محمد طلب يكتب : الضحك في فصل البكاء

السودان

 

اواخر سبعينات القرن الماضي – المبني تبدو عليه هيبة المباني الحكومية – الشكل والنظام- حتي الالوان –فيها شئ من الكد والجد –الا ان رائحة الطبشور واصوات منتظمة تردد خلف صوت جهور ما يقول –تدلك علي انك امام مدرسة ابتدائية – حتي قبل ان تصل اللافتة الكبيرة النظيفة – فالمباني الحكومية متشابهة في ذلك الزمان
-الرقم 6 هو القاسم المشترك في هذه المدرسة –6 فصول من الاول الي السادس- في كل فصل 6 نوافذ – علي كل نافذة 6 خطوط نحتها نجار ماهر – داخل كل فصل 6 مقاعد طويلة علي الجانب الايمن واخري مثلها علي الجانب الايسر –بينهما ممر احسب ان طوله 6 امتار ايضا- وعلي كل مقعد يجلس 6 تلاميذ كما ان المواد المقررة في تلك المدرسة 6 مواد فقط – اما ما علق في ذاكرتي من معلميها فهم ستة وسابعهم بطل هذه الحكاية غير المضحكة وهو تلميذ من مجموعة صغار يرتعدون – فقد وقعت عليهم عقوبة الجلد –وذلك اليافع هزيل الجسم- يحمله 6 غلاظ – وهو يصرخ – الصغار عندما يسمعون صوت السوط وصداها فيزدادون رعباً – وها هو احدهم يقفز من النافذة يسابق الريح- المعلم ذو الملامح الصارمة غلق الابواب وقال الويل لكم – واحمد يحمله 6 غلاظ –وعندما سمعنا صدي صوت السوط السادس – اكتشف المعلم ان احمد (مردف) – والويل ل(المردف)- جُرد منها حتي بقي ما يغطي عورته – واخذ ذلك وقتا – تنفس فيه الاخرون قليلا – رُفع احمد مرة اخري وبطريقة اخري – علي الشباك يشده 6 غلاظ – نصفهم خارج الفصل- والنصف الاخر داخله – واحمد علي الشباك الوحيد المفتوح – ودمعه يبلل الارض خارج الفصل – ومخاط و (ريالة) – والمعلم يضرب ويصرخ (والله الليلة الا تبول ياكلب)- (مردف كمان) – واحمد يصرخ ويتلوي – والمعلم يتوعده- (والله الليلة الا تبول مردف كمان )-وصور كثيرة يصورها عقله الصغير – ويسأل نفسه ويلح –ايهما ارحم البول ام الاستمرار في هذا العذاب !؟ – شررررررررشررررر بُلتاااااا بولتااااااااا يا استااااذ – توقف المعلم عن الضرب تعلو وجهه ابتسامة بلهاء – وضحك كل الفصل بغباء – وخرج احمد للغسيل كما امره المعلم ولم نره بعد ذلك بالمدرسة اطلاقاً وبعد فترة غادر القرية نفسها وهاجر بلا عودة..

سلام
محمد طلب

الضحك في فصل البكاءمحمد طلب
تعليقات (0)
أضف تعليق