تقرير خاص : الخرطوم
تزايدت في الأونة الأخيرة وتيرة ظهور الإسلاميين علنا في مناسبات عامة أو مخاطبات جماهيرية وهم يوجهون نقدا صريحا للإتفاق الإطاري ويحرضون قيادة القوات المسلحة على عدم التوقيع عليه ، وهو الأمر الذي لم يتوقع أحد حدوثه من السياسيين في صفوف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بإعتبار أنهم كانوا قد أعلنوا باكرا عن تصفية الوجود الإسلامي في البلاد .
ومنذ إنطلاقة شهر رمضان المعظم حيث ينشط الإسلاميين في كل ولايات السودان ، أخذ السفراء الأجانب الذين تربطهم صلة ما بالإتفاق الإطاري ( بكل عيوبه المنهجية ) يتهامسون ويتبادلون التساؤلات ، خاصة أن الأعداد الكبيرة للإسلاميين في تجمعاتهم الإجتماعية التي تعتبر مؤشرا خطيرا يدلل على أن المستقبل سيكون لهم في حال أن أصبحت الإنتخابات العامة هي المخرج الأمن للسودانيين من هذه الأزمة وهذا ما لا يرغب فيه أحد من الأحزاب الموقعة على الإطاري لأنها أحزاب كرتونية بلا جماهير .
حسب مراقبين لن تجازف الولايات المتحدة الأمريكية التي حاول الفريق أول حميدتي وأعوانه من المدنيين غزو صحافتها ( نيو يورك تايمز ) وغيرها بالتصريحات والإستكتابات مدفوعة القيمة بساقط الفكر والقول ، بقبول تشكيل حكومة غير منتخبة تعمل على إقصاء ثلاثة أربع القوى السياسية الفاعلة في السودان لصالح طموحات قائد ميليشيا شبه عسكرية ومجموعة من السياسيين الذين لا يعرفهم الشعب السوداني ولا يجدون أدنى قبول في شارعه الملتهب يمينا ويسارا !!.
أظهر القيادى الإسلامي الشهير الدكتور محمد على الجزولي قدرات هائلة في مواجهة كافة القوى السياسية السودانية مستندا على ما أسماه بالصراع بين مشروعين أحدهما وطني والأخر أجنبي ، وهم – الإسلاميين – يرفضون الإتفاق الإطاري جملة وتفصيلا لأنه يكرس للإستعمار الغربي في السودان من جديد ، وقد إنتشر هذا الخطاب السياسي الجديد بين الأوساط السياسية السودانية التي بدأت تتشكك في نوايا أشخاص مثل ( طه عثمان وخالد عمر ومحمد الفكي وياسر عرمان وجعفر حسن ) تجاه مسألة تفكيك الجيش والسيادة الوطنية .
واللافت للنظر من الناحية الدبلوماسية أن سفراء بعض الدول الأوربية والغربية عامة وعلى رأسهم السفيريين البريطاني والأمريكي باتوا على يقين بفشل الإتفاق الإطاري في حلحلة الأزمة السياسية المزمنة في السودان ، وهذا ما فسرته ردة فعلهم التي جاءت دبلوماسية أيضا عندما عادا إلي بلديهما دون أن تصدر عنهما أي تصريحات حول فشل التوقيع على الإتفاق الإطاري في 6 إبريل الماضي ، ومن المؤكد أن الدبلوماسية الغربية لا تتغافل عن مخاطر تشكيل حكومة أقلية يعارضها الإسلاميين وهم يمثلون الكتلة الحرجة في البلاد .
ومن الملاحظ كذلك أن الفعاليات شبه اليومية التي ينظمها الإسلاميين في مختلف مدن السودان أصبحت تجذب لاعبين جدد في المشهد السياسي وتكمن خطورتها في أنها تعتني كثيرا بالأبعاد الإجتماعية للسياسة من حيث وظيفتها الأساسية ، وأن تواجدها بالفعل على الأرض بين الجماهير وفي وضح النهار يعد هزيمة نكراء لمشروع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير العلماني والإقصائي ، ونختم بالقول أن أكذوبة ( حل أزمة الحكم في السودان يأتي من الخارج ) مجرد هراء أو كما يقول الخطاب السياسي الجديد للإسلاميين .