محمد طلب يكتب :
(الظافر) و(المضفور) في (الوصية)
ذكرت في عدة مقالات وما زلت اكرر ان الغناء سجل تاريخي عظيم لحركة المجتمع و يصورها بشكل بديع يرتقي وقد يهبط مع الحركة المجتمية ويعبر عن حاجاتها الذاتية وارتباطها بالاخر ويساهم في الارتقاء بالذوق العام وارتباطاته الوجدانية او الهبوط بها او معها و اسميت ذلك بوعي وقصد مني او بدونه (الاضطراب الوجداني للشعب السوداني) اذ ان ذلك التارجح بالاغاني والمعاني خلق نوع من الاضطراب الوجداني لمجموعة ما انتقلت منها (العدوي الوجدانية) لعموم الشعب السوداني..
والاضطراب الوجداني كما يعرفه علماء النفس
بالنسبة للافراد المرضي به انه :-
(عبارة عن اضطراب مزمن ومتوارث, ويتميز بتقلب (الحالة المزاجية) بصورة غريبة, فضلاً عن الاكتئاب والهوس أو تناوب الاثنين في حياة المريض)
ولعل امر التناوب هذا يحتاج لوقفة وهو تناوب حالات متناقضة المضامين مثل نوبة الضحك والبكاء ( ولا نريد الدخول في دهاليز السياسة وتمثيله بالتناوب المعروف عندنا منذ استقلال البلاد الي يومنا هذا)
وطالما الامر جعلنا نتطرق لتعاريف مصطلحات علم النفس دعونا نطلع علي تعريف مصطلح اخر مهم وهو اضطراب السلوك
الذي يعرفه علماء النفس
علي انه :-
( اضطراب يتم تشخيصه في مرحلة الطفولة أو المراهقة ويظهر من خلال نمط متكرر ومستمر من السلوكيات التي ينتهك فيها الحقوق الأساسية للآخرين أو الأعراف الرئيسية المناسبة للعمر، وغالبا ما يشار إلى هذه السلوكيات باسم (السلوكيات المعادية للمجتمع. وغالبا ما يتم اعتباره مقدمة لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع)
و لكن ما علاقة كل هذه الاصطلاحات العلمية بموضوعنا والعنوان ومقدمته المتعلقة بامر الغناء………. َ… لا ادري…..
ولكن دعوه هكذا ربما نجد له علاقة ما عندما نتقدم في الحديث والامر متروك لفطنة القارئ
با ختصار ولوقت قريب كنت اظن ان مصطلح (مضفور) خصوصاً في العلاقات الزوجية للرجل الذي (تقوده) الزوجة بانه مصطلح حديث نوعا ما ومرتبط بالمصطلحات الشبابية الي ان اتتني حالة تأمل لاغنية محمد علي عبد الله الامي
انت حكمة واللا اية واللا انسان
انت صاحي واللا نائم واللا طرفك من طبعو نعسان
الي ان يصل لقوله
انت ظافر انت( ضافر) اسود وفرسان والمعني
واضح وهو انتصار الانوثة والجمال و(الخلقةالاخلاق) علي( قليب رهيف بكاي) اشتهر به ( شعراء الحقيبة)و غيرهم الي ان اتي من اسموه شاعر( الندية) (بالوصية) القوية والتي لعب فيها (مان تو مان) في الخصام مع محبوبته( الجميلة ومستحيلة) رغم الاضطراب الواضح في النصوص المرتبطة بتلك القصة
التي تغني لها فيما بعد (فاصلاً وجاري واطي) قائلاً لو ( بهمسة لو ببسمة قول احبك)
وتحولت (الوصية) بقدرة قادر الي خوف…. و الغريبة ان الاغنية القديمة سارت في توازٍ مع الجديدة بعدما اصبح (المستحيل متاحاً) ولم تتحول (اوعي يا قلبي تنسي) الي (اوعي يا قلبي تقسي) بعد كل الاتي في( خوفي تنسانى)
(خوفي منك خوفى تنسانى وتنسى الليالى يا حبيبى اناخايف يا ما بعدك انسى حالى ابقى تايه والغرام يصبح
حكايه والامانى الحلوه دى الكانت بدايه تبقى اشواك فى طريقى فى النهايه يا حبيبى)
ولا ادري الي اي تصنيف يمكن وضع هذه الحالات المضطربة والمتناقضة ولم اجد تصنيفاً مناسباً او مكان اضعه بها الا قول الشاعر الغنائي احمد محمد الشيخ ا(لجاغريو) القائل
ﻧﺤﻦ ﺃﻭﻻﺩ ﺃﺑﻮ ﻓﺮﻛﻪ ﻧﻘﻌﺪ
ﻧﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﻔﻨﺎ
ﻓﻲ ﻟﻘﻰ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺩﺍئماً
ﻣﺨﺮﻑ ﺻﻴﻔﻨﺎ
ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺨﺮز ﺑﻨﻤﻼهو
ﻭﺑﻨﻜﺮﻡ ﺿﻴﻔﻨﺎ
ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻔﻮﻕ ﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﻐﻴﺮ
دائماً ﻣﺠﺮﺏ ﺳﻴﻔﻨﺎ
(بالله شوف علي كيفنا دي هييييع) هي الشرع والعرف والقانون والتي غالباً مايتبعها هوس (الله اكبر) اما الادهي وامر تحولت (اولاد ابوفركة) الي( اولاد بلد) عند عقد الجلاد وغيرهم من المغنين والمغنيات ولعلها اغنية تحتاج الي مقال تفصيلي اخر لبيان حال الفوضي والاضطراب العاطفي والقيمي والاخلاقي لدينا
ختاماً الشكر الجزيل لمجموعة (سمار البادية والقافية) التي اوحت لي بفكرة هذا المقال وخطوطه العريضة من خلال مناقشتها الجميلة لمقال ( الوصية)
سلام
محمد طلب