجاوزاتها فمما يُحار فيه. لا أدري أهو تآمر معه أم خوف منه ؟؟ أم تُراه لا مبالاته الانتقائية التي وَسَمَتْ شخصيته !!!

دكتور ياسر أبّشر
————————————
18 أكتوبر 2022

دكتور ياسر أبّشر يكتب : قائدٌ أضاع جيشاً ووطناً
تعليقات (0)
أضف تعليق